شبكة قدس- خاص: "هل تقبل أن يشرف عليك كادر مهني إسرائيلي؟ هل تقبل تقديم الإرشاد النفسي لمنتفعين إسرائيليين"، بهذين السؤالين اختتمت مقابلة العمل التي أجراها بعض المرشدين النفسيين والاجتماعيين بعد تقدمهم لوظيفة "مرشد نفسي" في مؤسسة أجنبية مرموقة تعمل في الضفة والقطاع.
فبعد أن قدم أحد موظفي منظمة "أطباء بلا حدود" في فرعها في مدينة الخليل استقالته، وذلك على خلفية تنظيم المنظمة لتدريبات مهنية ينفذها اختصاصيون إسرائيليون، أعلنت المنظمة عن وجود شواغر. إلا أن المتقدمين لوظيفة "المرشد النفسي" تفاجئوا أثناء مقابلات العمل التي أجريت معهم بالسؤالين المذكورين أعلاه.
وقد حاولت منظمة "أطباء بلا حدود"، إحدى المنظمات الدولية الإنسانية في فلسطين ولها أربعة مكاتب في نابلس والقدس والخليل وغزة، قبل خمسة أشهر فرض تدريبات مهنية على طواقمها الفلسطينية، يجريها اختصاصيون ومرشدون إسرائيليون، وهو ما رفضه بعض الموظفين ونقابة الأخصائيين الإجتماعين والنفسيين الفلسطينية. وعلى إثر ذلك تراجعت المنظمة وقررت أن تتيح لموظفيها حرية اختيار المشاركة في هذه التدريبات، دون جعل أمر المشاركة أمراً مفروضاً.
أحد الأعضاء في نقابة المرشدين النفسين والاجتماعيين والذي تحفظ على ذكر اسمه أكد لـ "شبكة قدس الاخبارية"، أنه توجد جهود لتشكيل لجنة من المؤسسات والنقابات والمرشدين النفسيين والاجتماعيين للضغط على منظمة "أطباء بلا حدود" لإيقاف التدريبات والإشرافات المهنية التي يقودها إسرائيليون. وأكد على أن هذا النّوع من التّدريبات "يتنافى مع دور مؤسسة دوليّة إنسانية تقدّم خدمات للفئات المتضررة من ممارسات الاحتلال".
ويضيف نفس المصدر: "يجب أن تفهم هذه المنظمة حساسية الأمر وعدم تقبل المجتمع الفلسطيني التعامل مع إسرائيليين، وخاصّة في موضوع حساس يتعلق بالإرشاد النفسي، وهو الأمر الذي يعتبره كثيرون تطبيعاً".
يذكر أن نقابة الأخصائيين الاجتماعيين قد أكدت في مؤتمرها بشكل أساسي على مقاطعتها للاحتلال ومؤسساته ورفضها للتطبيع أو التعاون مع أي مؤسسة أو منظمة تتعارض أجندتها مع الهوية الفلسطينية. وقد أرسلت النقابة عدة رسائل للمكتب الرئيس لمنظمة "أطباء بلا حدود" وللاتحاد الدولي والفيدرالي للأخصائيين الاجتماعيين، لوقف هذا النوع من التدريبات باعتبارها "تشويهاً للهوية الفلسطينية".
وإضافة إلى التدريبات التي يرفض المرشدون الفلسطينيون تنفيذها من قبل إسرائيليين، فإنهم كذلك يرفضون وجود "مشرف إسرائيلي" على عملهم. فمن المعتاد في العمل الإرشادي النفسي والاجتماعي أن يكون هناك مشرف نفسي واجتماعي مسؤول عن مجموعة من المرشدين النفسيين والاجتماعيين، وتكون وظيفته متابعة عملهم، وإرشادهم وتوجيههم في حال واجهوا صعوبة في التعامل مع المنتفعين الذين يلجأون إليهم، كما يكون دور المشرف النفسي في بعض الأحيان التخفيف من الضغط النفسي الذي قد يقع فيه المرشدون النفسيون لكثرة الحالات التي يرشدونها وصعوبة أوضاعها الحياتية.
ويعلق المصدر ذاته على ذلك بالقول بأنه "لا يمكن للمؤسسات الأجنبية التعذر بنقص الكوارد الفلسطينية المناسبة لملأ وظيفة المشرف النفسي"، مؤكداً أنه يوجد عدد كافٍ من المشرفين الفلسطينيين الحاصلين على شهادات عليا، ممن أتموا تدريبات دولية ومحلية متقدمة.
إضافة إلى ذلك، يرى عضو النقابة، بأنه يتوجب على المنظمات الدولية "تنفيذ تدريبات تتلائم مع السّياق المحلي وطبيعة الفئة المستهدفة المتضررة نفسياً من الإحتلال. يذكر أن عدد من المرشدين النفسيين العاملين في المنظمة يستقبلون للإرشاد النفسي منتفعين تعرضوا للاعتقال أو فقدوا أحد أفراد عائلاتهم نتيجة لممارسات الاحتلال الإسرائيلي".
شبكة قدس لم يتسن لها الحصول على ردّ رسمي من منظمة أطباء بلا حدود، رغم محاولاتها العديدة للوصول لأحد الشخصيات الرسمية في المنظمة، فيما ستواصل بحثها ومتابعتها لحيثيات القضية وتباعتها على المرشدين.