شبكة قدس الإخبارية

اللاجئون الفلسطينيون بسورية: رحلات موت إلى تركيا والنتيجة خيبة أمل

أحمد يوسف

سورية – خاص قُدس الإخبارية: كما جرت العادة؛ يدفع الفلسطينيون في الشتات أو الداخل ثمن أي أزمة في أي منطقة حولهم، فمنذ بداية الأزمة السورية وجد سكان المخيمات الفلسطينية هناك نفسهم في قلب الصراع وضحايا له، وعند انتقال الأزمة إلى الدول المجاورة وآخرها تركيا كان الفلسطينيون أول من يدفع الثمن.

رحلات الموت

ووفقًا لمجموعة العمل من أجل فلسطينيين سورية، فإن تركيا تشكل الملاذ الأول للفلسطينيين في الشمال السوري، مثل سكان مخيم النيرب الذي يسيطر عليه جيش النظام، ومخيم حندرات الذي أخلته بشكل كامل مجموعات محسوبة على المعارضة السورية منذ 27/نيسان/2013، بالإضافة لسكان مخيمي درعا واليرموك.

"رحلات الموت" يصفها المختصون واللاجئون الذين جربوها، خاصة أولئك القادمين من مخيم اليرموك والمخيمات الفلسطينية في الجنوب السوري، ويوضح علاء البرغوثي عضو مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية، أن هذه الرحلات تمثل مجازقة كبيرة لأن اللاجئين يمرون بمناطق جميع الجهات المتصارعة في سورية.

ويقدر عدد الحواجز التي يمر عنها اللاجئون في رحلتهم بـ (50 حاجزًا)، تابعة لجيش النظام والجيش الحر وجبهة النصرة و"داعش" وغيرها، ويقول البرغوثي، إن هذه الظروف تجبر اللاجئ أن يظهر كيساري مرة، ومعتدلاً مرة أخرى، ومتطرفًا في بعض الأحيان، فيما تضطر النساء لارتداء حجاب عادي أحيانًا وخمار أحيانًا أخرى والجلوس في نهاية المركبة.

ويبين، أن الرحلة تستغرق عادة بين يوم وثلاثة أيام للوصول إلى الحدود السورية التركية، ويكون دخول الأراضي التركية بعد ذلك مرتبطًا بالوضع هناك، وبحسب المهرب الذي يتابع الموضوع وفقًا لبعض اللاجئين، فيدخل البعض الأراضي التركية مشيًا على الأقدام، ويدخل آخرون عبر الجلوس بقدور كبيرة تُجر بالحبال التي تربط بمنطقة ما داخل الأراضي التركية.

تمييز وتشديدات

ولم تكن رحلات الموت هذه يومًا مضمونة النتائج بالنسبة للفلسطينيين في مخيمات اللجوء بسورية، لكن نتائجها اليوم باتت أكثر سوءًا، في ظل الأزمة على الحدود التركية والقتال الدائر بين الجيش التركي والمعارضة.

فمنذ عامين، لم يعد دخول النازحين الفلسطينيين من هذه المناطق إلى الأراضي التركية، حيث توقفت السفارات التركية عن إصدار تأشيرات دخول نظامية لهم دون إبداء الأسباب، ما يجعل إحصاء أعداد اللاجئين لتركيا أمرًا صعبًا، لكن مجموعة العمل يشير إلى إحصائيات غير رسمية قالت إن أعدادهم تتراوح بين 3 إلى 6 آلاف لاجئ.

ويقول علاء البرغوثي، إن هناك تمييز كبير بين اللاجئين السوريين والفلسطينيين داخل تركيا،فاللاجئون الفلسطينيون يحملون وثائق سفر لا جوازات سفر، ولا يسمح لهم بدخول الأراضي التركية دون تأشيرة، كما أن اللاجئ السوري يمنح حق الإقامة لثلاثة أشهر بمجرد دخوله للأراضي التركية، ثم يحق له التقديم على إقامة نظامية (سياحية)، وهذا ما لا يتوفر غالبًا للاجئ الفلسطيني.

ويضيف البرغوثي لـ قُدس الإخبارية، أن السلطات التركية تمنح نوعين من البطاقات للاجئين إلى أراضيها، الأولى بطاقة لاجئ (الكمليك) وتمنح للاجئين الفلسطينيين وبعض السوريين، ويمنع حاملها من الحركة خارج تركيا ولا تصلح لمعاملات عديدة مثل الاشتراك في الكهرباء والانترنت.

