نشر موقع صحيفة "إسرائيل اليوم" ما يصفه بقصة "سفينة المخربين اتابيروس" التي كانت في طريقها لتنفيذ هجوم احتجاز ومفاوضات ضخم في مثل هذا اليوم عام 1985 في تل أبيب في الذكرى 37 لما تعتبره اسرائيل يوم استقلالها، بعد مرور 28 عاما على إغراقها.
حيث قال الموقع "أبحرت سفينة "اتابيروس" وهي تحمل علم بنما وكان من المقرر أن تصل إلى نقطة الإنزال على بعد 60 ميلا (110) كليومتر غرب تل أبيب. وهناك كان من المتفرض أن يغادر السفنية عشرون مقاتل كوماندو من حركة فتح بواسطة ثلاثة زوارق مطاطية مدججة بالسلاح، وبعد أن توصل السفنية رجال الكوماندوز، كان من المفترض أن تعود أدراجها إلى بور سعيد وأن تنتظر هناك".
العملية على الورق
ويضيف "الزوارق المطاطية كان من المخطط أن تتحرك صوب شاطىء حي "بات يام" جنوب تل أبيب، مع الامتناع عن استخدام وسائل الاتصال اللاسلكية والامتناع عن الاحتكاك بأي سفن اسرائيلية، وبعد الوصول إلى "بات يام" سيغرق رجال الكوماندوز الفلسطيني الزوارق المطاطية بالبحر أو سيتم دفنها على الشاطىء".
وتتابع "في الشاطىء خطط رجال الكوماندوز للسيطرة على حافلة ركاب اسرائيلية وقيادتها نحو مقر قيادة هيئة أركان الجيش الاسرائيلي في تل أبيب في الساعة 9 صباحا لأنه في تلك اللحظة بحسب تقديرات حركة فتح، سيكون المئات من الجنود الاسرائيليين عائدين من قضاء إجازاتهم".
وأشار الموقع إلى ان المهاجمين خططوا للسيطرة على بناية وزارة الجيش أو بناية رئاسة الأركان والسيطرة على رهائن كثر كي يتمكنو من تحرير 150 أسيرا فلسطينيا كانو في السجون الاسرائيلية آنذاك، حيث كان من المقرر أن يتوزع المهاجمون إلى خلايا لحراسة المبنى لإحباط أي اقتحام اسرائيلي، كما خطط المهاجمون في حال فشل الهجوم تنفيذ هجمات إطلاق نار بهدف القتل".
وبحسب التقديرات الاسرائيلية فإن رجال الكوماندوز الفلسطيني تدربوا على تنفيذ المهمة أكثر من عام قبل أن يبدأو بتنفيذ الهجوم الذي لو كتب له النجاج لكان قد حول "يوم الاستقلال الاسرائيلي" إلى يوم أسود في تاريخ اسرائيل.
أبو جهاد يخطط
واتهمت سلطات الاحتلال في حينها قائد الذارع العسكرية لحركة فتح "أبو جهاد بالوقوف وراء العملية، حيث ينقل الموقع عن أحد ضباط الاحتلال في حينها وهو الكاتب "ميخائيل يتسحاكي" قوله "لقد شكل أبو جهاد نقطة ضعف اسرائيلية في منتصف عقد السبعينات فطوّر نموذج الهجمات من البحر (سفينة تقترب على شواطىء اسرائيل ومنها ينزل مخربون عبر قوارب مطاطية صغيرة وينفذون هجمات انتقامية)، كما يوضح الموقع.
ويذكر ضابط الاحتياط أن "الهجوم الأول والذي خطط له أبو جهاد حدث في الخامس من شهر مارس عام 1975 عندما وصل ثمانية مقاتلين عبر زوارق إلى شاطىء تل أبيب مستغلين ظلمة الليل واقتحموا فندق "سافوي" المحاذي للشاطىء، حيث قتل في ذلك الهجوم 11 اسرائيلياً من بينهم اللواء احتياط "عوزري يآيري" الذي كان ضمن قوة الاقتحام التي كلفت بالقضاء على مقاتلي حركة فتح الذين سيطروا على مبنى الفندق".
