شبكة قدس الإخبارية

دفنوا قريبهم وعادوا ليستقبلوا نجلهم شهيدًا

مصطفى البنا

البريج- قُدس الإخبارية: لم تكن عائلته تعلم بأن السيارة التي أقلّتهم إلى بيت عزاءٍ لأحد أقاربهم في شمال قطاع غزة، ستعود أدراجها بهم من حيث أتوا لاستقبال نجلهم شهيدًا، تروي عائلة الشهيد محمد أبو زايد أولى اللحظات التي حملت معها نبأ استشهاده.

على صفحته الشخصية على "فيس بوك"، سجّل محمد آخر خروجٍ له بكلماتٍ كانت آخر ما ستخطه يداه قبل أن يدون اسمه على قائمة الشهداء، كتب قائلًا "سبحانك اللهم وبحمدك ، اشهد أن لا اله الا أنت ، استغفرك وأتوب إليك ..غداً أجمل بإذن الله"، وكانت وكأنها كلماتٍ يودع فيها الحياة.

k

كعادته في كل أسبوع، أدى محمد صلاة الجمعة في الجامع الكبير في مخيم البريج وسط قطاع غزة، وتوجه مع أحد رفاقه إلى المنطقة الشرقية حيث المواجهات التي تندلع مع جنود الاحتلال، دعمًا للقدس والضفة الغربية ورفضًا لما يجري بحق المسجد الأقصى المبارك وأهله.

تروي عائلة الشهيد ما حصل يوم الجمعة الماضي، حيث كانوا متوجهين في سيارةٍ إلى الشمال لأداء واجب العزاء في أحد أقاربهم الذي توفي بعد صراع مع المرض، وما أن انتهوا من دفن ميتهم حتى جاءهم اتصالٌ من شقيقة محمد تخبرهم بأنه قد أصيب في الاشتباكات المندلعة على الحدود مع الأراضي المحتلة، وهو يرقد في مستشفى "شهداء الأقصى".

ولم تلبث العائلة أن انطلقت صوب المستشفى، حتى جاء خبر استشهاد محمد فور وصوله إليها، متأثرًا بعيارٍ ناريٍ مباشر في الرقبة، أطلقه قناصو الاحتلال المتمركزين على الحدود الشرقية للقطاع.

ولد محمد أبو زايد في الحادي عشر من ديسمبر من العام 1996 في مخيم البريج، لعائلة بسيطة ومحافظة، وكان يحب التجارة والعمل بها منذ صغره، وفي الفترة الأخيرة التي سبقت استشهاده كان يقضي معظم وقته في العمل بمعرضٍ للأدوات الرياضية، وكان يوم الجمعة هو الوحيد الذي يتفرغ فيه من عمله ويتوجه إلى نقاط التماس مع جنود الاحتلال شرق القطاع.

طلب محمد ليلة استشهاده من شقيقه الأصغر أنس أن يوقظه الليلة بشكلٍ خاص لصلاة الفجر، يقول أنس "وكأنه كان يشعر بأن قدرًا ما ينتظره اليوم"، مضيفًا "كان يعتبر أن ذهابه إلى تلك الاشتباكات أقل ما يستطيع أن يقدمه من أجل شعبنا في الضفة والقدس والمسجد الأقصى المبارك".

بينما استبعد مصطفى أبو قمرة الصديق المقرب من محمد، أن يكون نبأ استشهاده صحيحًا، ظنًا منه أن محمد قد ذهب إلى بيت عزاء قريبهم كما أخبره ليلة الجمعة، فيقول "لم أستطع التأكد من ذلك فأهله لم يكونوا موجودين في منزلهم ولم أصدق ذلك حتى أذيع الخبر رسميًا عبر وسائل الإعلام".

يضيف أبو قمرة "كنت أحذر محمد كثيرًا من الاقتراب إلى السلك الحدودي، وكنت أمنعه من ذلك في المرات التي كنت أرافقه فيها، لكن المرة الأخيرة التي سبقت استشهاده كانت صوره تظهر اقترابه الشديد من نقاط الاشتباك في اصرار شديد على تحدي قوات الاحتلال ومقاومة بطشهم، أو لنقل شهادة يستحقها فنالها".

يشار إلى أن المواجهات تجددت مع قوات الاحتلال على الحدود الشرقية لقطاع غزة يوم الجمعة الماضي، أطلقت خلالها النار وقنابل الغاز المسيل للدموع صوب تجمعات للشبان، مما أدى إلى إصابة العديد واستشهاد  الشابين الشاب محمد عادل ابو زايد " 18 عاما"، ومحمد مجدي قيطة " 26 عاما " ليرتفع عدد شهداء قطاع غزة منذ بدء الانتفاضة الحالية إلى 25 شهيدًا.