شبكة قدس الإخبارية

من بيروت لطهران .. هجوم إعلامي على خالد مشعل: ماذا بعد؟

هيئة التحرير

 في ذكرى انطلاقة حماس الـ27 الأخيرة، أفرد الناطق باسم القسام “أبوعبيدة” مساحة من خطابه، شكر فيها إيران على ما قدمته من دعم للمقاومة التي سجلت انتصارًا عسكريًا على الجيش الإسرائيلي في عدوانه الأخير على غزة.

سبق ذلك توجه وفد رفيع من حماس برئاسة أسامة حمدان إلى إيران، واجتماعه مع رئيس مجلس الشورى الإيراني “علي لارجاني”، في محاولة لاستئناف الدعم المالي والعسكري الإيراني للحركة.

رأى كثير من المراقبين أن ذلك مؤشرًا قويًا على عودة العلاقات بين إيران وحماس، والتي تعكرت، بل تجمدت؛ على إثر موقف الأخيرة من الأحداث في سوريا وخروج قيادتها من دمشق إلى الدوحة.

وشاع الحديث في ذلك الوقت، عن زيارة مرتقبة لرئيس المكتب السياسي أعلى سلطة في حماس خالد مشعل إلى العاصمة الإيرانية طهران، في إطار تأكيد عودة "المياه إلى مجاريها".

زيارة معلقة

غير أن الزيارة لم تتم رغم مرور وقت كاف لإتمامها، ولا يبدو أنها ستتم في الأفق القريب.

الناطق باسم حماس، سامي أبو زهري، أكد في تصريح مقتضب، أنه: "لا ترتيبات حاليًا لزيارة مشعل لطهران، وأن الأنباء التي تشاع حول الزيارة غير صحيحة".

أبو زهري، لم يتطرق إلى تفاصيل أكثر بشأن الزيارة، غير أن المعلومات التي حصلت عليها التقرير تشير إلى وجود طرف من أطراف التحالف الإيراني، معرض للتقارب "الحمساوي الإيراني".

وقال مصدر مقرب من حماس، في الدوحة، للتقرير: إن هناك من يسعى لإخراج الزيارة من مضمونها وأن تكون بروتوكولية أكثر من رسمية.

وأضاف: “لا يريدون أن يلتقي مشعل بمرشد الثورة، نريد زيارة ترتقي إلى مستوى مشعل كقائد لحركة فلسطينية مقاومة”.

وكان الأمين العام لـ “حزب الله”، حسن نصر الله، قد أكدّ لقناة “الميادين” الفضائية، في مقابلته الأخيرة معها؛ أنّ بعض حلفائهم غير راضين عن عودة العلاقة مع “حماس".

والمعلومات، لدى التقرير، تؤكد أن الحلفاء الذين قصدهم نصرالله؛ هم السوريون، بسبب موقف حماس الداعم للثورة الشعبية في وجه نظام بشار الأسد.

هجوم على مشعل

ولعل هجوم موقع مقرب من الحرس الثورة الإيراني، على شخص مشعل؛ يؤكد وجود جناح قوي معارض للتقارب الحمساوي الإيراني، أو على الأقل لا يريد مشعل المتهم من قبلهم بأنه هو من يرفض هذا التقارب.

ويقول موقع “تابناك” إن: “مشعل وقيادات حماس وقفوا واصطفوا قبل عامين إلى جانب الإرهابيين الدوليين في سوريا مطالبين بإسقاط النظام السوري والرئيس بشار الأسد، بينما نراهم الآن يضعون الشروط لعودة العلاقات بين حماس وإيران، وكأن إيران ليست لديها أي شروط”.

وأشار “تابناك” بأن هناك بعض القضايا طرحت قبل أيام، ومنها أن من شروط إعادة العلاقات بين إيران وحماس تقديم خالد مشعل لاستقالته من رئاسة الحركة، لكننا نسمع اليوم بأنه يرفض المجيء لطهران بسبب عدم وجود نية لاستقباله من قبل المسؤولين الإيرانيين الكبار.

ورأى الموقع المقرب من الحرث الثوري أن: “حركة حماس اليوم في وضع لا يسمح لها أن تضع شروطًا لعودة مجرى علاقتها بشكل طبيعي مع طهران، وليس من عادة إيران أن تعتمد على أي جهة أو طرف بعد أن ينكشف معدنه الحقيقي”.

وأضاف “تابناك”: “عندما غادر مشعل إلى الدوحة، لم يتصور أن الزعماء والرؤساء الذين طالبوا ودعموا إسقاط النظام السوري والرئيس بشار الأسد تغيروا، من مصر حتى الدوحة، ولم يخطر ببال خالد مشعل بأنه سيُجبر يومًا ما على الرجوع إلى أكبر داعم وحليف للنظام السوري وبشار الأسد، ويلجأ إلى طهران من جديد”.

