غزة-خاص قُدس الإخبارية: لا تكاد تخلو نشرة إخبارية يومية من أنباء تتحدث عن "اتفاقية تهدئة بين حماس والاحتلال الإسرائيلي"، فتارة تُذكر تفاصيل زيارات ولقاءات بين سياسيو حركة حماس وأطرافٍ دولية يُتوقع بعدها اقتراب توقيع اتفاقية تهدئة طويلة، فيما تظهر أخبار تارة أخرى نافية كل ما قيل بتقارير سابقة.
بين هذا وذاك، يتابع الأهالي في قطاع غزة أنباء التهدئة كأهم خبر برفقة أخبار الكهرباء والمعابر، فيما يبدو أنه أهم "خبر سياسي" يظهر على الساحة الإخبارية الآن، والذي قد يعفيهم من متابعة أخبار المعابر والكهرباء والحصار لاحقًا في حال ثبت صحته.
شماعة الأمل هي التي علق عليها أحمد سلاطين الحديث حول التهدئة، متوقعًا أن تتكلل إنجازات المقاومة باتفاقية تريح الشعب الذي يعاني الأمرين بحسب تعبيره، قائلًا نحن كلنا أمل بقرب توقيع اتفاقية تهدئة يتحصل فيها الفلسطيني بغزة على حقوقه المشروعة، معلقًا "الناس تعبت وبدها ترتاح"
الحاج أبو أيمن إسكافي يرى أن المعطيات الأخيرة دفعت الناس إلى التفاؤل بقرب تثبيت اتفاق التهدئة، خاصة عقب الحديث عن لقاءات بأطراف خارجية وتصريحات لمستشارين دوليين، تشير إلى أن الفرج قادم وهو ما ينتظره الناس، مضيفًا "الغريق بيتعلق بقشة".
على الجانب الآخر، بدا البعض متشائمًا لكثرة ما سمع سابقًا عن أخبار تتعلق بالأمر لكنها أثبتت عدم صدقها بعد مرور شهور عليها، وهم هنا يقصدون ما أُذيع في منتصف شهر يونيو عن تلقي حركة حماس لعروض أوروبية تتعلق بتثبيت اتفاقية التهدئة لكنها حتى الآن لم تظهر نتائجها للعيان.
يسري الصفدي يقول، " لم نعد نصدق كل ما تصدره الأخبار العربية والمحلية حول هذا الموضوع تحديدًا، وإن كان علينا أن نفعل ذلك فهذا مشترط بخروج قادة المقاومة لشرح تفاصيل الأمور حول هذا الشأن وإلى ماذا انتهت، نحن بحاجة إلى أن نبقى متصلين بقيادة صادقة تضع الشعب في صورة الحدث واقعيًا دون تحليل أو تسويف مسبق، بحاجة إلى أن " نضع النقاط على الحروف" الصحفية هاجر حرب وجهت رسالتها كمواطنة من قطاع غزة، قائلة " لكل الفصائل، والمحللين، والفيسبوكيين، وكل المفرطين في التفاؤل بشأن الهدنة التي يتم الحديث عنها هذه الأيام، أرجو منكم عدم تأويل، ونشر، أخبار لا تعبر إلا عن تفاؤلكم المفرط تجاه الأشياء من حولنا، ليس من باب التشاؤم، بل لأننا نساهم بطريقة أو بأخرى في وضع الناس في بالونات هواء لا نعلم إلى أين ستصل ومتي ستنفجر لتسبب لنا أزمة نفسية جديدة".
وأضافت، "اتركوا للساسة عبء تداول تفاصيل هذه الهدنة، وحين يتم بالفعل التوصل لشيء عملي ومملوس نرجو الإعلان عنه بشكل رسمي عبر مؤتمر أو ما شابه، لنكون على بينة، إما أن نتداول الأخبار ونحن لا نعلم فعليًا أكثر مما تقدمة لنا شاشات اللاب توب، فهذا أمر غير مقبول".
نشطاء شباب ازدادت تساؤلاتهم عقب نفي مكتب نتنياهو لأي مفاوضات فعلية قائمة مع حماس سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، وهذا ما دفع الشاب محمد جبر للتساؤل " أين تسير الأمور؟ وهل الوساطة الدولية تمثل "إسرائيل"، ماذا لو كنا ضحايا وعودات مرة أخرى ؟!"
كما تخوّف الشاب عز الدين الأخرس أن يكون مبعوث الرباعية الدولية سابقًا توني بلير الذي بدأ جولته "منذ شهور" يُستفاد منه في لعبة كسب الوقت، والعبث بنفسية أهل غزة
مع كل الأنباء الرسمية وغير الرسمية والتحليلات والتوقعات والتنبؤات حول اتفاق تهدئة في غزة، إلا أن النفي الرسمي الواضح من الاحتلال لأي مفاوضات مع حماس، يبدو أنه نسف التوقعات القائمة على فرط الأمل، أو أجلها لفترة غير قريبة على الأقل.
القيادي في حركة حماس غازي حمد قال "مع الأسف أن وسائل الاعلام تلعب بأعصاب الناس حين تضخم وتبالغ كثيرًا في الحديث عن التهدئة والميناء والمعابر وكأن هناك اتفاقًا سيوقع غدًا، والذي يزيد الطين بلة هو تصريحات بعض المسئولين التي "تصب النار على الزيت " وتثير البلبلة والتساؤلات والتوقعات في الشارع دون أن يكون هناك رصيد حقيقي لهذه التصريحات، بحسب تعبيره.
ونصح حمد الأهالي ألا يقعوا ضحية الإعلام وألا يرفعوا سقف توقعاتهم دون بيانات حقيقية أو رسمية، هذه "اللعبة " تتكرر كثيرًا، وبسبب الأوضاع الصعبة فان الناس يتعلقون بـ"قشة"
وطالب المسئولين في حركة حماس أن يكونوا حذرين جدًا في تصريحاتهم وأن يكون الناس أكثر وعيًا وحنكة في التعاطي مع هذه "الموجات الساخنة والباردة".
بين الإفراط في الأمل، وافتراضات التشاؤم التي وصل إليها الأهالي في غزة، تبقى متابعة الأخبار المتعلقة بأنباء التهدئة ونتائجها بحاجة على حذر وتروِ، دون إفراط في هذا وذاك، وبحاجة إلى صبر لا يعرفه سوى أهالي غزة، لكثرة ما طولبوا به.
يُذكر أنه في 26 أغسطس/ آب من صيف عام 2014، توصلت “إسرائيل” والفصائل الفلسطينية في قطاع غزة، برعاية مصرية، إلى هدنة طويلة الأمد بعد حرب امتدت لـ"51 يوماً"، وتضمنت بنود هذه الهدنة استئناف المفاوضات غير المباشرة في غضون شهر واحد من بدء سريان وقف إطلاق النار، وتوافق الجانبان الفلسطيني والإسرائيلي، في 23 سبتمبر/ أيلول 2014، على عقد مفاوضات غير مباشرة، بوساطة مصرية، بهدف تثبيت التهدئة.