غزة – قُدس الإخبارية: انتقل يحيى عياش من الضفة الغربية إلى قطاع غزة عبر شاحنة خضروات، وهناك واصل تخطيطه للعمليات الاستشهادية ونجح في التخفي رغم الجهود الكبيرة التي بذلتها أذرع الاحتلال بعد أن تم تصنيفه بأنه "المطلوب الأول لإسرائيل"، قبل أن يتم اغتياله بواسطة عميل خانت "إسرائيل" تعهداتها إليه، كانت هذه بعض التفاصيل التي أكد عليها الجنرال جدعون متشنيك بعد 20 عاما من جريمة اغتيال المهندس.
التفاصيل التي تحدث عنها متشنيك وهو ضابط سابق في جهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، نشرتها مجلة "إسرائيل ديفينس" العسكرية اليوم الأربعاء، حيث أكد الجنرال بعد 27 عاما من خدمته العسكرية أن عياش الذي كان يتخفى في منزل ببلدة بيت لاهيا شمال القطاع استنزف أجهزة الأمن الإسرائيلية بعد أن بذلت جهدا كبيرا في البحث والتحري وجمع المعلومات عنه، منذ أن بدأت مطاردته قبل أربع سنوات من اغتياله.
ويوضح متشنيك، أن آفي ديختر رئيس القطاع الجنوبي بجهاز "الشاباك" كان العقل المدبر لعملية الاغتيال، وقد ترأس جهاز "الشاباك" في ذلك الحين كرمي غيلون، في حين كان يعكوف بيري أول من بدأ بمتابعة ملف عياش، بينما كان وزير الجيش الحالي موشيه يعلون هو رئيس جهاز الاستخبارات آنذاك، وقد تمت عملية الاغتيال بالتعاون بين "الاستخبارات" و"الشاباك" و"سلاح الجو".
وجندت مخابرات الاحتلال عددا من الجواسيس لتعقب تحركات عياش، الذي أدرك فلم يكن ينم أكثر من ليلة واحدة في المكان الواحدة، ورغم أن عياش كان هدفا معروفا لجيش الاحتلال وصورته معلومة لديهم، إلا أنه نجح في مرات عديدة في الإفلات من محاولات اعتقاله.
ويقول الكاتب، إن المخابرات الإسرائيلية علمت في آذار/1995 أن عياش موجود في بيت لاهيا، لكنه نجح في الغياب عن الرادار الإسرائيلي رغم الجهود التقنية والتنصت على الاتصالات ومراقبة التحركات البشرية، حيث علم "الشاباك" لاحقا أن زوجة عياش أنجبت ابنها الثاني في غزة، بعد أن التحقت بزوجها الذي كان قد سبقها متسللا عبر شاحنة خضروات.
ويضيف، أن نقطة البداية في تعقب أبو البراء كانت بالوصول لأحد زملاء دراسته في جامعة بيرزيت، حيث آوى الأخير عياش في بيته، وقد علم "الشاباك" أن عياش يلتقي بزوجته وأبنائه في شقه حماد، وأنه اعتاد على إجراء مكالمة هاتفية مع والده بالضفة.
لكن بعد ذلك وصلت المخابرات إلى نقطة أكثر قربا لعياش، وهو خال صديق عياش ورجل أعمال يدعى كمال حماد ويعمل داخل "إسرائيل". ويقول متشنيك إن السيناريو الذي توصلت له المخابرات مع حماد لم يتوصل إليه مخرجو هوليود للأفلام الإسرائيلية، حيث طُلب من حماد أن يوصل لابن أخته الذي يأوي عياش في بيته.
ويقول الكاتب، إن عدة مكالمات تجريبية أجريت للهاتف للاطمئنان إليه، طلب بعدها "الشاباك" استعادة الجوال ومرره لخبرائه التقنيين الذين زرعوا فيه 50 غراما من المتفجرات، وبعد عدة تجارب في استخدام الجوال فجرها سلاح الجو عن بعد عقب أول كلمة تحدث بها عياش مع والده.
وهرب العميل حماد إلى الأراضي المحتلة عام 1948، لكن "إسرائيل" ألقت باتفاقها معه خلف ظهرها، وقد عبر في لقاءات أجريت معه عن خيبة أمله من ذلك.