أما البطاقة الثانية فهي البطاقة السياحية، وتمنح غالبًا للاجئين السوريين وبعض الفلسطينيين وذلك مقابل عدة شروط أهمها الدخول بشكل نظامي للأراضي التركية، ويملك صاحبها الحق في السفر والعودة وفتح حساب في البنك وغير ذلك.

ويشير البرغوثي، إلى أن مشكلة اللاجئين الفلسطينيين النازحين إلى سورية قانونية في المقام الأول، حيث لايملك اللاجئون سوى البطاقة الشخصية السورية، وهي معيشية في المقام الثاني، فحراك بعض المؤسسات الأهلية في تركيا لا يغطي تكاليف المعيشة الباهظة هناك.

ترحيل

وخلال الأسابيع الأخيرة، تصاعدت معاناة دخول النازحين الفلسطينيين والسوريين أيضًا إلى الأراضي التركية، حيث شددت السلطات التركية من إجراءاتها على الحدود، ورصد ناشطون حقوقيون حالات اعتقال للاجئين فلسطينيين وسوريين تبعها ترحيل بعضهم إلى شمال سورية.

ويبين البرغوثي، أن المناطق التي تم ترحيل اللاجئين إليها غير آمنة وتشهد أعمال قصف واشتباكات يومية، مضيفًا، أنه لا يوجد توثيق دقيق إلى الأماكن التي توجه لها اللاجئون، لكن يُرجح أن بعضهم عاود الدخول للأراضي التركية عبر سلوكه نفس الطريق.

ويحاول اللاجئون إلى تركيا قدر الإمكان إخفاء إسمائهم عن الإعلام، حتى لا تصل إلى حواجز الجيش النظامي ويتم اعتقالهم في حال فشلهم في الدخول إلى تركيا، فيما يؤكد البرغوثي على عدم توثيق أي حالة تم فيها تسليم اللاجئين من قبل السلطات التركية إلى السلطات السورية.

ووفقًا لمجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية، فإن معظم اللاجئين الفلسطينيين يعتبرون تركيا محطة يحاولون من خلالها الوصول إلى الدول الأوروبية، وقد اشتكى اللاجئون من ازدواجية التعامل من قبل السلطات التركية، فهي تتفاعل مع قضيتي غزة والقدس وتسهل دخول حملة الجواز الفلسطيني لأراضيها، لكنها تمنع فلسطينيي سورية من الحصول على تأشيرات دخول.

تقصير رسمي

هذه المعاناة وبعدها التقصير، تجري بشكل متصاعد في ظل ضعف محاولات منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية لإنهاء المشكلة، ورغم أن السفير الفلسطيني في أنقرة أطلع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على معاناة فلسطينيي سورية، بعد لقاء بين منسق مجموعة العمل والسفير الفلسطيني في أنقرة، إلا أن رسالة السفير لأردوغان لا يبدو أنها قد حققت أي نتائج فعلاً.

وعن منظمة التحرير، يعتبر البرغوثي أن دورها لا يرقى بأي شكل من الأشكال لحجم المعاناة، "فالأمر في تركيا مشابه لما هو في سورية ولبنان، والتحركات بطيئة وغالبًا دون حجم المعاناة، والمشاكل القانونية التي يعاني منها اللاجئون الفلسطينيون في تركيا لم تحل حتى الآن"، حسب قوله.

ويطالب نشطاء حقوقيون السلطات التركية بمعاملة فلسطينيي سورية كلاجئي حرب والسماح لهم بدخول أراضيها، فيما لم يصدر حتى الآن أي تفسير أو توضيح من جهات رسمية تركية حول سبب إيقاف التأشيرات للاجئين الفلسطينيين في سورية.

تجدر الإشارة إلى أن الهيئة العامة لشؤون اللاجئين الفلسطينيين التابعة لحكومة المعارضة السورية المؤقتة، طلبت من فلسطينيي سورية التوقف عن سلوك ما سمته "منافذ التهريب البرية" بين (23/28) من تموز الجاري، في المنطقتين الأمنيتين اللتين اتخذتهما السلطات التركية في ولاية كلس الحدودية، لعدم تعريض حياتهم للخطر.