جنين – قُدس الإخبارية: يقبع محمد حسين عمارنة من بلدة يعبد قضاء جنين في الاعتقال الإداري، ليكون أحد الأسرى الإداريين الصغار الذين لا تتجاوز أعمارهم سن (18 عاما)، وهو ما يعتبره القانون الدولي آخر سنوات مرحلة الطفولة.
وأعدت مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان اليوم الثلاثاء "بروفايل" عن الفتى محمد عمارنة بعد تحويله للاعتقال الإداري دون تهمة ولا اعترافات، وذلك بعد أقل من شهر على اعتقاله.
الاسم: محمد حسين فتحي عمارنة
تاريخ الميلاد: 6/1/1999
التحصيل العلمي: طالب توجيهي
تاريخ الاعتقال: 2/3/2016
مكان الاحتجاز: سجن مجدو
مكان السكن: يعبد - جنين
الوضع القانوني: إداري 3 شهور
الاعتقال والتحقيق:
اعتقلت قوات الاحتلال الطفل محمد عمارنة فجر يوم الاربعاء 2/3/2016 من بيته في قرية يعبد قضاء جنين، حيث اقتحمت قوة كبير من جنود الاحتلال برفقة المخابرات الحي الذي يسكن فيه.
واثناء الاقتحام خرب الجنود وكسروا في بيوت أعمامه القريبة من بيته قبل ان يصلوا الى بيته، حيث خلعوا الابواب الخارجية، فتفاجأت عائلة محمد بوجود الجنود داخل البيت وداخل غرف نومهم، ومباشرة دخلوا الى غرفة نوم محمد، وبعد ان تعرفوا عليه تم تكبيل يديه، واقتادوه خارج البيت دون ان يسمحوا له بتغيير ملابس نومه، رغم توسل امه أن يسمحوا له بارتداء معطفه لأن الجو كان بارداً في الخارج.
نقل محمد في بداية اعتقاله الى مركز توقيف حوارة القريب من مدينة نابلس. بدأ التحقيق معه بعدها في مركز توقيف سالم بتاريخ 6/3/2016، وبلغت مدة التحقيق 39 دقيقة فقط، عرض على محمد شبهة تتعلق بكتابة منشور عبر فيسبوك يحتوي تحريضاً ضد أمن الاحتلال، أنكر محمد كل الشبهات المقدمة ضده، واكد انه لا يملك حساب فيسبوك، وان الصفحة التي عرضها المحقق عليه لا تخصه من قريب او بعيد.
مثل محمد امام القاضي العسكري في محكمة سالم العسكرية، ولم تتمكن النيابة العسكرية حتى تاريخ تمديده من تقديم أي تهم واضحة ضده، فقام القاضي العسكري بإعطاء النيابة مهلة 72 ساعة لتقديم اتهاماتها بحق محمد أو الافراج عنه. في هذه الاثناء نقل محمد الى سجن مجدو، وبتاريخ 14/3/2016 قام القائد العسكري للمنطقة بإصدار أمر اعتقال اداري بحقه لمدة 3 شهور.
الاعتقال الإداري
قرر القاضي العسكري رفائيل يميني" بتاريخ 16/3/2016 تثبيت أمر الاعتقال الإداري الصادر بحق محمد لكامل المدة التي طلبتها النيابة العسكرية، لاقتناعه ان الطفل عمارنة يشكل خطراً على امن دولة الاحتلال حسب ادعائه.
طالبت النيابة العسكرية بتثبيت الامر لكامل المدة لان "المعتقل قام بعمل ضد امن دولة الاحتلال"، وطبعا رفضت النيابة الإدلاء باي تفاصيل حول ماهية هذا النشاط وطبيعته، وارتباطه الزماني والمكاني متحججة بالملف السري.
