شبكة قدس الإخبارية

طارق.. شهيد تدعي المنظمة تحريره من السجون السورية

فارس شين

نشرت شبكة إعلامية فلسطينية الأسبوع الماضي خبراً وصفته "بالحصري" تضمن قائمة تحوي أسماء 105 معتقلاً فلسطينياً في السجون السورية ، قالت الشبكة إن السلطات السورية أفرجت عنهم بعد ان أثمرت الاتصالات بين رام والله ودمشق، حسب وصف الشبكة.

وسارع ناشطون فلسطينيون في سوريا الى نفي الخبر فور نشره، مؤكدين أن قائمة الأسماء التي قامت الشبكة بنشرها هي مجموعة أسماء كانت معلّقة على بوابة القصر العدلي بدمشق في شهر أيار عام 2014 كجواب على عشرات الالاف من الطلبات التي يقدمها السوريون "للقضاء العسكري" بهدف معرفة مكان وجود أبنائهم بعد أن اختفائهم الذي غالباً مايكون بشكل فجائي على أحد حواجز الأفرع الأمنية المنتشرة بكثرة في سوريا، ونادراً ما يكون هنالك رد إيجابي على هذه الطلبات تمكن الأهالي من معرفة مكان وجود أبنائهم لتبدأ بعد ذلك رحلة محاولة اطلاق سراحهم التي تبوء غالباً بالفشل.

وسبق للفنانة السورية "يارا صبري" - التي تُعرف في سوريا بلقب أم المعتقلين لاهتمامها الكبير بهذا الملف- أن نقلت هذه القائمة على صفحتها الشخصية عبر فيسبوك، التي تستعملها غالباً لهذا الشأن، بعد نشرها في دمشق بيومين بهدف إيصال الخبر إلى أهالي المعتقلين، علماً أن القائمة هي لمعتقلين الجزء الأقل منهم من الفلسطينين.

القائمة التي نشرتها الشبكة بناء على إفادة "مصدر سيادي" فلسطيني، كان من الجلي أنها نقلت بشكل مطابق تماماً حتى من حيث ترتيب الأسماء من صفحة الفنانة صبري، وقد تضمنت اسمًا لمعتقل استشهد تحت التعذيب في السجون السورية بعيد نشر الأسماء العام الماضي، وهو ابن لعائلة معروفة بشكل كبير في مخيم اليرموك نظراً لكثرة عدد أفرادها، ولاستشهاد أخ له من قبل برصاص الاحتلال الصهيوني في الجولان المحتل عام 2011، فمن هو هذا المعتقل.. الشهيد؟

في الخامس من حزيران من العام 2011 توجه الشقيقان طارق وأحمد رشدان، بصحبة العشرات من مخيم اليرموك وباقي المخيمات الفلسطينينة إلى الشريط الحدودي الفاصل مع الجولان السوري المحتل ليكرروا تجربة مسيرة العودة التي جرت في ذكرى نكبة فلسطين في نفس العام حين قام العشرات من أبناء المخيمات الفلسطينية باقتحام الشريط الشائك والوصول الى الجولان السوري المحتل وإلى مناطق أبعد في فلسطين المحتلة. وعلى الرغم من التحذيرات التي أطلقت من تلك المنطقة، والتي أكدت أن جيش الاحتلال قام بحفر خنادق وجهّز المنطقة بحيث يمنع الناس من اقتحام الحدود مجدداً وأن الاقتراب من تلك المنطقة سيكون بمثابة انتحار، إلا أن الأخوة أصروا على الذهاب.

وبعد فترة قصيرة من وصولهم لتلك المنطقة أصابت قناصات الاحتلال المتمركزة هناك "أحمد" ليستشهد على الفور أمام أعين أخيه طارق الذي اتصل بوالدته ليبلغها بخبر استشهاد شقيقه: "يما أحمد استشهد ، وأنا هلأ لاحقه ادعيلي"، ولم يكتب لطارق الشهادة، كما قال وهو عائد بجثمان أخيه الشهيد إلى مخيم اليرموك ليشيعيه ويدفنه في المخيم، وليجري اعتقال طارق على أيدي أجهزة الأمن السورية في وقت لاحق كمئات الالاف من الشبان المغيّبين قسريّاً في السجون السورية بدون ذنب.

جهود كبيرة كانت قد بذلتها عائلة طارق بهدف معرفة مكان وجوده، لأن الأفرع الأمنية في سوريا لا تبلغ أهل المعتقل بأمر اعتقاله أو بمكان وجوده، وتمكّنت العائلة في العام 2014 من معرفة مكان اعتقاله بعد نشر النظام السوري القائمة المذكورة سابقاً، الأمر الذي كان بمثابة المعجزة للعائلة، إلا أن الأمر الأسوء علاوةً على سوء الاعتقال ككل في سوريا أن طارق موجود في سجن صيدنايا، السجن الذي يشكل هاجساً للسوريين والفلسطينين على مدى أكثر من 30 عاماً للفظاعات التي ترتكبها قوات النظام فيه، ولمعرفة الناس أن مصير أبنائهم فيه إما سجن مدى الحياة أو لفترات طويلة، أو إعدام ميداني، وهو ما يحدث في الغالب خلال الخمس سنوات الماضية، لتبدأ بعد ذلك رحلة معرفة مصير طارق داخل سجن صيدنايا سيء السمعة، إن كان قد استشهد أو لا زال على قيد الحياة.

تمكنت والدة طارق، وهي والدة الشهيد الذي ارتقى برصاص الاحتلال ووالدة المعتقل على أيدي قوات النظام السوري من استخراج موافقة لزيارة ابنها، والوصول إاليه ورؤيته، والتأكد من أنه لازال على قيد الحياة ولم يصيبه أي مكروه، كما الآلاف الذي استشهدوا تحت التعذيب في سجون النظام السوري، لتتنفس الصعداء.

وماهي إلا أيام حتى اتصل أحد أفرع الأمن بعائلة طارق ليبلغوهم بكل بساطة أن طارق قد "توفي"، دون إبداء أي سبب، طالبين منهم القدوم لاستلام أغراضه الشخصية وشهادة الوفاة، ليكتشفوا أن طارق قد "توفي" حسب الشهادة بعد أقل من أسبوع من زيارة والدته له، ببساطة فائقة، هكذا بُلغت وتُبلغ مئات العائلات الفلسطينية في سوريا عن "وفاة" أبنائها داخل المعتقلات السورية.

أما الأمر الأكثر غرابة والأشد سوءً من نشر الشبكة الإعلامية للقائمة، هو تأكيد مسؤول ملف فلسطينيي سوريا أحمد مجدلاني، لإذاعة صوت فلسطين صحة هذه القائمة، التي بالإضافة الى تضمنها اسم الشهيد طارق رشدان، تضمنت أسماء لمعتقلين ليسوا فلسطينين في الأصل.