شبكة قدس الإخبارية

لغز الورقة الضائعة بالجنايات!

يحيى اليعقوبي

يعلق الفلسطينيون أمالًا كثيرة على جهود السلطة الفلسطينية ومؤسسات حقوق الإنسان في المعركة القانونية لمقاضاة الاحتلال الإسرائيلي في محكمة الجنايات الدولية.

ولكن ثمة أمور مهمة لا يعلمها كثيرون من أبناء الشعب الفلسطيني عن المراوغة في هذه اللعبة، وكيف يتم تجاهل الطرق الرسمية لمحاكمة الاحتلال، وسلوك مسارات وطرق تستغرق سنوات طويلة.

هناك ثلاث طرق تنص عليها المادة 13 من نظام روما لفتح تحقيق جنائي فيما يتعلق بالجرائم المرتكبة في فلسطين وهي: أن يُحيل مجلس الأمن القضية إلى المدعية العامة للمحكمة الجنائية مثل ما حدث في ليبيا والسودان، وهذا لن يحدث نتيجة الانحياز الأمريكي لـ (إسرائيل) واستخدام حق النقض الفيتو.

والطريقة الثانية والأهم أن تحيل فلسطين القضية كدولة عضو في المحكمة إلى المدعية العامة وتطلب منها رسمياً فتح تحقيق، وهو ما لم يحدث إلى الآن، وهنا يكمن اللغز الذي يجب أن يعرفه الشعب الفلسطيني.

والطريقة الثالثة لفتح تحقيق أن تفتح المدعية العامة من تلقاء نفسها تحقيقاً كاملاً في قضية فلسطين وهذا يستغرق عدة سنوات، خاصة وأن النفوذ الإسرائيلي يتغلغل في المحكمة.

فكل الملفات التي سلمتها السلطة إلى المحكمة في "26 يونيو/حزيران 2015" التي تضمنت ملف العدوان الإسرائيلي على غزة صيف 2014، وملف الاستيطان في الضفة، وملف الأسرى في سجون الاحتلال، وملف عائلة دوابشة، وملف إرهاب المستوطنين.

وحتى ملف الإعدامات الميدانية التي سلمته السلطة للجنايات خلال العام الحالي،  تستند إلى مادة الولاية (12/3) وفق نظام روما الأساسي والذي يحث المحكمة على إجراء فحص أولي في الجرائم الإسرائيلية المرتكبة، فلم تقم السلطة بإرسال طلب رسمي للبدء بالتحقيق بل سلمت الملفات للمحكمة لحثها على إجراء تحقيق.

وهناك فرق كبير بين أن  تطلب السلطة رسميا من الحكمة فتح تحقيق، أو أن تقوم السلطة بإرسال ملفات إلى المحكمة، فالخطوة الأولى هي الخطوة الرسمية والمتعارف عليها لفتح تحقيق جنائي، أما الخطوة الثانية يستطيع القيام بها أي فرد أو مؤسسة حقوقية فلسطينية أو غير فلسطينية وليست لها أهمية مطلقا بالمحكمة نظرا لتغلغل النفوذ الإسرائيلي فيها المدعوم من الإدارة الأمريكية.

فرغم أن  الرئيس محمود عباس التقى بالمدعية العامة فاتو بنسودا في لاهاي في "30 أكتوبر/تشرين الأول"، لأول مرة منذ انضمام السلطة الفلسطينية إلى المحكمة في كانون الثاني (يناير) 2014م، لكنه أيضا لم يسلمها طلبا رسميا بالبدء بالتحقيق، ليكون التساؤل: لماذا تراوغ السلطة شعبها؟ أما أنها تريد إيهامه أنها تحاول مقاضاة الاحتلال وفي نفس الوقت ضمان عدم وجود عقوبات عليها من الاحتلال وأمريكا لأنهما يعرفان أنه لا جدوى ولا قيمة لمسار السلطة في الجنايات بهذا الشكل!؟

هناك لجنة وطنية عليا لمتابعة انضمام فلسطين إلى محكمة الجنايات الدولية يرأسها د. صائب عريقات وتضم  شخصيات فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، فلماذا لم يقدموا اعتراضهم حول سبب عدم الإحالة الرسمية للمحكمة من قبل السلطة؟

ويمكننا القول في النهاية إن الورقة القانونية التي تأمّل بها الفلسطينيون أن تحاكم قادة الاحتلال في الجنايات الدولية  ضائعة في أدراج النسيان والإهمال داخل المحكمة، وضائعة بين مصالح ونفود وتقصير من قبل المسؤولين الفلسطينيين حتى الآن، طالما لم تقم السلطة بتعديل مسارها القانوني في المحكمة.