فلسطين المحتلة - قدس الإخبارية: دعت منظمة "هيومن رايتس ووتش" في تقرير لها أصدرته اليوم الثلاثاء الشركات الأجنبية العاملة في المستوطنات الإسرائيلية بالضفة الغربية للكف عن العمل في تلك المستوطنات، وعن تمويلها وخدمتها والتجارة معها، وذلك بموجب من يترتب عليها من التزام بمجال حقوق الإنسان، "لأن هذه الأنشطة تستفيد من نظام غير قانوني ومسيئ من حيث التعريف، وينتهك حقوق الفلسطينيين".
ورصدت المنظمة في تقريرها الذي حمل عنوان "تجارة الاحتلال"، كيف تساهم الأعمال التجارية في المستوطنات منذ احتلال الضفة في انتهاك سلطات الاحتلال حقوق الفلسطينيين.
ويكشف التقرير عن أسماء شركات أجنبية متهمة بممارسة الانتهاكات، من بينها شركة "هايدلبرغ" الألمانية للإسمنت المتعددة الجنسيات التي تمتلك مقلع "نحل رابا" للحجر على الحافة الشمالية الغربية من الضفة الغربية، المقام على أراضي قرية الزاوية الفلسطينية، وشركة "ريماكس" وهي سلسلة للسمسرة العقارية الدولية متمركزة في ولاية "كولورادو" الأميركية ولها مكتب في مستوطنة "أريئيل" القريبة من محافظة سلفيت شمال الضفة الغربية، إضافة إلى شركة إسرائيلية كانت تنتج المنسوجات المنزلية لحساب شركة تجزئة أميركية لم تشر لاسمها لأنها غادرت المنطقة في مستوطنة "بركان" القريبة من سلفيت أيضا، بعد مراسلات من المنظمة.
ويوثق التقرير كيف تسهل الشركات الناشطة بالمستوطنات من تطويرها وتنمية الأعمال فيها، حيث تسهم هذه الشركات في مصادرة سلطات الاحتلال غير القانونية للأراضي الفلسطينية والموارد الفلسطينية الأخرى، كما تستفيد من هذه الانتهاكات ومن سياسات الاحتلال التمييزية التي تقدم امتيازات للمستوطنات على حساب الفلسطينيين، مثل إتاحة الأراضي والمياه والمساعدات الحكومية وتصاريح استصلاح الأراضي.
وقال أرفيند غانيسان مدير قسم الأعمال التجارية وحقوق الإنسان: "تسهم شركات المستوطنات لا محالة في السياسات الإسرائيلية التي تستلب الفلسطينيين وتميّز ضدهم بشكل غاشم، مع الاستفادة من نهب "إسرائيل" للأراضي والموارد الفلسطينية الأخرى، والسبيل الوحيد لتحترم الشركات ما عليها من التزامات حقوقية هو أن تكف عن العمل في المستوطنات الإسرائيلية ومعها".
كما ويكشف التقرير أن تلك الشركات في المستوطنات تعتمد على مصادرة سلطات الاحتلال غير المشروعة للأراضي الفلسطينية لصالح المستوطنات، ومساهمتها فيها واستفادتها منها.
وهنا يسلط الضوء على تجربة شركة عقارات ريماكس ومصرف إسرائيلي، وهما ينشطان في تمويل وتسويق البناء الاستيطاني في مستوطنة أريئيل، رغم أنها أقيمت عام 1978 على أرض فلسطينية مصادرة.
وتقول المنظمة إن الشركات التي تضطلع بأدوار في سوق الإسكان في المستوطنات، تساهم في انتهاكين منفصلين للقانون الدولي الإنساني، هما: الحظر المفروض على قيام دولة احتلال بمصادرة أو نزع ملكية موارد الأرض المحتلة لمصلحتها الخاصة من جهة، والحظر المفروض على نقل سكانها المدنيين إلى أراض محتلة من جهة ثانية.
ي سرقةوتطرق التقرير إلى كيفية دعم الشركات البنى التحتية للمستوطنات، مستشهدا بخدمات معالجة النفايات، حيث يخصص أحد المكبات في الأغوار للمستوطنين، في وقت يعاني فيه الفلسطينيون للحصول على تصاريح لإقامة مكبات، كما يتقاضى مجلس المستوطنات ضرائب من هذه الشركات.
ويشير التقرير إلى وجود شركات أجنبية أخرى تنخرط في جملة من الأنشطة الداعمة للمستوطنات، والتي تنجذب إليها عادة بسبب اليد العاملة الفلسطينية الرخيصة أو الإيجارات المتواضعة أو الضرائب الزهيدة، مشيرا إلى وجود نحو 20 منطقة صناعية بالمستوطنات حوالي 1000 مصنع، ويشرف المستوطنون الإسرائيليون على زراعة نحو 9300 هكتار من الأراضي الفلسطينية، يُصدّر المنتجون الصناعيون والزراعيون بالمستوطنات أغلب هذه السلع، وتكون موسومة عادة، بأنها صُنعت في "إسرائيل".
وبحسب تقرير المنظمة، فإن النوعان المذكوران من الأنشطة التجارية بالمستوطنات يسهلان من انتهاكات الاحتلال للقانون الدولي الإنساني، فاتفاقية جنيف الرابعة تحظر على قوة الاحتلال نقل مدنين إلى أراضٍ تحتلها، و"نظام روما"، المنشئ للمحكمة الجنائية الدولية، ينص على أن هذا النقل، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، يعد جريمة حرب.
ورفضت المنظمة ادعاء مؤيدي شركات المستوطنات بأنها تفيد الفلسطينيين من حيث توفير فرص العمل، لمساهماتها في انتهاك القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، وترسيخ نظام يساهم في إفقار العديد من الفلسطينيين.
وخلصت هيومن رايتس ووتش إلى أن تحويل الجيش الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية إلى مستوطنات غير القانوني، والقيود المتصلة بالمستوطنات هي عناصر من نظام أعم وأعرض للتمييز تستفيد منه شركات المستوطنات، فيما تُدمر الاقتصاد الفلسطيني.
وأكدت على أن سلطات الاحتلال تمنع بشكل شبه تام الفلسطينيين من البناء أو استخراج المعادن من المنطقة "ج"، وهي المنطقة التي تديرها حصرا بالضفة الغربية، وأنه ما بين 2000 و2012 رفضت الإدارة العسكرية الإسرائيلية 94% من طلبات تصاريح البناء الفلسطينية، وفي عام 2014 أصدرت تصريحا واحدا فقط.
وقال غانيسان: "كل دولار تربحه شركات المستوطنات من استخراج الأحجار وبيعها، من الضفة الغربية، هو دولار مأخوذ من الفلسطينيين". وتابع: "الخلاصة، أنه يجب ألا تعمل أية شركات بالمستوطنات وتتربح من أراضٍ وموارد مأخوذة دون وجه حق من الشعب الفلسطيني".