شبكة قدس الإخبارية

دير ياسين... أول رصاص القدس وأمنع حصونها

هيئة التحرير

فلسطين المحتلة – قدس الإخبارية: كان الثامن من أبريل/ نيسان لعام 1948 يوما آخرا يشهد على عنجهية الاحتلال ودموية قادته، حين دخل على الآمنين في القرى الفلسطينية بالقدس المحتلة واستباح دماء أهلها وذبح منهم العشرات معظمهم من النساء والأطفال أسفرت تلك الجرائم عن استشهاد العشرات وجرح المئات وتشريد المتبقين منهم.

وفي فجر اليوم التالي حاصرت عصابات الاحتلال (الأرجون والشتيرن) بقيادة مناحم بيجين وإسحق شامير مع عصابات الهجانا القرية وحاولت اقتحامها لإدراكها أنها كانت الجيب الأقوى للمقاومة الفلسطينية في القدس المحتلة والحصن المنيع للمدينة إذ تقع على الطريق إلى يافا، وبما لا يتجاوز 5 كيلومترات من قلب القدس،

دير ياسين التي بلغ عدد سكانها قبل المذبحة حوالي 800 نسمة قاومت عصابات الاحتلال وبقيت صامدة لأكثر من 24 ساعة، بعزيمة أهلها وأسلحة قديمة من الحرب العالمية الأولى، غير أن كمية الذخيرة لم تكن لتكفي لأكثر من ذلك، فأقدمت قوات الاحتلال على إعدام أهالي القرية من المقاومين حين اعتقلتهم بعد نفاد ذخيرتهم، قبل دخولها للبلدة وذبح أهلها.

تفاصيل المجزرة

دخلت عصابات الاحتلال في فجر ذلك اليوم إلى القرية، حيث دخلت قوات الأرجون من شرق وجنوب القرية، بينما دخلت قوات شتيرن من الشمال ليحاصروا القرية من كل جانب باستثناء الجانب الغربي وليفاجئوا السكان وهم نائمون، وقد لاقى الهجوم مقاومة من سكان القرية في البداية وأدى إلى مصرع 4 وجرح 40 من جنود الاحتلال ..ولمواجهة صمود أهل القرية فقد تم قصفها بمدافع الهاون, ومع حلول الظهيرة أصبحت القرية خاليةً تمامًا من أي مقاومة, ثم قامت قوات الأرجون وشتيرن "باستخدام الأسلوب الوحيد الذي يعرفونه جيدًا وهو الديناميت"، وتم تفجير القرية بيتًا بيتًا, وبعد نفاد المتفجرات قاموا "بتنظيف المكان" من العناصر المتبقية من المقاومة عن طريق القنابل والمدافع الرشاشة؛ حيث كان يتم إطلاق النيران على كل من يتحرك داخل المنازل من رجال أو نساء أو أطفال أو شيوخ، وتم إيقاف العشرات إلى الحوائط وإطلاق النار عليهم بلا رحمة... وفتح الأعيرة النارية على القرويين كان دون تمييز بين رجل أو طفل أو امرأة ونفذت عصابات الاحتلال وعلى مدار يومين متتاليين أعمال تعذيب وقتل بشعة .. ومثل عناصر عصابات الاحتلال بالجثث بشكل بشع بقطع للآذان وتقطيع للأعضاء وبقر لبطون النساء وألقوا بالأطفال في الأفران المشتعلة وحصد الرصاص كل الرجال ثم ألقوا بالجميع في بئر القرية..

الضحايا

قتلت عصابات الاحتلال عشرات المزارعين الذين كانوا عائدين من أراضيهم في ذلك اليوم، ومعظمهم من النساء والشيوخ, وأسفرت المجزرة عن استشهاد 110 فلسطينيين من الأطفال والنساء وكبار السن، في واحدة من أبشع عمليات الإبادة الجماعية التي حدثت في النصف الأول من القرن الماضي، حيث كان عدد المدافعين لا يتجاوزون 80 شابا بأسلحة خفيفة.

من مشاهد المذبحة

من الصور المروعة التي حدثت في ذلك اليوم.. تلك السيدة التي كانت على وشك الولادة فدخلوا اليها فشقوا بطنها بالسونكى وأخرجوا أحشاءها وطفلها وذبحوه وقطعوا ثدييها ووضعوها في بطنها مع طفلها مرة أخرى ..

وفي ذلك الإطار أيضا فقد قاموا بذبح 27 امرأة على مصطبة واحدة، في دار لأحد المقاومين وألقوا بأحد المسنين والذي كان مشلولاً، من الطابق الثاني إلى الشارع إلى غير ذلك من الصور الدامية ..

وأُلقي بثلاثة وخمسين من الأطفال الأحياء وراء سور المدينة القديمة، واقتيد 25 من الرجال الأحياء في حافلات ليطوفوا بهم داخل القدس طواف النصر على غرار الجيوش الرومانية القديمة، ثم تم إعدامهم رمياً بالرصاص، وألقيت الجثث في بئر القرية وأُغلق بابه بإحكام لإخفاء معالم الجريمة. بينما قام أفراد الهاجاناه الذين احتلوا القرية بجمع جثث أخرى في عناية وفجروها لتضليل مندوبي الهيئات الدولية وللإيحاء بأن الضحايا لقوا حتفهم خلال صدامات مسلحة.

أهمية المجزرة في تاريخ الاحتلال

وكانت هذه المذبحة، وغيرها من أعمال الإرهاب والتنكيل، إحدى الوسائل التي انتهجتها المنظمات الصهيونية المسلحة من تفريغ فلسطين من سكانها عن طريق الإبادة والطرد.

وقد عبَّر قادة الاحتلال عن فخرهم بمذبحة دير ياسين، بعد 32 عاماً من وقوعها، حيث قررت حكومة الاحتلال إطلاق أسماء المنظمات الصهيونية: الأرجون، وإتسل، والبالماخ، والهاجاناه على شوارع المستوطنة التي أُقيمت على أطلال القرية الفلسطينية (جيفات شاؤول).

كانت مذبحة دير ياسين، ركنا أساسيا في تنفيذ خطة التطهير العرقي في فلسطين، ولولاها وغيرها من المذابح لما تسنّى إقامة الكيان الإسرائيلي.

وتأكيدًا لذلك؛ فقد أرسل مناحم بيغين رئيس حكومة الاحتلال الأسبق برقية تهنئة إلى رعنان قائد "الإرجون" المحلي قال فيها: "تهنئتي لكم لهذا الانتصار العظيم، وقل لجنودك إنهم صنعوا التاريخ في إسرائيل".

وفي كتابه المعنون الثورة كتب بيغين يقول: "إن مذبحة دير ياسين أسهمت مع غيرها من المجازر الأخرى في تفريغ البلاد من 650 ألف عربي، لولا دير ياسين لما قامت إسرائيل".