شبكة قدس الإخبارية

من استضاف موظَفَي سفارة الاحتلال بواشنطن عند مقتلهما؟

٢١٣

 

من استضاف موظَفي سفارة الاحتلال بواشنطن عند مقتلهما؟

واشنطن - قدس الإخبارية: شهدت العاصمة الأميركية واشنطن، يوم أمس الخميس، عملية إطلاق نار أسفرت عن مقتل دبلوماسيَين من سفارة الاحتلال خلال حفل استقبال للدبلوماسيين الشباب، نظمته اللجنة اليهودية الأمريكية (AJC) بالقرب من المتحف اليهودي داخل مبنى السفارة.

تسلط هذه العملية الضوء مجددًا على حجم النفوذ المتصاعد للمنظمات الصهيونية داخل الولايات المتحدة، والدور الذي تلعبه لجان الضغط، وعلى رأسها آيباك واللجنة اليهودية الأمريكية، في ربط المصالح الأميركية باستمرار دعم الاحتلال الإسرائيلي دون قيد أو شرط.

تُعدّ لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية (AIPAC) واللجنة اليهودية الأمريكية (AJC) من أكبر وأكثر الجماعات المؤيدة للاحتلال نفوذًا في الولايات المتحدة. وغالبًا ما تتعاونان في قضايا تتعلق بدعم الاحتلال، مثل الضغط من أجل الحصول على مساعدات عسكرية، وتعزيز العلاقات الأمريكية الإسرائيلية، ومكافحة معاداة السامية.

مشروع 7/10 

تسعى هذه المنظمات إلى تعميق التحالف السياسي والأمني بين واشنطن و"تل أبيب"، وقد بلغ هذا التنسيق ذروته في ديسمبر/كانون الأول 2023 حين أطلقت خمس من كبرى المنظمات الصهيونية في الولايات المتحدة، وعلى رأسها آيباك وAJC، مشروعًا دعائيًا مشتركًا تحت اسم "7/10"، في إشارة إلى هجمات السابع من أكتوبر، بهدف "محاربة المعلومات المضللة" كما زعموا.

وضم المشروع كلًا من: لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية "آيباك"، اللجنة اليهودية الأمريكية، الاتحادات اليهودية في أمريكا الشمالية، رابطة مكافحة التشهير، ومؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية الأمريكية الرئيسة.

وقال المدير التنفيذي للمشروع جوش إيساي لموقع "آكسيوس" إن عمل هذه المنظمات الخمسة معًا بهذا الشكل غير مسبوق، ويعبّر عن ما وصفه بـ"حس الطوارئ لدى الجالية اليهودية لدعم إسرائيل ومحاربة كراهية اليهود".

اقرأ أيضًا:

من هما موظفا سفارة الاحتلال اللذان قُتلا في واشنطن؟

اللجنة الأمريكية الإسرائيلية

منذ تأسيسها عام 1954، تحولت "اللجنة الأمريكية الإسرائيلية للعلاقات العامة" (AIPAC) إلى أداة ضغط مركزية يستخدمها اللوبي الصهيوني داخل الولايات المتحدة لتعزيز دعم واشنطن لدولة الاحتلال، والتأثير العميق في دوائر القرار السياسي والمالي والإعلامي الأمريكي.

على مدار عقود، أسهمت "آيباك" في تعزيز صورة الاحتلال باعتباره "حليفًا ديمقراطيًا" لأمريكا في الشرق الأوسط، وساهمت في تحويل المساعدات السنوية إلى الاحتلال إلى بند ثابت في السياسات المالية، بعضها على شكل قروض تُحوّل لاحقًا إلى هبات.

وتتمثل المهمة المركزية لللوبيات الصهيونية في منع صدور أي تشريع من الكونغرس قد يُلحق ضررًا بدولة الاحتلال، كما تعمل على تثبيت الولاء المطلق للنواب تجاه "إسرائيل"، من خلال تزويدهم بالبيانات والوثائق، وتنظيم زيارات خاصة ولقاءات مغلقة، وتقديم التمويل الانتخابي المباشر وغير المباشر.

وتقول آيباك صراحة: "نحن نقف مع أولئك الذين يقفون مع إسرائيل"، وتفتخر بأن 98% من المرشحين المدعومين من قبلها فازوا في انتخابات عام 2022.

وتضم اللجنة أكثر من 3 ملايين أمريكي مؤيد للاحتلال، وتتوزع علاقتها بين سياسيين، وجامعات، ومراكز أبحاث، ومجموعات ضغط، وطلاب. كما ترفض آيباك الانحياز لأي حزب أمريكي، لكنها تموّل حملات كل من الجمهوريين والديمقراطيين ما داموا يلتزمون بالدعم غير المشروط للاحتلال.