ويضيف "بعد 3 أعوام من ذلك التاريخ في 11 من شهر مارس عام 1978 وصلت مجموعة كوماندوز من حركة فتح إلى شاطىء ميخال وسيطرت على حافلة متنزهين سافرت على طريق الشاطىء وفي ذلك الهجوم قتل 35 اسرائيليا وأصيب 70 آخرون".
ويوضح الموقع أنه حتى مغادرة منظمة التحرير من لبنان كانت موانىء لبنان تستخدم نقطة الانطلاق الأساسية للمنظمات الفلسطينية لتنفيذ الهجمات ضد أهداف إسرائيلية وبعد انتقال قيادة منظمة التحرير الفلسطينية إلى تونس تغير الوضع"
وقال الضابط الاحتياط "أبو جهاد عكف على تخطيط هجوم استعراضي ضخم بهدف أن يري العالم أن الكفاح المسلح الفلسطيني ضد اسرائيل سيستمر رغم أنه تم طرد منظمة التحرير الفلسطينية، وكان أبو جهاد يؤمن بطبخ الهجمات على نار هادئة وبشكل بطىء وطويل حتى يكون مستعد بشكل جيد، ولذلك عندما اكتشفنا في عام 1984 أن فتح اشترت سفينتين تجارتين هما سفنية "مون لايت واتبيروس" فهمنا أن أبو جهاد يحضر لنا وجبة دسمة".
فتح تشتري السفن
ويقول الموقع "في السابع من أبريل عام 1984 غادرت أربع سفن من الصواريخ الإسرائيلية صوب شواطىء الجزائر على بعد 2900 كيلو متر من شواطىء تل أبيب. وفي عملية سميت "طريق النسر" مقاتلو البحرية الاسرائيلية حددوا مكان وجود السفنية "مون لايت" في ميناء عنابا شرق الجزائر وتم تفجيرها، ولكن سفنية "اتبيروس" لم تفلح أجهزة المخابرات "الإسرائيلية" في تحديد مكانها وعلى الفور اعتقد الجيش الاسرائيلي أن السفينة خرجت لتنفيذ الهجوم فبدأوا بحملة مطاردة".
ضابط الاستخبارات الاسرائيلية (ش) والذي يعمل في وحدة "مكافحة الارهاب البحري" يقول: "كان السؤال الكبير أين السفنية المفقودة، لأنه بناء على ذلك سيتم تقدير موعد وصول السفنية إلى الشواطىء المحاذية لإسرائيل".
ويوضح "الاستخبارات الاسرائيلية قدرت وقوع الهجوم بالاعتماد على تخمينات بمكان سيرها، في يوم 19 أو 20 من شهر أبريل، أي قبل ستة ايام من احتفال اسرائيل بـ "استقلالها".
ويضيف "على مدار 4 أسابيع مشطت طائرات سلاح الجو الاسرائيلي البحر، في محاولة لتحديد مكان سفينة "اتبيروس" ولم يجدوا لها آثرا، وفي يوم الجمعة 19 أبريل قرر قائد البحرية الاسرائيلية اللواء "شمعون مائير" البدء بأعمال البحث بحرا عن السفينة، واستدعى قائدي سفينتين حربتيين هما الملازم "داني هليفي" 37 عاما قائد سفينة "مولدت"، والنقيب "يرون تساخر" قائد سفينة "مبتاح".
عمليات البحث
ويكشف الموقع "شرعت سفينة مولدت وهي من طراز ساعر 4 بدوريات على طول الشاطىء الجنوبي "لاسرائيل" وكان على متنها طاقمها المكون من حوالي خمسين مقاتلا ومن بينهم مقاتلو بحرية بحوزتهم 13 زورقاً مطاطياً، والسفنية مفتاح من طاز ساعر 2 تحت قيادة يرون تساحر غادرت إلى دورية في الشاطى الشمالي. وتلقى ساحر أمرا بالخروج للبحث "سفنية مخربين".
