شبكة قدس الإخبارية

مخاوف إسرائيلية وتحذيرات من دولة ثنائية القومية.. لماذا؟!

عمر أبو عرقوب

رام الله – خاص قُدس الإخبارية: بعد 48 عاما من احتلال "إسرائيل" لكامل الأراضي الفلسطينية، وبعد أن أصبح 600 ألف مستوطن يعيشون في مناطق الضفة المحتلة، بدأ الإسرائيليون يتخوفون من تلاشي حل الدولتين وحتمية الذهاب إلى حل الدولة ثنائية القومية "ديمقراطية"، يعيش فيها الفلسطينيون والإسرائيليون على مساحة فلسطين التاريخية، أو أن تكون كونفدرالية "فلسطين-إسرائيل".

إثارة التخوفات الإسرائيلية

صرح زعيم حزب هناك مستقبل يائير لبيد أن الفلسطينيين يشكلون تهديدًا وجوديًا على "إسرائيل" إذا لم يتم الانفصال عنهم، مضيفا "لا يجب الحديث مع الفلسطينين حول السلام، وإنما يتوجب الحديث مع الدول العربية وأثرياء الخليج مباشرة في قمة إقليمية حول السلام"، منتقدا بذلك سياسة نتنياهو وحكومته الذين حسب قوله "يتفاوضون مع الفلسطينيين من أجل عرض أنفسهم على الكاميرات".

وأكد لبيد أنه خلال 10 سنوات، ستواجه "اسرائيل" أخطر تهديد وجودي عليها منذ 1948، وأن الوقت المناسب للانفصال هو الآن في ظل الانتفاضة الحالية، من أجل المحافظة على يهودية "إسرائيل" وديمقراطيتها ، مضيفا، "إسرائيل ليست بحاجة إلى 3.5 مليون فلسطيني آخرين".

وفي ذات السياق دعا أعضاء من المعارضة واليسار الإسرائيلي إلى التعجيل في الانفصال عن الفلسطينيين بشكل كامل، من خلال المفاوضات، خوفا من الوصول إلى الدولة ثنائية القومية.

وكان وزير الخارجية الأمريكي جون كيري حذر "إسرائيل" ونتنياهو بأن الأوضاع تسير نحو دولة ثنائية القومية، ستفقد "إسرائيل" إمكانية جعلها دولة يهودية، مضيفا، أنه في حال استمر الوضع القائم في الضفة، في ظل إجراءات الاحتلال والاستيطان، "ستنهار السلطة الفلسطينية، وهو ما سيقودنا إلى دولة ثنائية القومية، لا وجود لأغلبية يهودية فيها".

وأضاف "ستكون إسرائيل مطالبة بالإدراة المدنية، وحفظ الأمن في الضفة، بسبب البناء الإستيطاني  والأهم هل إسرائيل جاهزة ومستعدة لذلك". وقد جاءت هذه التصريحات خلال كلمة لكيري في مؤتمر "سوفان" الإثنين الماضي.

هوس ثنائية القومية

بعد ما أثار لبيد وكيري قضية الدولة ثنائية القومية، كان لزاما على نتنياهو الإدلاء بدلوه ليستنكر الحديث، مؤكدا بأنه لن تقوم دولة ثنائية القومية، ومرددا سيمفونيته أن تحقيق السلام يتطلب شريكا فلسطينينا مؤمنا بالعملية السلمية.

فيما اعتبر رئيس كتلة البيت اليهودي شولي موعلام رفوآلي، أن النظام الأمريكي الحالي لديه سوء إدارة وفهم للمنطقة، وقال، "العامل الديمغرافي في حل الدولة الواحدة يتصاعد لصالح الفلسطينيين".

ويعتبر بعض الإسرائيليين أن استمرار الاستيطان في الضفة يقود لدولة ثنائية القومية، بسبب تزايد أعداد المستوطنين وقربهم من الأحياء الفلسطينية، في حين سيرفض المستوطنون بعد ذلك فكرة الفصل والتخلي عن مستوطناتهم.

وقال أحد أكبر المختصين في الديموغرافيا والجيوستراتيجيا في "إسرائيل" البروفيسور أرنون سوفر، "هناك 6.5 مليون يهودي في إسرائيل، يقابلهم 1.8 مليون فلسطيني في الداخل، و1.8 ملوين في غزة، و2.5 مليون في الضفة".