وكشف الاحتلال بناءً على استفسار محامي الدفاع عن أن جزءاً من هذه الشبهات تتعلق بتحريض عبر حسابه على فيسبوك، رغم تأكيد النيابة انكار محمد بشكل تام لهذه الشبهات وعدم وجود مؤشرات على ارتباطه بتنظيم معين. ورداً على سؤال المحامي ما إذا كان اعتقاله الإداري مرتبطاً بالوضع الامني في المنطقة، كان جواب النيابة بالإيجاب.
زعم قاضي الاحتلال وبعد الاطلاع على المواد السرية ان محمد "يشكل خطورة، وانه قام بأعمال ضد الأمن لها طبيعة عسكرية، والمعلومات السرية توجب بقائه في الاعتقال رغم أنه قاصر. وان الاوضاع الامنية في المنطقة كانت أحد الأسباب الرئيسية التي دفعت القائد العسكري لإصدار قرار الاعتقال الإداري بحق محمد".
تثبت قضية محمد كيف يستخدم الاحتلال سياسة الاعتقال الإداري كأداة قمع وعقاب جماعي وانتقام وانتهاك لحرية الرأي والتعبير، حيث تستخدم النيابة العسكرية الاعتقال الإداري عند فشلها في إثبات تهم واضحة ومحددة بحق المعتقلين الفلسطينيين.
لم تثبت النيابة العسكرية مدى الخطر الذي تشكله كتابات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وقامت بالمقابل بتضخيم الأمر بالملف السري، ليصل في نهاية المطاف من منشور عبر فيسبوك الى نشاط ذو طبيعة عسكرية حسب ادعائهم. لم يتطرق القاضي لصغر سن المعتقل، أو انكاره الشبهات الموجهة ضده، وانه لا يوجد لديه أي سوابق امنية، ولم يكن معتقلا قبل ذلك.
يأتي اعتقال عمارنة ضمن حملة اعتقالات جماعية وعشوائية تشنها قوات الاحتلال على كامل المناطق الفلسطينية منذ بداية أكتوبر 2015 تزامنا مع الهبة الشعبية الفلسطينية، وطالت هذه الاعتقالات كافة فئات المجتمع الفلسطيني.
فبحسب مؤشرات ومعطيات مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان فإن هنالك ارتفاعاً ملحوظاً في أوامر الاعتقال الإداري، فمنذ بداية العام 2016 وحتى تاريخ 27/3/2016 أصدرت سلطات الاحتلال حوالي 403 أمر اعتقال إداري، منهم 218 أمر اعتقال إداري جديد، و185 أمر تمديدات لأوامر قديمة.
ويستخدم الاعتقال الإداري على نطاق واسع ليطال الأطفال والنساء، وخلال الفترة الماضية صدر العشرات من أوامر الاعتقال الاداري بشبهات تتعلق بآراء وكتابات عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وشددت اتفاقية جنيف الرابعة والمعايير الدولية الأخرى لإجراءات المحاكمة العادلة على منع استخدام الاعتقال الإداري كبديل عن المحاكمة، مما يدعو للتأكيد أن الاعتقال الإداري كما يستخدمه الاحتلال هو اعتقال تعسفي ومنافي للقوانين الدولية، ويرقى لاعتباره جريمة حرب.
العائلة
تتكون عائلة محمد من والده ووالدته واختين واخوين، وترتيبه بينهم ما قبل الأخير، محمد طالب في مرحلة الثانوية العامة (التوجيهي) في الفرع التجاري، وكان يطمح أن ينهي هذه المرحلة ليستعد لحياته الجامعية، لكن الاحتلال باعتقاله سيحرمه من تقديم الامتحانات النهائية التي تمكنه من اجتياز مرحلة الثانوية العامة، للالتحاق بالجامعة في موعدها المحدد، فموعد الإفراج عنه من الاعتقال الإداري يأتي بعد ان يكون طلبة التوجيهي قد اجتازوا أكثر من نصف الامتحانات المقررة، مما يضطره الى اعادة عام كامل من الدراسة، وهذا في حال لم يتم تجديد امر الاعتقال الإداري له لثلاثة شهور أخرى.