"شو يعني تغيّر صورة بروفايلك؟!.. ثورة افتراضية لا بتقدم ولا بتأثر !"، هذه التعليقات ليست غريبة على الكثير منا، فنحن نسمعها أو نقرأها على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي عندما يقوم مجموعة من النشطاء بتوحيد صور صفحاتهم الشخصية، بتصميم معين، أو صورة شخص معين، لأسباب وحالات كثيرة، فمن أين جاءت هذه الفكرة، وما هو تأثيرها، وما هي الأهداف التي تحققها إن وجدت؟!
في حقيقة الأمر فإن صفحتك الشخصية، على أيٍ من مواقع التواصل، هي وسيلة إعلامية مدارة من قبلك، تعّرض جمهورها "الأصدقاء والمتابعين" لأي رسالة تريدها، وبأي أسلوب ترغبه، وبهذا يمكننا ببساطة إسقاط النظريات والدراسات الإعلامية طيلة السنوات الماضية، على هذه المواقع التي يتعامل البعض معها باستخفاف، والبعض الآخر يأخذها على محمل الجد، وبين من لا يلقي لها بالًا من الأساس، وهذا هو حال أي جمهور أينما كان.
وباعتبار صفحتك الشخصية وسيلة إعلام، فمن الضروري معرفتك بأن إحدى المدارس الإعلامية تقول، " تكرار عرض رسالة معينة في وسائل الإعلام تثير عنصر الانتباه لدى الجمهور، مما يدفعهم لتحويل هذه المشاهدة لتفاعل وردة فعل، إما سلبًا وإما إيجابًا".
وبالتالي فإن صورة "بروفايلك" هي رسالة، يتعرض لها كل من شاهد منشوراتك، وكل من زار صفحتك، وكل من قمت بالتعليق لديه، بذلك فإنك تحقق عنصر التكرار لحشد الانتباه لقضية معينة، وهذا ما كان يتطلب جهدًا ووقتًا كبيرين، قبل ظهور مواقع التواصل الاجتماعي.
هنا يتقاطع الأمر مع مفهوم قديم جديد يسمى "حملات الضغط والمناصرة" وهي الترجمة العلمية الأكاديمية لما يحدث من حملات تضامن عبر وسائل التواصل الاجتماعي، من تغيير صورة البروفايل، والتغريد على وسم معين، أو الانضمام لصفحات ومجموعات تخدم قضية ما.
ويختصر علماء علم الاجتماع "المُناصرة" بتعريفها أنها التحدث بصوت مرتفع، وتوجيه الانتباه نحو قضية هامة لحث صناع القرار على حلها، من خلال مجموعة من الأفعال العلنية والجماهيرية، مستفيدة من عملية التعبئة للجمهور وحثهم على المشاركة في العمل العام بإقناعهم، بأن أي تغير يقتضي تقديم مقترحات حلول وليس الاكتفاء بالانتقاد.
ومن الأمثلة الواضحة فلسطينيًا على هذا الأمر، حملة التضامن الحالية مع الأسير الصحفي محمد القيق، المضرب عن الطعام في سجون الاحتلال منذ قرابة الشهرين، احتجاجًا على اعتقاله الاداري، فأطلق نشطاء عدة حملات إلكترونية عبر مواقع التواصل للتضامن معه.
وكانت من ملامح هذه الحملات، توحيد صور الصفحات الشخصية بصورة الأسير، والتغريد عبر وسم #الحرية_لمحمد_القيق، ووسم #لا_للاعتقال_الاداري، مما ساهم في إيجاد حراك لعدة أنشطة في الشارع وعلى أرض الواقع.