القدس المحتلة – خاص قُدس الإخبارية: مازالت الاعياد اليهودية في بدايتها، لكن الجرح في الأقصى بدا عميقا خلال الايام الماضية، فما يسمى بـ "رأس السنة العبرية" يعد فاتحة لسلسلة أعياد يهودية تستمر قرابة الشهر، وقد حمل مع احتفالات المستوطنين به جرائم وانتهاكات واسعة بحق المسجد الاقصى، والمرابطين والمرابطات فيه، والمعتكفين والحراس أيضا.
شبكة قُدس الاخبارية رصدت الانتهاكات التي تعرض لها المسجد الاقصى خلال الأيام الأربعة الماضية، تزامنا مع "رأس السنة العبرية"، والتي امتدت لتطال أحياء البلدة القديمة وبلدات المدينة المقدسة.
الاعتداء على حراس الاقصى
ويقول مسؤول الاعلام والعلاقات العامة في دائرة الاوقاف فراس الدبس لـ قُدس الاخبارية، إن الاحتلال طرد في اليوم الاول من "رأس السنة العبرية" جميع حراس المسجد الأقصى، ولم يُسمح لاحد بدخول المسجد، وذلك لتسهيل اقتحامات المستوطنين له والتجول فيه.
وأضاف، أن عناصر الاحتلال اعتدوا على الحراس بالهروات وبالضرب المبرح واطلقوا الرصاص المطاطي عليهم، ما أدى لإصابة الحارس لؤي ابو السعاد برصاصة في صدره، وإصابة حارسين آخرين برضوض بعد الاعتداء عليهما بوحشية، إضافة لاعتقال الحارس حازم الصالحي بعد الاعتداء عليه.
واستمرت الاعتداءات والاشتباكات بالايدي يومي الاثنين والثلاثاء، وازدادت حدتها اليوم الاربعاء، حيث نقل الحارسان حمزة نمر وموفق حمامي الى مستشفى المقاصد بعد الاعتداء عليهما بالضرب خلال محاولتهما حماية المصلى القبلي لدى اقتراب المستوطنين منه أثناء اقتحامهم لباحات المسجد الاقصى.
الاعتداء على الصحفيين
ولم تسلم الطواقم الصحفية خلال أداء واجبها من الاعتداءات، لمنعهم من نقل حقيقة ما يجري، فقد اعتدت شرطة الاحتلال على مجموعة من الصحفيين وكسرت عدتهم، منهم مراسلة تلفزيون فلسطين كرستين ريناوي التي أصيبت في عينها بقنبلة صوت، بالإضافة للمصور مصطفى الخاروف، الذي اعتقل بصورة وحشية وأبعد عن البلدة القديمة لـ 15 يوما، والمصور أيمن ابو رموز الذي تم تكسير عدته وضربه بها.
كما اصيبت الصحفيتان بيان جعبة ولواء ابو ارميلة جراء إطلاق قنابل الصوت عليهما، وأصيبت الصحفية ديالا جويحان برضوض وخدوش بعد الاعتداء عليها بالضرب ولوي ذراعها خلال تواجدها في محل للاشرطة.
وسلمت شرطة الاحتلال الصحفية في شبكة قدس الاخبارية ليالي عيد استدعاء للتحقيق خلال اجرائها لمقابلات بالقرب من باب المجلس، فيما اعتدت قوة اخرى على مراسلة الشبكة ومصورتها صابرين عبيدات.
كما تم الاعتداء على المصور محفوظ ابو ترك بقنبلة صوت أصابت قدمه، وعلى المصور جهاد المحتسب برش غاز الفلفل في وجهه، فيما تم الاعتداء بالضرب على المصورين ايثار ابو غربية واحمد غرابلة ومنذر الخطيب، بالاضافة لمراسل قناة الغد العربي ضياء حوشية.
واستنكر المكتب الحركي لصحافيي القدس الاعتداء على الصحفيين، مطالبا المؤسسات التي تعني بالدفاع عن حقوق الصحافيين كوزارة الاعلام الفلسطيني ونقابة الصحافيين الفلسطينيين بالتدخل العاجل لوقف الانتهاكات بحق صحافيي القدس.
حصيلة الاعتقالات
وشهدت الاعتداءات الاسرائيلية تصاعدا في وتيرة الاعتقالات ضد مختلف الاجيال العمرية والمناطق، حيث تم اعتقال 40 فلسطينيا خلال أربعة أيام فقط (الاحد - الاربعاء)، وفقا لرئيس لجنة أهالي الاسرى المقدسيين أمجد أبو عصب.
