شبكة قدس الإخبارية

تحليل | حكومة التوافق راحلة.. لماذا الآن وما البدائل؟!

أحمد يوسف

رام الله – خاص قُدس الإخبارية: تضاربت الأنباء والأحاديث حول مستقبل حكومة التوافق الوطني، بعد ما أعلنت مصادر في المجلس الثوري لحركة فتح أمس الثلاثاء أن الرئيس محمود عباس قرر الطلب من الحكومة تقديم استقالتها خلال 24 ساعة، لتؤكد مصادر أخرى اليوم الأربعاء تقديم الاستقالة وينفي ذلك الناطق باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة.

وقال أبو ردينة، إن الحكومة لم تستقل وإن الحمدلله سيحضر اجتماع اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الإثنين المقبل، للتشاور حول تشكيل حكومة وحدة وطنية، وهو الأمر الذي أعلن الناطق باسم حركة حماس سامي أبو زهري رفض حركته لإجرائه بعيدًا عن المشاورات الفصائلية.

لماذا الآن؟!

وتفتح هذه الأنباء للتساؤل حول أسباب حل هذه الحكومة أو استقالتها، في ظل الاتهامات المتبادلة طوال الأشهر الماضية بين حركتي فتح وحماس بالتسبب بإفشال عمل الحكومة التي أكملت قبل أيام عامًا كاملاً.

الحكومة منيت بفشل كامل طوال الفترة الماضية وبات تغييرها طبيعيًا، وفقًا للكاتب والمحلل السياسي جهاد حرب، الذي أوضح أن أسباب هذا الفشل ذاتية وموضوعية، أهمها اشتراط الاتحاد الأوروبي تسلمها للمعابر مقابل دعم إعمار غزة، فيما امتنعت حماس عن تسليم هذه المعابر، بالإضافة لإفشال الاحتلال كل جهود هذه الحكومة في التواصل بين الضفة والقطاع.

ويضيف حرب لـ قُدس الإخبارية، أن خلافات سادت داخل الحكومة ساهمت في إفشال أدائها لمهامها التي تمثلت في التهيئة للانتخابات وإعادة إعمار غزة والدمج بين الضفة والقطاع، بالإضافة لغياب الإرادة السياسية بإنجاح عمل هذه الحكومة.

من جانبه، يرى المحلل السياسي طلال عوكل، أن طلب استقالة الحكومة هو أمر طبيعي كون عمر هذه الحكومة كان محددًا بين ستة أشهر إلى عام، وقد مرت هذه الفترة دون أن تحقق الحكومة أي نجاح، مضيفًا، أنه قد يأخذ على الرئيس اتخاذه هذا القرار بشكل انفرادي.

ويوضح عوكل لـ قُدس الإخبارية، أن هذا القرار الفردي ربما يكون قد جاء كنتيجة للمفاوضات التي تجريها حركة حماس مع "إسرائيل" حول تهدئة طويلة الأمد، حيث اعتبر الرئيس أنه يملك الحق أيضًا باتخاذ قرار فردي من جانبه على الصعيد الداخلي والتصرف دون العودة لحماس أو غيرها من الفصائل.

ويعزز المحلل السياسي عبدالمجيد سويلم هذه الرؤية معتبرًا أن مفاوضات حماس و"إسرائيل" تمثل خطوة خطيرة بعيدًا عن منظمة التحرير وتدفع باتجاه اتخاذ قرار هام بشان الحكومة، مؤكدًا في الوقت ذاته، أن طلب استقالة الحكومة وقبولها من صلاحيات الرئيس، وأن هناك محاولات لإثارة "زوبعة" على أسسس غير قانونية بانتقاد قرار الرئيس واعتباره غير شرعي.

ويبين سويلم لـ قُدس الإخبارية، أن الحكومة محسوبة كحكومة توافق غير أنها ليست كذلك بل هي حكومة مشلولة، كما أن عددًا من وزرائها يحملون أكثر من حقيبة وزارية، وهذا ما لا يمكن استمراره في المرحلة الحالية لحساسيتها.

ماالبديل؟

ثلاثة خيارات أمام الرئيس محمود عباس وكافة الأطراف السياسية لتشكيل الحكومة الجديدة، إما حكومة فصائلية تضم ممثلين عن الأحزاب، أو حكومة سياسية تضم سياسيين ذوي خبرة ومقربين من الأحزاب لكنهم لا يملكون مناصب فيها، أو حكومة تكنوقراط شبيهة بالحكومة الحالية.

ويرى جهاد حرب، أن لكل واحدة من هذه الحكومات إيجابياتها وسلبياتها، لكن حكومة التكنوقراط ستكون الأقل حظًا في تحقيق النجاح وإنجاز المهام بعد فشل الحكومة الحالية، مبينًا، أن حكومة فصائلية ستكون الأكثر قوة حيث سيستطيع عناصرها ومن خلال نفوذهم في أحزابهم التأثير لتنفيذ هذه الحكومة مهامها.

ورغم ذلك، فإن حكومة من شخصيات سياسية هي الأفضل بنظر حرب، وذلك لتجنب ضغوطات الاحتلال والمجتمع الدولي على أي حكومة يمكن أن تضم قيادات في حركة حماس، وهذا ما تكرر مرات كثيرة سابقًا.

لكن هذه الظروف تغيرت والضغوطات لن تتكرر هذه المرة، بحسب طلال عوكل، خاصة بعدما دخلت "إسرائيل" في مفاوضات لتهدئة طويلة الأمد مع حركة حماس، وأخذ الاتحاد الأوروبي يلعب دور الوسيط في هذه المفاوضات، ما يعني أن الطرفين سيكونان مستعدين للقبول بدخول حماس في أي حكومة مقبلة، كما قال.

ويؤكد عبدالمجيد سويلم هذه الفرضية، قائلاً، إن تشكيل حكومة فصائلية هو الأنسب الآن لأن الحالة الفلسطينية تحتاج لوجود وزراء من داخل الأحزاب لدعم عمل هذه الحكومة، لكنه لم يتسبعد في الوقت ذاته تشكيل حكومة تضم العناصر الثلاث معًا.

ويضيف سويلم، أن دخول الاتحاد الأوروبي كوسيط في اتفاق مباشر أو غير مباشر بين "إسرائيل" وحماس، يعني أن شروط اللجنة الرباعية لم تعد موجودة على الطاولة، وأن العالم لم يعد قادرًا على إلقاء التهم والذرائع التي كانت تلقى دائمًا في وجه الفلسطينيين، لمنع حكومة فصائلية.

تجدر الإشارة إلى أن وزراء حكومة التوافق من الضفة زاروا قطاع غزة في مناسبات قليلة، أدت آخرها إلى خلافات شديدة تخللها اتهامات لحركة حماس بمنع الوزراء من التحرك، وادعاءات من حماس بعدم المنع بل حماية الوزراء، فيما زار وزراء غزة وزاراتهم في الضفة مرة واحدة فقط.