سيصبح بقدرة الفلسطيني امتلاك ورقة قوة جديدة يضيفها لأسلحته في مقاومة الاحتلال، تتمثل هذه الورقة الجديدة بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بالموافقة على قرار يثبت "السيادة الدائمة للشعب الفلسطيني في الأرض الفلسطينية المحتلة عام 1967 بما في ذلك مناطق شرقي القدس ومناطق الجولان السوري المحتل على الموارد الطبيعية هناك".
كان من بين الدول التي صوتت ضد هذا القرار: أمريكا و"اسرائيل" وكندا، ولعل هذه الأخيرة تحاول أن تخلص نفسها من درنات العنف ضد الهنود الحمر والسكان الأصليين عن طريق الاعتراف به، إلا أن حنو رئيس وزرائها جستن ترودو لم يتمدد هذه المرة ليشمل فظائع الاحتلال ضد الفلسطينيين.
ووفق ما أعلنت وسائل الإعلام فإن القرار يطالب "إسرائيل" بإنهاء استغلال الموارد الطبيعية في فلسطين بالإضافة إلى الأخذ بعين الاعتبار الاعتراضات الفلسطينية على تصرفات الاحتلال تجاه هذه المصادر. واستند القرار على توصية قدمت للجمعية العامة للأمم المتحدة تتعلق ببشاعة استغلال الاحتلال لهذه الموارد، وشمل اثباتات عديدة بعضها من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة عام 2014.
ويأتي قرار الأمم المتحدة هذا بعد أسابيع قليلة من قرار آخر للاتحاد الاوروبي يقضي بوضع علامات خاصة على البضائع التي يتم انتاجها داخل المستوطنات في الضفة الغربية. وعلى الرغم من ذلك إلا أن هذه المنتجات ما زالت تحظى بحجم معين من التداول في أوروبا، لكن أوجه التشابه في كلتا الحالتين ملفت للنظر خاصة وأن المؤسسات الدولية تستطيع استخدام منصاتها لزيادة الوعي الفعلي حول سياسات "إسرائيل" القمعية ضد الفلسطينيين ومع ذلك فلم يتم حتى الآن اتخاذ إجراءات عقابية ضد الكيان المحتل.
وفي الوقت الذي يمثل هذا القرار تفتيتا للمعتاد من التبعية لـ"إسرائيل" في أي محاولة لحل الصراع، فإن على الفلسطينين أن يلاحظوا أن نظرتهم لأنفسهم على أنهم يتبعون إسرائيل يجعل الكيان المحتل في موقف محصن دوماً. وعلى مدى المناقشات والاتفاقات السابقة فقد كانت مسألة التبعية لاسرائيل عنصراً حيوياً فيها، وأدات إلى تآكل المزيد من الحقوق والكرامة الفلسطينية.
ويمكن النظر إلى اتفاق أوسلو على أنها نموذج مثالي للاعتراف بالتبعية للاحتلال وتوفير مجموعة من الشروط التي يسعى الاحتلال عن طريقها لتحويل نقاط ضعفه إلى قوة على حساب استغلال الفلسطينيين.
ويشير تقرير صدر مؤخرا عن كمية الاضطهاد والتمييز العنصري الذي يتعرض له الفلسطينيون على أيدي المستوطنين وعلى مستوى توزيع الموارد الطبيعية إلى أن نسبة استخدام المستوطن للمياه في الضفة الغربية تفوق بستة مرات نسبة استخدام الفلسطيني لها.
ويلزم هنا أيضاً النظر إلى التوزيع غير المتكافئ للأراضي بهدف توسيع المستوطنات وما يتضمنه من استيلاء على الأراضي الزراعية وبالتالي خنق اي فرصة فلسطينية للتنمية. وهو ما خصه قرار الأمم المتحدة بالتأثير الضار للمستوطنات الإسرائيلية على الموارد الطبيعية الفلسطينة وخاصة مصادرة الأراضي والموارد المائية الأخرى.
ويبدو أن "إسرائيل" في طريقها لاستنكار أي خطوة من الجانب الفلسطيني للحصول على المصادقة من خلال قرار الجمعية العامة وفي الوقت ذاته ستعمل على ممارسة ضغوطاً على مختلف الدول حتى لا تخضع لأي نوع من الضغوط أو المحاكمات في هذا المجال.
وكالعادة ستتماشى "إسرائيل" مع هذا القرار - ما لم يكن المفاوض الفلسطيني ذكياً - وتستمر بحصد مكافآت حقيقية على الأرض دون افتعال أي مجزرة ذات صدى واسع، بل يكفيها التسلل ببطء لتنفيذ مخططها والسيطرة على مختلف المصادر الطبيعية في الأراضي الفلسطينية، إلى حين أن يأتي طرف فلسطيني قوي يستطيع ردع الاحتلال عن تصرفاته هذه.
المصدر: ميدل ايست مونيتور - ترجمة: هيثم فيضي