رام الله – خاص قُدس الإخبارية: لا أحد يعلم ما يدور في رأس الرئيس محمود عباس، هكذا تحدث مصدر مطلع على اجتماعات اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، مبينا، أن هناك غموضا شديدا بشأن خطاب الرئيس المقبل وما سيحتويه، حتى بعد أن تحدث الرئيس عن قنبلة سيفجرها في هذا الخطاب.
ويؤكد المصدر لـ قُدس الإخبارية، أن الرئيس لم يبلغ أحدا من أعضاء التنفيذية أو على الاقل الاعضاء غير الفتحاويين بمحتوى الخطاب أو بالقرار الذي سيعلن عنه، منوها إلى أن الرئيس يعتمد سياسة الغموض بشكل في الفترة الماضية في تعامله مع أعضاء التنفيذية.
لا تغيير يذكر
هذه التصريحات ربما تؤكدها التضارب في أحاديث المسؤولين الفلسطينيين عن الخطاب، فبعض هؤلاء المسؤولين تحدثوا بشكل معلن وبعضهم الاخر طلب عدم كشف اسمه، لكن الشيء المشترك بينهم جميعا كان التضارب في مضمون الخطاب، حسب ما أعلن كل منهم.
أحد المسؤولين كشف في حديث صحافي عن أن الخطاب سيتضمن خمس نقاط آخرها سيعلن فيها الرئيس عن فلسطين دولة تحت الاحتلال، وسيحمل الاحتلال مسؤوليته الكاملة تجاه ذلك، فما معنى هذا الاعلان؟!
"لا يوجد في القانون الدولي بند اسمه دولة تحت الاحتلال"، هكذا أجاب الخبير في القانون الدولي جورج جقمان، مبينا، أن خطوة الرئيس يجب قراءتها من زاوية سياسية، وأهميتها تتوقف على ما سيعلنه في اﻷمم المتحدة، من قبيل وقف العمل باتفاقية أوسلو، وبخاصة التنسيق الأمني وهو مسألة حساسة للاحتلال، رغم إنهائها عمليا باختراقات الاحتلال لمناطق "أ" بشكل يومي وتنفيذ حملات اعتقالات ومداهمات بدون رادع.
وأضاف جقمان لـ قُدس الإخبارية، أن وضع السلطة القانوني لن يختلف بعد اﻹعلان عن فلسطين كدولة محتلة، مشيرا إلى أن أغلب الدول تعتبر الضفة وغزة أراض محتلة، وحتى الولايات المتحدة تقر بعد قانونية سيطرة "إسرائيل" على شرقي القدس المحتلة.
وأكد على هذا الموقف، أستاذ القانون الدولي ياسر العموري، الذي قال لـ قُدس الإخبارية، إن إعلان فلسطين دولة تحت الاحتلال يعد مشروعا غير متكامل ولا يحمل جديدا، مضيفا، أن استراتيجية السلطة دوليا يجب أن تكون بتحميل اﻷمم المتحدة ومجلس اﻷمن مسؤولية تخليص فلسطين من الاحتلال، بعد أن نالت صفة دولة مراقب في المنظمة، وضمن الفصل السابع، اتخاذ إجراءات لإجبار الاحتلال على الانسحاب ومحاكمة قادته على جرائمهم بصفتها جرائم حرب.
السلطة ليست معنية بالتصعيد
"لدي قنبلة سأفجرها في الأمم المتحدة"، هكذا قال الرئيس محمود عباس قبل أيام، محدثا ارتباكا في المجتمع الدولي وكذلك في الأوساط السياسية الإسرائيلية، تبعه حراك للبحث عن تفاصيل هذه القنبلة وتبعاتها، لتتوالى بعد ذلك التصريحات والتسريبات التي تؤكد إبطال مفعول هذه القنبلة.
صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية نقلت قبل أيام أن الرئيس عباس طمأن دبلوماسيين أوروبيين بأنه لن يلغي اتفاقية أوسلو ولن يحل السلطة، ثم عادت لتنقل أمس أن عباس أكد لبنيامين نتنياهو ذلك في رسائل سرية نقلها الوزير السابق مائير شطريت، وتضمنت أيضا تأكيدا بعدم وقف التنسيق الأمني أو حل السلطة، وتصريحا برغبته العودة إلى المفاوضات.
وتحدث الرئيس محمود عباس لسفراء إسرائيليين سابقين في باريس الإثنين الماضي، عن استعداده للعودة إلى المفاوضات داعيا نتنياهو لقبول امتحان السلام، قبل أن يؤكد اليوم الناطق باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة بأن الرئيس إذا وجد أملا لو ضئيلا لاستئناف المفاوضات فسيحدد في ضوء ذلك ما سيقوله في الأمم المتحدة.
وتكشف هذا التصريحات عن أن "القنبلة" الموعودة لم تعد كذلك، فيقول المحلل السياسي خليل شاهين، إن من يريد المواجهة والتصعيد ضد الاحتلال دوليا، لا يمكن أن يسعى بكل قوة وبشتى الطرق للعودة إلى المفاوضات، وإحياء مشروع القرار الفرنسي الداعي إلى مفاوضات بنفس الطابع الثنائي تحت غطاء دولي.
ويضيف شاهين لـ قُدس الإخبارية، أن خطاب السلطة سقفه مرتفع بعكس الواقع، حيث لم تتم تهيئة الشارع الفلسطيني لتحمل تبعات تفجير قنبلة في الامم المتحدة، مبينا، أن المطلوب على الأقل تنفيذ قرار المجلس المركزي في آذار الماضي، والتي قضت بوقف التنسيق الامني وإعادة النظر في اتفاقية أوسلو، لا الذهاب لإصدار إعلان يضاف إلى ما سبقه منذ عامين، دون تغيير في شكل العلاقة مع الاحتلال.
ويعزز وجهة النظر هذه قول الكاتب هاني المصري في مقال له، إن قمع السلطة للمسيرات التي خرجت في عدد من مدن الضفة المحتلة نضرة للمسجد الأقصى، يؤكد أنها معنية بالحفاظ على الوضع الراهن، وأن خيار المقاومة غير مطروح على الطاولة.
وكانت صحيفة "يديعوت أحرنوت" الإسرائيلية كشفت عن أن الرئيس محمود عباس أبلغ سفراء إسرائيليين سابقين بأنه سيقدم استقالته خلال ثلاثة أشهر، أي قبل نهاية العام، في حال لم يحدث تغير في الوضع القائم، فيما قالت صحيفة "هآرتس" إن أي إعلان أقل من حل السلطة سيكون في الواقع إبطالا لمفعول "القنبلة الموعودة".