شبكة قدس الإخبارية

عيون أطفأ الاحتلال نورها لوأد الانتفاضة

أحمد يوسف

القدس المحتلة – قُدس الإخبارية: بينما يستعد عمرو للحصول على اعتراف رسمي بحقه في مزاولة مهند الطب، ويحضر محمد نفسه لبدء عامه الدراسي الأول، كان رصاص الاحتلال عاملا مشترك يفسد الحكايتين ويطفئ نور العين اليسرى لكلا الشابين المقبلين على خطوة جديدة وحاسمة في حياة كل منهما.

الثالثة ثمنها نظره

في القدس، يوم الأحد (4/تشرين أول) الجاري خرج محمد يوسف برقان (18 عاما) من منزله ليتلقى الإصابة الثالثة في حياته من قبل الاحتلال، لكنها كانت الأكثر إيلاما هذه المرة، فالهدف هذه المرة عينه اليسرى والنتيجة فقدانها للابد.

ويقول يوسف برقان والد محمد، إن جنود الاحتلال أطلقوا رصاصة مطاطية على عين ابنه ثم هاجموه واعتدوا عليه بالضرب المبرح، متسببين بتكسير أسنانه وجمجمته وأنفه وتهشم العظم حول عينه، قبل أن ينقلوه إلى المستشفى لتجرى له عملية جراحية استمرت لثمان ساعات، وانتهت باستئصال عينه وزراعة بلاتين حولها لمسك العظم الذي تهشم.

ويضيف لـ قُدس الإخبارية، أن الاحتلال أدخل محمد إلى غرفة العمليات مقيدا وبقي كذلك ليومين بعد خروجه من غرفة العمليات، قبل أن يتم إخراجه من المستشفى دون أن انتهاء العلاج الذي يحتاجه وينقل إلى زنازين الاحتلال، حيث جرى التحقيق معه وعقد جلستين له كانت إحداهما اليوم.

ورغم مرور أسبوع على الجريمة، إلا أن سلطات الاحتلال مازالت تواصل منع العائلة من مقابلة ابنها أو التحدث معه، وحتى في قاعة المحكمة اليوم لم يكتب لهم ولو حوار لبضع كلمات يطمئنون من خلالها على صحة نجلهم، لكن والده يبين أن عينه كانت مغلقة تماما بالخيوط بعد أن تمت إزالة الغطاء عنها، كما بدا وجهه منتفخا وحيط بعينه لون أزرق نتيجة تخثر الدم والإصابة.

ويوضح برقان، أن إصابة ابنه كانت قبل ثلاثة أيام فقط من التحاقه بكلية سخنين لدراسة ميكانيا السيارات، مبينا، أن هذه الإصابة هي الثالثة في حياته، فقبل ثمانية أشهر أصيب برصاصة مستوطنين في قدمه، وقبل عامين تعرض لاعتداء بالهراوات من قبل عصابة من المستوطنين.

 وقررت محكمة الاحتلال اليوم عقد جلسة جديدة لمحاكمة محمد الاربعاء المقبل، فيما يصر محاميه على طلب الإفراج عنه باعتباره نال ما هو أشد من الاعتقال عندما فقد عينه وتعرض للضرب والتنكيل، رغم أن محمد رفض خلال جلسات التحقيق الاعتراف بالتهم الموجهة إليه وهي المشاركة في إلقاء الحجارة.

طبيب أصبح عليلا

في الخليل حالة أخرى؛ الواقعة حدثت الجمعة الماضية (9/تشرين أول) الجاري، والهدف كان عمرو وجيه عقل (25 عاما) من بلدة بيت أولا قضاء المدينة، وهو طبيب امتياز أنهى دراسة الطب في اليمن وعاد لفلسطين ليبدأ العام التدريبي المقرر عليه قبل منحه مزاولة المهنة.

ويقول عمرو لـ قُدس الإخبارية، إنه خرج بعد صلاة الجمعة إلى مستشفى عالية الحكومي لبدء دوامه في ذلك اليوم، ليمر في طريقه من منطقة باب الزاوية بالخليل، حيث كانت قد اندلعت مواجهات بين متظاهرين وقوات الاحتلال، في إطار الانتفاضة الشعبية التي دخلت في ذلك اليوم يوجها التاسع.

ويوضح عمرو، أنه لاحظ إصابة شاب بجروح فتوجه إليه لتقديم المساعدة بحكم دراسته، لكنه تلقى رصاصة من الأعلى استقرت في عينه، وفقد على إثرها الوعي ثم استفاق في اليوم التالي ليجد نفسه فاقدا لعينه اليسرى.

ويبين، أن الإصابة كانت برصاصة مطاطية أدت لتهتك أنسجة العين وعجزر الأطباء عن إزالتها فقرروا استئصال العين وإخراج الرصاصة معا، مضيفا، أنه من المفترض أن يتم لاحقا تركيب عين زجاجية لن تعيد البصر إليه لكنها ستبقى منظرا في وجهه.

ورغم إصابته يؤكد عمرو إصراره على متابعة عمله في مجال الطب، مشددا على أن إصابته في عينه لن تمنعه من من مزاولة مهنته مادام قادرا على الإبصار بعينه الأخرى.

وتشير وزارة الصحة إلى أن أغلب الإصابات المسجلة خلال المواجهات الأخيرة في القدس والضفة كانت في الرأس والصدر والبطن، علما أن استهداف العيون على وجه التحديد ظل منهجا طوال الأشهر الماضية وتحديدا باستخدام الرصاص الأسود، الذي أفقد كثيرا من الفتية والأطفال عيونهم، قبل أن يتم تعزيزه في الضفة مؤخرا.