شبكة قدس الإخبارية

كانوا يعبرون، كنت تقفين

زياد خدّاش
قصة قصيرة العابرون في الطريق، أقصد أولئك الذين لكموك ودفعوك وشدّوا شعرك، بينما كنت في القدس تنتظرين القطار، العابرون في الطريق، أقصد أولئك الذين جنّوا فجأة حين شاهدوا بأمهات الشمس والعيون والحواس كلها، حجم التشابه بين سحنة الشرفات العربية المسروقة خلفك في حي المصرارة وبين سحنة وقفتك، آه، كم أغاظتهم سحنة وقفتكّ!لأول مرة أدرك أن لوقفة الانسان سحنة؟، لأول مرة أعرف أن لشرفات البيوت القديمة سحنة، الغزاة وحدهم من يعرفون خطر وقوف أعدائهم في محظات قطار او حافلات، الوقوف الطبيعي الآمن، ورائحة بيوتهم الغريبة عنهم، الغزاة وحدهم من يدركون بقرون استشعارهم الهمجية خطورة أن تتجاور وقفة انسان مغزو مع عبور غزاة ، فقط كنت تقفين، تنتظرين قطارا يأخذك ربما الى عملك أو بيتك، وربما الى حيفا، الهي أكنت حقا تذهبين الى حيفا؟ الى عرس شقيقة هناك في وادي النسناس؟، لم تفعلي شيئا سيئا لهم، لم تؤذي قطة في الجوار، لم ترشقيهم بحجر كما يفعل أطفال شعبك الغاضبون، لم تشتمي عابر سبيل، لم تخلعي شجرة على الرصيف، لم تصرخي حتى في وجوههم: هذه بلادي، فقط وقفت، لم لكموك وشتموك اذن،؟ أحرام، أم هو عيب أن تقفي؟ . لم لا تجيبين أيتها المرأة الفلسطينية التي عبر بقربك العابرون، فلم يطيقوا فكرة أنهم يعبرون وأنك واقفة مثل بيت يافاوي قديم، أكاد أجزم أنك لو كنت تمشين لما آذوك، وقفتك وعبورهم في ذات اللحظة أفقدهم صوابهم، كانت الدلالة واضحة وضوح وقفتك، وكان الرمز فاضحا مثل بكاء طفل، لو كنت مكانهم لشعرت فعلا بالغيظ، اذ كيف تتجرأين على اقتراف تمرين مخيف للمشهد العظيم و المهول الذي سيأتي حتما، مشهدك وأنت تقفين ومشهدهم وهم يعبرون، الى الابد يعبرون. تلك (هي جريمتك) ذلك هو رعبهم، كنت تقفين و كانوا يعبرون.