كشفت مصادر قيادية كبيرة في حركة فتح في تصريحات لـ «القدس العربي» أن الحركة قررت وقف جميع أنشطتها التي لها علاقة بإجراء الانتخابات الداخلية للأقاليم والمكاتب الحركية بشكل كامل في هذه الأوقات، خشية من وقوع صدامات جديدة مع «جماعة محمد دحلان»، وهم مجموعة من نشطاء سابقين في الحركة جرى فصلهم مؤخرا بقرار من اللجنة المركزية، وذلك بعد اقتحام هؤلاء مؤتمرا حركيا للأطباء في مدينة غزة، والاعتداء بالضرب على قيادات من الحركة، قبل اقتحام مقر مؤسسة أسر الشهداء والجرحى وتحطيمه.
وعلمت «القدس العربي» من مصادر في قيادة فتح في غزة، أن الهيئة القيادية التي تدير ملف التنظيم برئاسة الدكتور زكريا الأغا عضو اللجنة المركزية، قررت وقف كامل نشاطات الحركة الخاصة بإجراء الانتخابات الداخلية للأقاليم والمؤتمرات الحركية، وذلك حسب المصادر لـ «قطع الطريق أمام جماعة دحلان، من القيام بتخريبها والاعتداء بالضرب على قيادات الحركة من جديد».
وجرى اتخاذ القرار، بعد اقتحام محسوبين على النائب دحلان، المفصول من فتح المؤتمر الحركي للأطباء المنتمين لفتح في قطاع غزة، ومنع إتمامه، قبل الاعتداء بالضرب على اثنين من قيادات الحركة هما أبو جودة النحال، وفضل عرندس، وعدد من الشبان المتواجدين هناك، وتحطيم محتويات القاعة التي عقد فيها المؤتمر.
وتخشى قيادة فتح في القطاع من تكرار الحادثة مرة أخرى في هذه الأوقات، التي تنشط فيها الحركة في إجراء انتخابات لاختيار قيادات للحركة في الأقاليم والمكاتب والمؤسسات الحركية، استعدادا لعقد المؤتمر السابع للحركة في مدينة رام الله بالضفة الغربية.
واتخذت مؤسسة الشهداء والجرحى، التي جرى الاعتداء عليها وتحطيم محتوياتها في مدينة غزة، قرارا بوقف أنشطتها وأعمالها، مما سيؤثر على الخدمات التي تقدمها هذه المؤسسة التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية على شــريحة كبيرة من الجرحى الذين يتلقون مخصــصـــات شهرية، ومن عوائل الشهداء التي تتلقى هي الأخرى مخصصات مالية.
وفي السياق قال مأمون سويدان مدير مفوضية العلاقات الدولية لحركة فتح في قطاع غزة أن عددا كبيرا من قادة الحركة وناشطيها تلقوا رسائل تهديد من «جماعة دحلان»، أرسلت لهواتفهم النقالة، وإلى صفحاتهم على موقع «فيسبوك»، وأشار في تصريحات لـ» القدس العربي» أن هذه التهديدات تحمل «كلاما بذيئا»، علاوة على تهديد حياتهم.
وتحدث عن وجود توافق واتصال بين «جماعة دحلان»، وحركة حماس في غزة، مشيرا إلى أن الهجوم على مؤتمر الأطباء، وكذلك تحطيم مؤسسة الشهداء والجرحى، لم يكن ليتم دون موافقة أمن حركة حماس الذي يشرف على غزة. وأصدرت حركة فتح في قطاع غزة بيانا شجبت فيه «الاعتداء الذي قامت به مجموعة من الأشخاص» الذين قُطِعت رواتبهم في الفترة الأخيرة على المؤتمر الحركي المركزي للأطباء البشريين. واعتبرت العمل «خارجا عن أخلاقياتنا الحركية والوطنية ولا يمكن تبريره مهما كانت الذرائع والأسباب».
وأكدت أن ما قام به هؤلاء الأشخاص من اعتداء «يضعف من دعم الآخرين لقضيتهم ويُعقد الأمور أكثر مما يساعد على حلها»، ودعت إلى «تفويت الفرصة على كل المتربصين الذين يهدفون إلى الإساءة للحركة وإضعافها، والالتزام بالهدوء والتمسك بأخلاقيات الحركة وتغليب المصلحة العليا للحركة على المصالح الشخصية».
