شبكة قدس الإخبارية

الشهيد بشار مصالحة.. قال: "نمشي أسودا" وفعل

رغيد طبسية

قلقيلية – خاص قُدس الإخبارية: "نمشي أسوداً على أرضنا الطاهرة ولا نخاف عدونا مهما كانت قوته"، كلمات كتبها الشهيد بشار مصالحة من قرية حجة شمال شرق قلقيلية عبر حسابه على فيسبوك، ثم ترجمها إلى فعل بعملية يافا يوم الثلاثاء (8/آذار) الجاري، ليقتل جنديا أمريكيا قاتل في العراق وأفغانستان وحضر إلى الأراضي المحتلة في ظروف غامضة، ويجرح 10 إسرائيليين.

عُرف بشار صاحب الـ 22 ربيعاً بابتسامته الدائمة وروحه المرحة منذ الصغر، ويقول شقيقه علاء، "أكثر ما يميز بشار هو ضحكته فهو يملك حساً فكاهياً منذ أن كان طفلاً والجميع يحب أن يجلس معه والجلسة بحضوره لا تمل لما يضفيه من مرح، وكنا أنا وبقية أخوتي نتسابق من منا سيبيت ليلته عند بشار لكي نحظى بجلسة ممتعة معه".

تعلم بشار في مدرسة حجة الأساسية بالقرية وتميز بذكائه وعلاماته المميزة، كما أنه كان محبوباً لأقرانه في المدرسة، ويضيف علاء، "بشار لديه شعبية واسعة بين أبناء القرية وحتى الكبار من الرجال والنساء فهو متعاون ويحب مساعدة الآخرين"، لكن الصديق المحبوب والابن المتميز بشار ترك المدرسة عند وصوله الصف العاشر رغم علاماته الجيدة، فقط لأنه لم يرغب بمواصلة الدراسة.

وذكرت والدة الشهيد أن بشار كان باراً بوالديه لدرجة كبيرة وأن علاقته بها كانت مميزة، "فهو دائماً ما يطلب رضاها ويقبل رأسها، ويشتري لها الورود والعطور".

وفي تلخيص لشخصية الشهيد؛ يصف علاء شقيقه بشار بأنه طموح ومتفائل، نشيط ولا يحب اليأس والإحباط، يحب الحياة ويستمتع بها حتى وإن كانت بسيطة، يحب ارتداء الثياب على الموضة ويهتم بأمور العائلة، ويحب كثيراً مجالسة الأطفال واللعب معهم، وفوق كل ذلك الفكاهة التي تميز بها.

12324887_765832266849638_927738098_n

ولم يكن بشار متقوقعاً على نفسه رغم طبيعة عمله في الداخل المحتل الذي يغيب بسببه لعدة أسابيع ويعود لأيام قليلة، بل كان منطلقاً في الحياة ويحاول الاستمتاع بكل لحظاتها، ففي أيام عطلته عادة ما يتنقل بين المدن الفلسطينية لزيارة أصدقائه، وقد عمل بشار في آخر فترة في مصنع للجلود بالداخل المحتل سعياً للانطلاق نحو المستقبل من خلال الزواج والاستقرار.

وبينما كانت أم بشار تتطلع لأن تزوجه كانت روح بشار تهفو للقاء بارئها، وعندما حل مساء الثامن من آذار نفذ بشار عملية يافا التي هزت أركان الاحتلال واستشهد على إثرها ملتحقا بجده عبد القادر مصالحة الذي استشهد في مزرعته إثر قصف الاحتلال لقرية حجة عام 1967.

ويؤكد علاء أنه لم تظهر على بشار أي دلائل تشير إلى نيته الإقدام على تنفيذ عملية، مبينا أن بشار واظب في الفترة الأخيرة على أداء صلاة الفجر في المسجد وتمسك بتلاوة القرآن كثيراً، ثم توج ذلك بأداء مناسك العمرة التي عاد منها قبل يوم واحد فقط من تنفيذ عمليته.

12595971_765831970183001_2080425059_n 12674334_765832070182991_1156966986_n

وتقول والدة الشهيد بشار، "طلب مني أن أذهب معه إلى العمرة لكني رفضت بسبب انشغالي بأمور المنزل، والتقيت به آخر مرة صباح يوم استشهاده عندها ذهب دون أن يخبرني أين سيذهب، وعندما تأخر قلقت عليه واتصلنا به فوجدنا هاتفه مغلقاً، وقبل المغرب أخبرنا الجيران أن بشار نفذ عملية في يافا ولكننا تفاجأنا فلم يكن يظهر عليه أي علامة توحي بأنه سينفذ عملية".

وكان تسجيل مصور نشر يوم استشهاد بشار أظهر كيف كان الشهيد يجري في يافا ويطعن كل من قابله في طريقه، دون أن يتمكن أحد من تصفيته لوقت طويل، ما دفع المتابعين لوصفه بجنرال السكاكين. ويعلق علاء، "من هوايات بشار السباحة وركوب الخيل وهو يمتاز ببنية جسمانية قوية ويحب رياضة رفع الأثقال، هذه الهوايات أكسبته قوة وجرأة وهو ما يفسر جرأته الكبيرة في تنفيذ العملية".

ولإخفاء عجزها الكبير في التعامل مع فدائية بشار، اعتقلت قوات الاحتلال محمد مصالحة والد الشهيد وأشقائه الأربعة ثائر وعلاء وبهاء وربيع، إضافة لابن عمه فهد وائل مصالحة بعد مداهمة منازلهم في اليوم التالي لاستشهاد بشار، كما أخطر الاحتلال عائلة مصالحة بهدم الطابق الثاني من منزل العائلة المكون من ثلاثة طوابق.

وتواصل سلطات الاحتلال احتجاز جثمان الشهيد بشار، ويبين شقيقه أن العائلة رفضت شروط تسليم الجثمان ليربط الاحتلال بعد ذلك التسليم بقرار سياسي، مضيفا أنه لم يحدث أي تقدم في هذا الموضوع حتى اللحظة.

هذا وأغلقت قوات الاحتلال كافة مداخل القرية بالسواتر الترابية في إجراء انتقامي من سكانها بعد استشهاد بشار، كما سحبت تصاريح العمل من 25 من أبنائها، لكن أهالي القرية وبلديتها أصروا على فتح الشوارع الرئيسية للقرية وكسر الحصار وفعلوا ذلك.

تجدر الإشارة إلى أن بشار مصالحة كان الشهيد الثاني من قلقيلية بعد الشهيدة رشا عويصي التي أعدمها جيش الاحتلال بدم بارد في تشرين أول الماضي، وقد أفشل بشار بعمليته الفدائية كل مخططات الاحتلال لعزل محافظة قلقيلية عن أحداث الانتفاضة.