ويوضح أبو عصب لـ قُدس الإخبارية، إن الاعتقالات شملت مختلف الاحياء والمناطق في القدس، وطالت ثلاث نساء منهن قاصرة هي الاء الداية، بعد الاعتداء عليها بوحشية أمام باب السلسلة، مضيفا، أن الاحتلال اعتقل أيضا صديقتها مادلين عيسى، ثم افرج عنها بعد تسليمها قرارا بمنعها من دخول الاقصى لـ 45 يوما، مع فراض غرامة مالية بقيمة 500 شيكل بحقها.
وبين أبو عصب، أن الاعتقالات طالت 18 شابا منهم مسعف في جمعية الهلال الاحمر، وحارس في المسجد الاقصى، ومصور صحفي، و18 قاصرا أصغرهم الطفل معاذ الصياد وعمره (12 عاما) فقط، وهو من بلدة الطور، علما أن حصيلة الاعتقالات هذه حتى عصر اليوم، حيث تشهد القدس مواجهات تخللها اعتقالات أخرى.
حصيلة الإصابات
واندلعت مواجهات في مناطق مختلفة من مدينة القدس ردا على الاعتداءات الاسرائيلية، استخدم خلالها الاحتلال الرصاص المطاطي وقنابل الصوت والغاز المسيل للدموع وغاز الفلفل.
ويقول مدير الهلال الأحمر أمين أبو غزالة لـ قُدس الإخبارية، إن طواقم الهلال تعاملت مع 110 اصابات يوم الاحد فقط، حيث نقلت إحداها إلى المستشفى، فيما تم علاج البقية ميدانيا.
وتعرض 22 فلسطينيا يوم الاثنين لاصابات مختلفة بين الاختناق والرضوض، نتيجة الضرب المباشر او بفعل اطلاق قنابل الغاز والصوت، وقد كان من بين هذه الاصابات مسن أصيب في عينه واستدعت حالته نقله للمستشفى لتلقي العلاج.
اما يوم الثلاثاء، فقد كانت الحصيلة 36 اصابة، تم علاج اغلبها ميدانيا لصعوبة نقل المصابين بسيارات الاسعاف، حيث اعتقلت قوات الاحتلال أحد المصابين من داخل مركبة الاسعاف.
وأصيب اليوم الاربعاء حارسان في المسجد الاقصى برضوض، نتيجة الاعتداء عليهما بالهراوات خلال تصديهما لاقتحامات المستوطنين للمسجد الاقصى.
أضرار جسيمة بالمصلى القبلي
واستهدفت قوات الاحتلال بشكل اساسي في اقتحاماتها المصلى القبلي المسقوف ذو القبة الرصاصية، وكثفت من اعتداءاتها على المعتكفين فيه، بعد أن حاصرتهم مرات عديدة وأطلقت داخل المسجد الرصاص المطاطي وقنابل الصوت والغاز، بل وصل الامر لتحطيم بوابات المسجد ونوافذه التاريخية، والوصول لمنبر صلاح الدين.
وقال مدير المسجد الأقصى عمر الكسواني لـ قُدس الإخبارية، إن قوات الاحتلال دمرت المصلى القبلي واعتلت سطحه وكسرت نوافذه التي تعود بعضها الى العهد العثماني والبعض الاخر الى العهد الأموي، كما كسرت زجاج الانارة فيه وأحرقت جزءا من السجاد داخله.
وأضاف، أن هذه الاعتداءات تبدو واضحة عند دخول المصلى القبلي من باب الجنائز الذي تم تدميره بالكامل، موضحا، أن جنود الاحتلال قصوا حديد نوافذه الخارجية لتسهيل إطلاق أنواع السلاح المختلفة على المعتكفين، كما خربوا مقتنياته ورفوفه وأعمدته الرخامية.
وتصاعد الدخان من الناحية الجنوبية للمصلى القبلي يوم الاحد بعد اندلاع حريق فيها، قبل أن يسارع رجال الإطفاء في المسجد الأقصى للسيطرة على النيران.
ورغم أن المصليبن وسدنة المسجد الاقصى قاموا بحملة تنظيف واسعة لاعادة تأهيله وتهيئته للمصلين، إلا أن رائحة قنابل الغاز المسيل للدموع مازالت منتشرة في أجواء المسجد، ما أجبر العديد من المصلين لأداء الصلوات خارج المصلى في الباحات.
تجدر الإشارة إلى أن منظمات تهويدية كانت قد أطلقت دعوات للمشاركة في الاقتحامات طوال فترة الاعياد اليهودية، مؤكدة أنها نسقت مع قوات الشرطة لتأمين هذه الاقتحامات، ما يعني أن الوضع في الاقصى مرشح لمزيد من التصعيد خلال الأيام المقبلة.