ترجمة خاصة - قدس الإخبارية: كشف تقرير موسّع نشرته صحيفة "هآرتس" العبرية أن الرؤية التي طرحها الحاخام اليميني المتطرف يتسحاق غينزبورغ قبل 20 عامًا لتفكيك مؤسسات "الدولة الإسرائيلية" وإقامة نظام ديني قائم على التفوق اليهودي، بدأت تتحقق فعليًا مع تصاعد سيطرة التيار الديني القومي المتطرف على مفاصل الحكم في دولة الاحتلال.
غينزبورغ، الذي يعتبر المرجعية الروحية لما كان يُعرف بـ"شبيبة التلال"، الميليشيات الاستيطانية المسلحة التي تنفذ جرائم أسبوعية بحق الفلسطينيين في الضفة الغربية، نشر في العام 2005 "خطة عمل" بعنوان "الوقت لتكسير القشرة"، اعتبر فيها أن "الدولة اليهودية الديمقراطية" هي قشرة فارغة يجب تحطيمها لإطلاق ما وصفه بـ"النور الإلهي المحتجز داخلها".
تتكون هذه "القشرة" وفق رؤيته من أربع طبقات: الإعلام، القضاء، مؤسسات الدولة، والجيش. ثلاث منها (الإعلام، القانون، والحكومة) يجب "تحطيمها بالكامل"، بينما يمكن "تطهير الجيش" من القيم الأخلاقية الغربية، خصوصًا "نقاء السلاح"، لصالح تنفيذ أوامر دينية تدعو للقتل الانتقامي دون قيود.
وغينزبورغ أشاد صراحة بمرتكب مجزرة الحرم الإبراهيمي باروخ غولدشتاين، وشرّع في كتاباته قتل النساء والأطفال الفلسطينيين، بل دعا لتصفية الوجود الفلسطيني في كامل الأرض.
وفق التقرير، فإن التغيرات التي طرأت على دولة الاحتلال منذ أكتوبر 2023 تُظهر تقدمًا واضحًا في تنفيذ هذا المشروع.المؤسسات الإعلامية العبرية تبنّت خطاب التحريض والانتقام، وتخلت عن "التوازن المهني". أما القضاء الإسرائيلي بات يُشرعن الحرب الإبادية على غزة، كما حدث عندما صادق قضاة من مستوطنات على منع إدخال المساعدات الإنسانية، واعتبروا العدوان "حربًا توراتية".
في قطاع التعليم، تتزايد مؤشرات التحوّل نحو خطاب قومي ديني متشدد، حيث يتعرض المعلمون الداعون للمساواة للفصل، ويُربى جيل كامل على مفاهيم التطهير العرقي وتبرير الإبادة. وتظهر الاستطلاعات أن الجيل الشاب في إسرائيل هو الأكثر دعمًا للترانسفير الجماعي والقتل الجماعي للفلسطينيين، مقارنة بجيل آبائهم.
وبحسب استطلاع أجرته "هآرتس" بالتعاون مع جامعة "بن ستيت"، فإن:
- 82% من الإسرائيليين يؤيدون التهجير القسري للفلسطينيين في غزة
- 56% يدعمون طرد الفلسطينيين داخل أراضي المحتلة عام 1948
- 47% يؤيدون تكرار "مجزرة أريحا التوراتية" بحق مدنيي المدن الفلسطينية في حال اقتحامها
- 69% من الإسرائيليين العلمانيين يدعمون الترحيل الجماعي لغزة
- 31% منهم يبررون الإبادة الجماعية على غرار أسطورة تدمير أريحا
التقرير يُظهر أن لغة غينزبورغ الدينية – التي تُشرعن القتل الجماعي باسم "محو ذكر عمّالِيق" – باتت مفهومة ومستساغة على نطاق واسع، ليس فقط بين المتدينين، بل أيضًا بين اليهود العلمانيين الذين فشلوا في طرح بديل إنساني أو حقوقي لمشروع التفوق اليهودي.
ويشير التقرير إلى أن هذه التحولات ليست رد فعل على أحداث 7 أكتوبر، بل نتيجة مسار أيديولوجي طويل، تغذّيه منظومة كاملة من التعليم والإعلام والقضاء، وتمنح شرعية سياسية و"إلهية" لجرائم الحرب والتطهير العرقي.
ويختم التقرير بالتحذير من أن استمرار هذا النهج قد يقود دولة الاحتلال إلى نظام استبدادي ديني مغلق، شبيه بالنموذج الإيراني، ما لم يُطرح بديل مدني جذري يُفكك "نظام التفوق اليهودي" ويؤسس لشراكة متساوية بين سكان الأرض من النهر إلى البحر.