وأضاف، أن هذا يعني أن الدولة ثنائية القومية تضم 6.5 مليون يهودي، و 6.1 مليون فلسطينيين، نسبة اليهود فيها 52%، ولكن بعد عشر سنوات مع ارتفاع نسبة المواليد في الأوساط الفلسطينية، سيشكل اليهود 48 % والعرب 52%، "أي أننا سنصبح أقلية يهودية في أرض إسرائيل"، حسب تعبيره.

وأشارت القناة الإسرائيلية الثانية إلى أن بعض الإسرائيليين بدأوا بالدعوة لزيادة المواليد والقدرة الإنجابية للمرأة الإسرائيلية بهدف زيادة عدد السكان في الأعوام المقبلة، إلا أن البروفيسور سوفر قال، "هذا ما لا يمكن قياسه والبناء عليه، إسرائيل تخسر ديموغرافيا كل يوم".

وقال البروفيسور تسبي اكشتاين المختص بمجال الأعمال والإقتصاد، إنه في حال وجدت رغبة بتطبيق الدولة ثنائية القومية، فإن الصعوبات المدنية والمعيشية ستكون كبيرة جدا، مضيفا، "مستوى المعيشة في إسرئيل سنويا 35 ألف دولار، بينما في الضفة ألفي دولار، وفي غزة ألف ونصف دولار".

وتابع، "أقل راتب في إسرائيل هو 4300 شيقل، وإذا أردنا الفلسطينيون يعملون بأجر أدنى من أقل راتب في إسرائيل، هناك فجوة كبيرة بحاجة لمعجزة لتخطيها".

دولة كونفدرالية

وفي ذات السياق قال أبراهام بورغ أحد أهم منظرين اليسار الإسرائيلي لفكرة ثنائية القومية، "الفصل غير ممكن، نحن نتحدث عن دولتين لكن الواقع يقود إلى دولة ثنائية القومية، أو ربما نذهب إلى نظام جديد، بحيث يعيش الجميع بالتساوي في الجغرافيا والحريات ولكن لليهود إدارتهم الخاصة وللفلسطينيين إدارتهم الخاصة، وفوق كل ذلك حكومة تجمع الطرفين على شكل كونفدرالي اتحادي، ويمكن تسميتها كونفدرالية إسرائيلية-فلسطينية".

بينما يرى شمعون ركلين من مؤسسي مستوطنة "ميجرون" المقامة على أراضي رام الله في الدولة ثنائية القومية أنها دولة إسرائيلية تضم فلسطينيين، ويقول "يهودا والسامرة (الضفة) كلها لنا، بامكاننا اعطاء الفلسطينيين هويات وتحويلهم إلى إسرائيليين، فكل الأراضي الممتدة من نهر الأردن إلى البحر هي أراض إسرائيلية يستطيع الفلسطينيون العيش فيها تحت ظل الدولة الاسرائيلية".

ثنائية القومية فلسطينيًا

في المقابل لا يرهق الفلسطينيون أنفسهم بالتفكير في الدولة ثنائية القومية، وكان من أواخر من ذكروها رئيس الوزراء السابق أحمد قريع في العام 2010، حيث طرح فكرة التخلي عن مطلب الدولة المستقلة وإمكانية قبول الدولة ثنائية القومية كتهديد لـ"إسرائيل"، احتجاجا على استمرار  سياستها ضد الفلسطينيين، علما أنه حتى الآن لا يوجد فصيل فلسطيني يعلن تبنيه هذا الخيار.

ويرى الكاتب السياسي ماجد كيّالي، أن تصريحات قريع  جاءت كرد فعل شخصي على السياسة الإسرائيلية، أي أنها ليست نتاج إطار تشريعي فلسطيني، أو استراتيجية سياسية رسمية للفلسطينيين، مشيرا إلى أن فكرة ثنائية القومية لها ايجابيات كإزالة الصبغة اليهودية عن "إسرائيل"، كما أن الفلسطينيين سيحفظون وحدة أراضهم التاريخية ويحققون وحدة شعبهم، حسب قوله.

من جهته اعتبر رئيس المركز المعاصر للدراسات رائد نعيرات، أن "إسرائيل" لن تقبل بهذا الخيار حتى لو قبل الجانب الفلسطيني به، واتفق معه في ذلك المحلل السياسي أكرم عطا الله، الذي أضاف بأن فكرة ثنائية القومية مستحيلة التطبيق، ولكن يمكن تبنيها فلسطينيا لإحراج "إسرائيل"، وإظهارها كدولة عنصرية، ترفض فكرة الدولة الفلسطينية وترفض فكرة الدولة ثنائية القومية، كما قال.