وفي إشارة إلى موقف حركة حماس من الثورة السورية، اعتبر “تابناك” أن تحليل خالد مشعل وموسى أبو مرزوق عن مستقبل المنطقة كان خاطئًا جدًا.

وكشف الموقع الإيراني عن وجود: “بعض اللقاءات السرية حصلت بين قادة حماس وإيران للتوقيع على ورقة عمل وتفاهم بين الطرفين، لكن هذه الورقة تتضمن بندًا يؤكد بوضوح بأن حركة حماس لم تغير موقفها من الثورة السورية وبشار الأسد، ولم تتعهد بتغيير موقفها من الأحداث في سوريا".

صحيفة الأخبار اللبنانية المقربة من منظمة حزب الله، اتهمت ما أسمتهم بأنصار حماس في سوريا والتيار السلفي في غزة، بعرقلة  عودة الحركة إلى محور المقاومة.

وقالت الصحيفة إن: “تلك الأصوات (الرافضة للتقارب مع إيران وحزب الله)، بغض النظر عن مستوياتها ومسمياتها، لا تلقى أي صدى لدى قيادة الحركة التي اتخذت قرارًا بالإجماع على توطيد العلاقة مع محور المقاومة مهما كلف ذلك، وقد اتخذت إجراءات بحق بعضهم، وسيحاسبون رسميًا”.

ما ساقته الصحيفة اللبنانية، نفته حماس التي عبرت عن استيائها البالغ من استمرار صحيفة الأخبار اللبنانية فيما وصفّه بـ “فبركة الأخبار والتقارير المزورة حول الحركة”.

هجوم مرفوض

وأثار الهجوم الإعلامي من بيروت إلى طهران، على مشعل خاصة، ردود فعل غاضبة رافضة.

وقال الكاتب السياسي حمزة أبو شنت: “واهم من يجلس في طهران ويعتقد بأن الهجوم على رئيس المكتب السياسي لحركة حماس سيسبب شرخًا داخل حماس، أو أن رسائل الشكر تعني وجود خطين”.

وأكد أن: “قيادة القسام كانت من الداعمين لاستمرار مشعل في رئاسة حركة حماس، وأعتقد أن استمرار الهجوم عليه قد يغير بعض الخطوات السابقة".

وشدد بقوله، على صفحة الفيس بوك الخاصة به، على أن: “ما لم تدركه إيران بعد أن فلسطين هي بوصلة المقاومة، وحماس قيادتها، قد تختلف المواقف وتتباين الآراء حول العديد من القضايا، لكن موقف حماس وجناحها العسكري ثابت في القرار النهائي”.

أمام وزير الشباب والرياضة في حكومة هنية السابقة، محمد المدهون، اعتبر أن الهجوم العنيف على خالد مشعل من موقع رسمي للحرس الثوري ينقل الأمور إلى مربعات يصعب التراجع عنها.

وقال في تغريدة له: “بغض النظر عن الأسباب والدوافع، وهي بحاجة إلى فهم وإدراك، مطلوب معالجات حكيمة وعاجلة بعيدًا عن صخب الإعلام وتشوهاته بما فيه مصلحة الشعب الفلسطيني”.

أما الكاتب عدنان أبو عامر، رأى أن: “خطورة الحملة الإعلامية التي تشن على مشعل من بيروت وطهران أنها وسائل تابعة للحزب والدولة، وبإمكان صناع القرار بكبسة أرز وقف هذا الاستهداف؛ لكنهم موافقون ودافعون”.

وأوضح أن: “قرار حماس بتجديد التحالف مع إيران من عدمه ليس قرارًا فرديًا لمشعل، بل هو قرار قيادة الحركة”.

وحذر من أن: ” تجاوز طهران للرجل أمامه فيتو من ذات القيادة التي بايعت أبو الوليد”، مؤكدًا أن: “الحملة التي يتعرض لها من بيروت إلى طهران، تهويش لا يساوي حبره”، قائلًا : “خسارة على الوقت يا جماعة قم”.

وقال أبو عامر: “غاب عن إيران وحلفائها أن أزمتها الإقليمية لا تقل عن أزمة حماس المالية، حاجة طهران لتحسين صورتها المشوهة لدى الرأي العام العربي من خلال حماس، أكثر بكثير من حاجة الأخيرة لبعض الشيكات المالية على أهميتها”.

بين “الصراع” الإعلامي من بيروت إلى طهران، وهدوء جبهة حماس الإعلامية التي لم تتجاوز النفي الرسمي المقتضب لما ينشر على تلك الجبهة، دون تجاوز لحدود العلاقة؛ تبقى خيارات حماس وقياداتها في ظل وضعها الحالي في غزة محدودة، فهل تتم زيارة مشعل رغم تعكير الأجواء، فتسير العلاقة وفق المأمول أم تلغى، فتعود العلاقات إلى مربع ما بعد أحداث سوريا! هذا ما تجيب عنه الأيام القادمة؟

المصدر: موقع التقرير – إعداد: محمد الشريف