وطرحت فتح خلال الفترة السابقة عدة تساؤلات، عن سر العلاقة الحالية بين دحلان وحماس وسماحها لأنصاره بالعمل بحرية في قطاع غزة، في الوقت الذي يمنع فيه أنصار الحركة من ممارسة نشاطاتهم.
وفي حماس أيضا تشير تقارير إلى أن هناك تساؤلات واستفسارات تطرح، حول العلاقة مع دحلان، ويبرر قادة الحركة ذلك بأن الرجل المقيم في الإمارات يقدم مساعدات عبر هيئة خيرية لعدة شرائح مجتمعية في قطاع غزة، مثل الشهداء والجرحى والطلاب وأصحاب المنازل المدمرة.
وترفض حركة فتح والسلطة الفلسطينية توصيل أموال للفلسطينيين دون علمها، وعبر عن ذلك الرئيس محمود عباس صراحة في مؤتمر لقادة فتح في الضفة الغربية في العام الماضي.
وفي الأسبوع الماضي اتهم الناطق باسم حركة فتح أسامة القواسمي وهو يهاجم دحلان، جهات بـ»ضخ مال مشبوه»، من خلال دحلان في محاولة لـ «شراء الذمم وبموافقة حماس ودعمها كما تم الاتفاق في محاولة لضرب الرئيس وخلق حالة من البلبلة في الساحة الفلسطينية».
واتهمت فتح أيضا دحلان بأنه «أحد الأدوات الإسرائيلية للضغط على الرئيس»، في ظل المعركة السياسية الأكبر التي يقودها وآخر خطواتها التوجه لمحكمة الجنايات الدولية.
ولا تعرف الطريقة التي ستستعيض بها قيادة حركة فتح وخاصة اللجنة المركزية التي يرأسها الرئيس عباس، في اختيار هذه القيادات في الأقاليم والمؤسسات الحركية، خاصة وأنها ستكون ممثلا لهذه المواقع في المؤتمر الحركي السابع، إذ أن الرئيس أصدر قبل أشهر قرارا، وأرسله لقيادة فتح في غزة يطالبها بشرعة إنجاز الانتخابات.
ونفذ الاعتداء وتخريب مؤتمر الأطباء، رغم أن الهيئة القيادية الغالية لفتح في غزة أصدرت بيانا في الاسبوع الماضي، شجبت فيه فصل العسكريين من الخدمة وقطع رواتبهم، وطالبت الرئيس عباس بإلغاء الأمر الذي وصفته بالباطل، كون أن راتب الموظفين يمثل «خطا أحمر». وأكدت أن عملية فصلهم لم تكن باستشارة الحركة في غزة.
يشار إلى أن المهاجمين يمثلون مجموعة من الموظفين العاملين على بند الوظيفة العسكرية في السلطة الفلسطينية، وهم من قطاع غزة، وجرى خلال هذا الشهر وقف رواتبهم وطردهم حسب ما أعلن في وقت سابق الناطق باسم الأجهزة الأمنية عدنان الضميري، من الخدمة، لمخالفتهم التعليمات وأوامر الشرعية.
ويؤكد مسؤولون في فتح أن من فصلوا من الوظيفة الحكومية في السلطة الفلسطينية، جرى في ذات الوقت صدور قرار بفصلهم نهائيا من حركة فتح، وذلك بقرار اتخذته اللجنة المركزية.
وسبق أن اتخذت اللجنة المركزية بموافقة الرئيس عباس قرارات بفصل عدد من قادة الحركة المقربين من دحلان، بينهم أعضاء في المجلس الثوري، ونواب من الحركة في المجلس التشريعي.
ويبلغ عدد من فصل من الوظيفة هذا الشهر نحو 250 بتهمة العمل مع دحلان» الذي فصل في حزيران/ يونيو عام 2011 من الحركة التي كان عضوا في لجنتها المركزية، لاتهامه بقضايا فساد واخرى جنائية. وأحيل مؤخرا لـ»محكمة الفساد»، وصدر قبل فترة حكما ضده بالحبس عامين بتهم «السب والقذف»، ودحلان مقيم في دولة الإمارات العربية المتحدة منذ أن خرج من الضفة المحتلة.
القدس العربي