دعم واسع وممولو رحلات

لا تكتفي آيباك بالتأثير المباشر في الكونغرس، بل تدير عبر مؤسساتها وشبكتها الواسعة، حملات تمويل ضخمة لرحلات أعضاء الكونغرس إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة. فبحسب موقع "ذا إنترسبت"، تكفلت مؤسسات داعمة للاحتلال بتمويل 129 رحلة إلى "إسرائيل" في عام 2019، بلغت كلفتها 2.32 مليون دولار.

وتشمل هذه المؤسسات: مؤسسة كوريت، سوارتز، الصندوق القومي اليهودي، مؤسسة One 8، مؤسسة تشارلز ولين شوسترمان، مؤسسة بول سينغر، صندوق ميلتون كوبر، وعقارات هيدي أوردن. وتقوم هذه المؤسسات برعاية صندوق التعليم الأمريكي الإسرائيلي الذي يدير الرحلات ويوفد المشرعين في زيارات مدفوعة بالكامل.

حرب على المعارضين والداعمين لفلسطين

في المقابل، تقود هذه اللوبيات بحملات تشهير وتهديد ممنهجة ضد الأصوات السياسية والثقافية التي تتبنى مواقف مؤيدة لفلسطين. وتشمل هذه الحملات استهداف شخصيات مثل إلهان عمر، ورشيدة طليب، وكوري بوش، وبيلا حديد.

ففي عام 2022، على سبيل المثال، أنفقت آيباك عشرات ملايين الدولارات لتمويل إعلانات هجومية على مرشحين ديمقراطيين تقدميين، وأطلقت لجنة عمل سياسية فائقة تُعرف باسم "مشروع الديمقراطية المتحدة" خصصت لها تمويلًا ضخمًا لإسقاط من يعارضون الاحتلال أو يعبرون عن دعمهم لفلسطين.، وفي أغسطس 2024 ساهمت في إسقاط النائبة كوري بوش في الانتخابات التمهيدية، لصالح مرشح محافظ مدعوم من اللجنة.

وفي يناير 2024، تبرعت آيباك بمبلغ 95 ألف دولار للنائب الجمهوري مايك جونسون بعد قيادته تمرير حزمة مساعدات بقيمة 14 مليار دولار للاحتلال، لتصبح بذلك أكبر جهة مانحة لحملته في عام 2023. ووفقًا لسجلات لجنة الانتخابات الفيدرالية، تلقى جونسون عدة تبرعات صغيرة من آيباك في أواخر أكتوبر/تشرين الأول 2023، تراوحت بين 10 دولارات و500 دولار.

لكن في نوفمبر التالي، ارتفعت التبرعات بشكل ملحوظ، إذ تلقى جونسون 71 دفعة منفصلة بلغت قيمة كل منها 5000 دولار، خلال الفترة من 5 إلى 29 نوفمبر. بعد قيادته تمرير حزمة مساعدات بقيمة 14 مليار دولار للاحتلال، لتصبح بذلك أكبر جهة مانحة لحملته في عام 2023.

اقرأ أيضًا:

حرب الإبادة وعولمة القضية.. من شوارع غزة المدمرة إلى قلب الجامعات الأمريكية

ووفقًا لموقع "ذا إنترسبت"، ضخت آيباك ما مجموعه 104 آلاف دولار في حملة جونسون الانتخابية، خاصة بعد توليه رئاسة مجلس النواب وقيادته لتشريعات دعم الاحتلال، بما في ذلك قانون استخدام أموال مصلحة الضرائب لصالح تمويل أوكرانيا و"إسرائيل".

ويؤكد جيمس زغبي، رئيس المعهد العربي الأمريكي، أن مساهمات آيباك تهدف إلى مكافأة من يصوّت لصالح الاحتلال، ومعاقبة من يعارضه، مستخدمة المال كورقة ضغط لإبقاء السياسة الأمريكية في مسار واحد.

أما البروفيسور ستيفن والت، المؤلف المشارك لكتاب "اللوبي الإسرائيلي والسياسة الخارجية الأمريكية"، فقال لموقع الإنترسبت إن سياسة الولايات المتحدة تجاه الشرق الأوسط هي القضية التي كان لجماعات الضغط فيها التأثير الأكبر، مضيفًا: "فيما يتعلق بالسياسة الخارجية، ربما تكون هذه هي القضية الوحيدة التي كان للمال فيها أكبر أثر سلبي".