ويقول "في ساعات الليل المتأخر تعرض أحد محركات السفنية "مولدت" للعطب الأمر الذي أثار الشكوك حول قدرتها على الاستمرار بالقيام بأعمال الدورية. وقائد السفنية قرر الاستمرار بثلاثة محركات بدلا من أربعة، وفي يوم السبت عندما كانت "مولدت" جنوب عسقلان حددت عبر الرادار عدة أهداف على بعد مئات الكيلو مترات جنوب مدينة بور سعيد المصرية".
ويضيف "بعد الظهر من نفس اليوم اقتربت مولدت إلى مسافة 50 كليومتر من ميناء بورسعد، حيث يقول قائد السفنية الاسرائيلية مولدت: " لقد علمت أنه في الساعة السابعة مساء من المقرر أن تغادر قافلة سفن من قناة السويس صوب بور سعيد"، وفي الساعة 10 مساء بدأت بفحص السفن المتوجه من بورسعيد نحو سوريا ولبنان وكان عدد تلك السفن 25".
ويوضح "تم فحص المسار المتفرض وسرعة كل سفنية، ووجدنا واحدة من تلك السفن من المفترض أن تمر بمحاذاة شاطىء تل أبيب، وفي تلك اللحظة كشف قائد السفنية لطاقمه أن تلك السفنية تقل "مخربين فلسطينين"، حيث اقتربنا كثيرا من تلك السفينة والتي كانت تحمل اسم "ATTAVIROS" وعلى متنها العشرات من الكوماندوز الفلسطيني".
اكتشاف السفينة
ويضيف قائد السفينة "في الساعة 23:37 توجه ضابط الإشارة في السفنية الاسرائيلية إلى سفنية "اتبيروس" عبر قناة الاتصال الدولي وطلب منه تغير مساره والتوجه نحو شمال غرب، لكن قبطان السفينة وهو من بنما رد أنه متواجد في المياه الاقليمية المصرية وسيواصل المسير، وفي تمام الساعة 00:30 أطقلت السفنية الاسرائيلية النار بهدف التخويف على خرطوم السفنية اتبيروس ولكن السفينة واصلت الابحار في مسارها، وفجأة أطلقت قذيفة "ار بي جي" ورصاص من سلاح خفيف صوب السفنية الاسرائيلية".
ويشير قائد السفينة الإسرائيلية إلى أنه أمر بفتح النار بشكل مركز على السفينة التي تحمل الكوماندوز الفلسطيني، وتم اطلاق 42 قذيفة صوب السفنة "اتبيروس"، ويقول "وصلنا إلى الموقع الذي توقفت فيه السفنية التي تقل عناصر حركة فتح حيث تعرضت للغرق، وعندما وصلنا لاحظنا وجود "مخربين" أحياء في البحر، حيث وتم اعتقال ثمانية منهم وكانوا رجال أقوياء البنية".
ويوضح الموقع أن الأسرى اعترفوا أثناء التحقيق معهم والذي استمر عدة شهور أنهم تدربوا على هذه المهمة مدة عام كامل، في الجزائر، وفي العام 1985 وبعد شهر من اعتقالهم تم الافراج عنهم بموجب صفقة تبادل الاسرى "صفقة أحمد جبريل"، واعتبرت الجهات السياسية والامنية الإسرائيليةفي حينها إن هذه الصفقة تعتبر الأكثر إيلاما في تاريخ "إسرائيل" منذ إعلان تأسيسها، حيث تم الإفراج عن عشرات الفلسطينيين الذين كان من المستحيل إطلاق حياتهم لضلوعهم بتنفيذ هجمات ضد أهداف إسرائيلة، وقتل على أيديهم العشرات من "الإسرائيليين".