الخليل – خاص قُدس الإخبارية: "أجمل أيام طفولتي كانت في بيتنا بمنطقة بيت البركة، هلأ إذا طردونا من البيت كل ذكرياتي اللي فيه رح تروح"، هذا ما يخطر ببال أبناء عائلة سمارة المرابطة داخل أسوار منطقة بيت البركة التي صادرتها سلطات الاحتلال، وتواجه الآن الفصل الأصعب في حياتها بعد أن أصبحت مهددة في كل لحظة بالطرد من هذا المنزل.

بيت البركة هي المنطقة القريبة من مخيم العروب ومستوطنة "غوش عتصيون" المقامة شمالي الخليل، وتبلغ مساحتها حوالي 40 دونما، وتحتوي على 8 مبانٍ منها مستشفى ومشغل ومنجرة واسطبل للحيوانات، إضافة لعدد من البيوت وعدد آخر من الآبار المستخدمة في ري المزروعات هناك.

في عام 1936، باع فلسطيني من بلدة بيت امر شمال الخليل الأرض لمشتر روسي لإنشاء مستشفى البيت البركة” وتقديم علاج مجاني لسكان الخليل، واستمر المشتري في تقديم الخدمات الطبية حتى بداية ثمانينيات، ومن ثم جرى استخدامه فندقا، لكن عقب أزمة مالية أصبح البيت مهجوراً، قبل أن ينتهي الأمر لتهويده لصالح الاستيطان ومنح ملكيته للمليونير اليهودي “اهرون موسكوبيتش” الذي استولى على عقارات شرقي القدس ويقف وراء البناء الاستيطاني في البلدة القديمة.

في عام 2009 حولت ملكية المكان من جمعية أمريكية إلى جمعية سويدية بيعاً، وبعد سنوات اكتشف السكان بأن الجمعية الأخيرة وهمية وليس لها أي وجود في السجلات الرسمية، قبل أن يتبين أخيرا أن هذه المنطقة بيعت فعليا للمستوطنين عام 2012.

وأرسلت الجمعية السويدية أشخاصا أجانب أوهموا عائلة سمارة بأنهم سيرممون المبنى لإعادة افتتاحه كمستشفى، ليبدأ كبير العائلة بالعمل معهم في الترميمات والتصليحات، فيما أخذوا هم يستكشفون المكان ويتعرفون إلى جميع خباياه تمهيدا للتحكم به.

ومع مرور الوقت بدأوا بسحب الصلاحيات من عائلة سمارة، مثل طلب مفاتيح الأقفال للبوابات الخارجية بحجة أنهم أضاعوها، وغير ذلك.

في شهر أيار من عام 2015 كشفت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية عن المخطط الاستيطاني الذي يقضي بالاستيلاء على منطقة بيت البركة وتحويلها إلى مستوطنة إسرائيلية، بهدف تأمين طريق المستوطنين المارين من شارع 60، والمحافظة على امتداد الوجود الاستيطاني بين مدينتي الخليل وببيت لحم.

علمت عائلة سمارة بالخبر من وسائل الإعلام العبرية دون أن يكون لديها أي فكرة عن الأمر، ما تسبب لها بصدمة كبيرة بعد أن اكتشفت تعرضها للخداع من قبل الشركة السويدية، وتأكد لها بأن الأشخاص الموجودون داخل المنطقة هم مستوطنون وشركة أمن وحماية إسرائيلية للحفاظ على وجودهم.

وبعد تكشف خيوط المؤامرة بأكملها بدأ المستوطنون بإحكام سيطرتهم على المنطقة، ووضع سياج وكاميرا مراقبة، لحين إخراج العائلة من المنطقة كما يخططون.

في أحد الأيام، خرجت عائلة سمارة من منزلها بشكل طبيعي لكنها عودتها لم تكن طبيعية، فقد وجدت عند عودتها أن المستوطنين بدلوا أقفال البوابات الخارجية ليمنعوا العائلة من الدخول، عند ذلك وصلت دورية عسكرية إلى المنطقة وطلبت منهم الرحيل بذريعة أن هذا المكان كنيس يهودي ولا يحق للعائلة العيش فيه.

لاحقا تم حل المشكلة لكن بسقف زمني محدد وبقيود، فالسيادة على البوابات الخارجية ظلت بيد سلطات الاحتلال، ليكون الدخول والخروج بيدهم وحدهم، فيما أُمهلت العائلة حتى 15/آذار الجاري كموعد أخير لمغادرة البيت، وذلك بعد انقضاء المدة الزمنية للتهديد الأول بالخروج من المنزل وذلك بتاريخ 29/شباط الماضي.

وتعيش عائلة سمارة في منزلها منذ 50 عاما، فهنا أقام الجد والأب ثم الأبناء، وقد كانت منطقة بيت البركة لسنوات طويلة بمثابة منتزه ومتنفس لأهالي مخيم العروب، بسبب جمالها الخلاب واحتوائها على جميع وسائل الراحة والترفيه من من أشجار وألعاب وبرك سباحة وملاعب مختلفة، ما يجعل ترك الموقع نكبة حقيقية للعائلة.