شبكة قدس الإخبارية

قاعدة حماس... ما لها وما عليها

٢١٣

 

عامر سعد

من المعيب أن يتم دائما تحميل قاعدة حماس المسؤولية "الكاملة" عن عدم فهم مخرجات الحركة السياسية، فالقاعدة الحمساوية هي ضحية "رباعية" فتاكة أدت إلى تيهها واضطرابها فكريا.

المستوى السياسي

فعلى المستوى السياسي للحركة، لا يتم نشر تعميمات سياسية تشرح مواقفه وسلوكه في النطاقات الثلاثة (الدولية والإقليمية والداخلية)، خاصة وأن مواقف الحركة تشهد ثلاثية "النضج، والتغيير الدراماتيكي، والنكسات الصارخة".

كما أن انعدام التنشئة السياسية -حتى في أيام الرخاء- أدى إلى ضحالة الوعي السياسي لدى قاعدة الحركة وتيها وتشظي بعضها.

المستوى الإعلامي

أما على المستوى الإعلامي، فقد أسهم التناقض الفاضح والتغير الدراماتيكي في الخطاب إلى اضطراب القاعدة، فتارة يصف إعلام الحركة السلطة وقادتها بالخونة، وبعد أيام ينشر مشهدية تبادل القبلات بين قادتها وقادة السلطة معنونة بعبارات منمقة!

المستوى التربوي

وعلى المستوى التربوي الأيديولوجي، فقد صنعت جوقة "مشايخه" ومثقفي الأدبيات الاخوانية الانتقائية، من بعض تلك الأدبيات وعلى رأسها مخرجات الراشد - وخاصة العوائق وفضائح الفتن- سيفا مقززا يرهبون به القواعد ويطمسون أي فكرة نقدية نيرة أو تساؤل مشروع.

مثقفون عضويون

كم أن هناك مجموعة من المثقفين العضويين حول الحركة، لعبوا دورا محوريا في ذهول القاعدة عن واقعها السياسي والتنظيمي الأليم، بسبك لغوي محكم وجملة تمنيات مجبولة بالميتافيزيقيا.

وهؤلاء المثقفون، على أصناف ثلاثة، أولها صنف منافق يتلون بحسب تغير سياسات الحركة، ففي حين كان يتبنى قبل أشهر خطابا مترعا بالطائفية ويلعن ايران صبح مساء، بات اليوم يتبى خطابا سياسيا براغماتيا ويعيب على القاعدة شتم إيران والشيعة.

أما الصنف الثاني، فيحاول ببلاهة دائمة حشو المنظومة الأخلاقية بكلياتها في عالم السياسة، ويعيب على الحركة بعض المخرجات السياسية التي لا تناسب أهواءه. هذا الصنف صنعه إعلام الحركة في زمن الشح "المقالاتي"، وهو الآن يحظى بحظوة لدى بعض القواعد.

والصنف الثالث جاهز للتبرير دائما "دليفري تبرير"، ويستخدم في سبيل ذلك أسلحة فوقية جوفاء.

القاعدة ليست بريئة تماما

وفي المقابل، فإن قاعدة حماس تعاني من ثلاثية مرضية، فعاطفتها الدينية الجامحة، والتي لا محددات أو قيود لها -المسؤولية نسبية في ضوء مسؤولية الحركة ذاتها عن الأمر- أدت إلى عدم فهم أو تقدير مواقف الحركة، وأدت أيضا إلى نشوء ظواهر عرضية كـ"انتهاج أبناء الحركة للخطاب السلفي وسقوطهم في وحل الطائفية والتصنيفات المقززة للآخر" .

كما أن التوثين مرض قاتل يتفشى بقاعدة الحركة، فهل من المعقول أن نرى صور قائد أدت قراءته السياسية الخاطئة إلى وضع حماس في مأزق كبير، تزين صفحاتهم في مواقع التواصل الاجتماعي!

وبالإضافة للعاطفة الدينية الجامحة، والتوثين، فإن غياب الوعي و ملكة النقد البناء، نقطة لا تنفصل عن سابقاتها لكنها مهمة جدا، كون الحركات لها أسس نجاح منها الأيديولوجيا المعبئة "الفهم القويم"، ولعلي ألحظ غياب وعي كثير من قاعدة الحركة بتاريخ حركتهم وقضيتهم الفلسطينية على أقل تقدير.

أخيرا، أملي ودعائي أنّ تتجاوز حماس هذه التحديات والعثرات، فإيماني بها لتحقيق حلم التحرير كبير جدا، وحبي لها لا يضاهيه إلا حب الدين والوطن -وهي جزء منهما-، كما لا أنفي عوائق كثيرة أسهمت في خلق تلك المشكلات، وعلى رأسها الاحتلال وبعض الظروف الداخلية والخارجية.