فلسطين-قدس الإخبارية: لم يكن الأسير المحرر أحمد بدوية من مدينة جنين شمال الضفة الغربية يتوقع أن سياسة الإهمال الطبي والمعاناة التي عاشها داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي هي ذات السياسة التي سيواجهها من أبناء جلدته بعد أن عانق الحرية.
ومنذ الإفراج عنه قبل ثمانية أشهر بعد اعتقال دام 11 عاما وهو يطرق كل الأبواب الرسمية والأهلية للحصول على علاج لمرضه الذي يتهدده كل حين بالموت، وحتى الآن لم يجد أي رد أو تفسير لتجاهل الجهات المسؤولة لا سيما وزارة الصحة الفلسطينية.
وأصيب الأسير المحرر والمحسوب على حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) بمرض نادر وقاتل يدعى "بهجت" نسبة لطبيب تركي اكتشفه، وهو أحد أشكال التهاب الأوعية الدموية ويظهر تقرحات في الغشاء المخاطي ويؤثر على الجهاز الهضمي والرئوي والعضلي والعصبي ويسبب الوفاة خاصة حينما يبدأ بشل جسم المصاب تدريجيا.
موت بطيء
ويقول بدوية (30 عاما) إنه أصيب بالمرض قبيل الإفراج عنه دون أن يعرف حقيقته نتيجة إهمال سلطات السجون ومماطلتها في عرضه على طبيب مختص، واقتصار العلاج على تقديم مسكن للألم ومخفضات للحرارة.
وبعد تحرره واجه بدوية ذات الأعراض كارتفاع الحرارة وعدم اتضاح الرؤية وشبه شلل بالمفاصل، وهو ما حدا به لمراجعة أطباء فلسطينيين مختصين الذين أكدوا له المرض فعلا.
[caption id="attachment_70923" align="alignleft" width="400"] لطفية بدوية تخشى أن يضيع نجلها منها ويموت ببطء[/caption]وعكس ما توقع، فقد بدت مشكلة علاجه خارج المعتقل أصعب وأكثر تعقيدا، حسب قوله، وأضاف أن جهات محددة في وزارة الصحة وخاصة قسم التحويلات الطبية مقصرة في حل معضلته وتقديم العلاج له.
لكن مسؤولة التحويلات بالوزارة أميرة الهندي نفت وجود أي إهمال بملف بدوية، وقالت للجزيرة نت إن ملفه وصل منذ وقت قصير، وإنها أوعزت بضرورة مراجعة الأسير للمستشفى الوطني الحكومي بمدينة نابلس حيث يوجد طبيب متخصص، "لنرى بعد ذلك المساعدة التي يمكن تقديمها بالعلاج هنا أو بالخارج أو بأي مكان يسمح به".
وأشار بدوية إلى أن شخصيات هامة في السلطة الفلسطينية ومسؤولين في مكتب الرئاسة زاروه واطلعوا على أحواله ووعدوا بالضغط للعلاج إلا أن شيئا لم يحدث.
ويخشى بدوية أن يواجه مصير زميليه جعفر عوض ورامي شلاميش اللذين توفيا عقب الإفراج عنهما من سجون الاحتلال واللذين عانيا من تلكؤ في العلاج.
ونفس الشعور بالخوف والقلق تعيشه والدته لطفية بدوية التي أكدت أنها لا تريد أن ترى أن نجلها يضيع من بين يديها ويموت ببطء أمام عينيها.
وتشير التقديرات إلى مئات الأسرى الفلسطينيين يعانون أمراضا مختلفة بينهم نحو 150 توصف أوضاعهم بالصعبة وأن 30 منهم مهددون بالموت في مستشفى سجن الرملة.
غياب الاهتمام
لكن الأهم برأي مدير مركز أحرار لدراسات الأسرى فؤاد الخفش أن الأسرى فعلا يعانون سياسة الإهمال الطبي المتعمد داخل السجون الإسرائيلية والإهمال بشكل عام خارجها وترك الأسير يواجه مصيره لوحده.
وقال للجزيرة نت إن الأسير يعيش إهمالا نفسيا وصحيا وإهمالا في توفير احتياجاته الأساسية، وطالب بإجراء فحوصات طبية شاملة لكل أسير يتحرر بعد شكوك باتت شبه مؤكدة بأن الاحتلال يتعمد إلحاق أضرار بهم.
وقبل أيام قليلة نظم ذوو الأسير بدوية والمحيطون به احتجاجا وسط مدينة جنين للمطالبة بعلاجه وهو ما أدى لمواجهة مع الأمن الفلسطيني، بيد أن بدوية يهدد بأكثر من ذلك إذا ما استمرت "سياسة الإهمال" بحقه.
المصدر: الجزيرة نت/ عاطف دغلس