شبكة قدس الإخبارية

وجبة للتصوير أم للأكل؟!

يقين غرابا
"قامت، فطبخت، فأعدت سفرة الطعام جيدًا، زينت الأطباق ورتبتها بشكل فنيّ، تقدم أفرادُ العائلة لتناول الطعام، عذراً ممنوع الاقتراب! التصوير أولاً! تُصوّر المائدة، وبعدها تسمح لهم بتناوله". سيناريو معتاد لا يكاد يخفى على منزل ترتبط فيه ربة المنزل أو من يُعد الطعام فيه بمواقع التواصل الاجتماعي! fds في مواقع التواصل الإجتماعي اليوم، وبالأخص الفيسبوك، لا يمر يوم تتجول به بالصفحة الرئيسية إلا وتجد عشرات الصور لأطباق يومية، أعدتها "فلانة" أو تناولتها "علانة" عند صديقتها، أو تناولها هؤلاء في مطعم ما. ظاهرة "تصوير الطعام" التي نلحظها يومياً، أصبحت أمرًا طبيعيّا ومعتادًا لا نعير له ذلك الاهتمام او نشعر اتجاهه بالاستغراب، إلا أنها تثير في الذهن عدة تساؤلات، هل الأمر فعلا طبيعي وعادي، وما السبب خلف انتشاره مؤخرا بهذه الغزارة؟ وما الهدف الذي يكمن وراء نشر صورة تلك الوجبة؟ وما هو تأثيرها على حياة الفرد بشكل خاص؟! 55 تشير عدة دراسات أن هنالك علاقة بين الحالة النفسية وتناول الطعام، وأنه يبعث في النفس سعادة وبهجة "وإن كانت مؤقتة" ، ويفسر هذا ظاهرة الإقبال على الطعام في الحالات النفسية المتردية. واذا ما ربطت بين نتائج تلك الأبحاث وبين الواقع الافتراضي الذي ينتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، تجد أن معظم الصور تربط الطعام بحالة نفسية، أو اجتماعية. فإن تابعت صور الجلسات العائلة، او اللقاءات السعيدة بين الأصدقاء والمناسبات السارّة كالأعياد والحفلات، يظهر لك أن صورة الطعام هو الأساسي والمشترك بين كل تلك المناسبات، وكأنّ الشخص يرفع هذه الصورة لاشعوريًا لينقل حالة "شعورية" من السعادة من خلال "لمّة" الطعام الذي جمعته مع الآخرين، أو الشعور بالانجاز الذي انجزته يداه. vvvvvv وفي إحدى التعليقات لشاب على صورة يظهر بها كاميرا على مائدة، يقول: "إذا الشباب صوروا الاكل بكون لسبب وهو يجاكروا صاحبهم اللي مرضيش ييجي معهم " ليرتبط تصوير الطعام بشكل مباشر بالمواقف الاجتماعية للأشخاص، وذلك على صعيد الذكور والإناث على حد سواء. ولم تعد تقتصر هذه الظاهرة على مجرد المتعة في النشر أو التباهي بالانجاز، بل تحولت مع الوقت إلى وسيلة "فعالة" لتبادل الخبرات بين ربات المنازل والفتيات، وأصبحت وسيلة "تعليمية" لإتقان فنون الطهي وتعلم أساليب جديدة لتزيين سفرة الطعام وتقديمه. لتجد تلك تسأل في التعليقات على الوصفة، او تثني على إبداع أخرى. حتى أن كثيرًا من "مصورات الطعام" أصبحن ينشرن مراحل التحضير وأحيانًا المقادير بالتفصيل لنشر الفائدة للجميع. وسيتحفك الفيسبوك بعشرات بل مئات الصفحات المتعلقة بالطعام إذا ما خطر ببالك أن تبحث عن وصفة أو فكرة معينة. وعلى صعيد مختلف لتأثير هذه الظاهرة على المجتمع، فقد قدمت أثرًا إيجابيًّا آخر إنعكس في ردة فعل الازواج والأبناء، ويظهر في الحوارات المختلفة التي تنتشر في التعليقات الفيسبوكيه مدى تأثر العائلة من هذا التغيير "المفاجئ" الذي طرأ على الأم منذ انتسبت الى العائلة الفيسبوكية، وتذكر "مريم - اسم مستعار" في إحدى لتعليقات على صورة إحدى الوجبات عن" مدى تأثر البيئة المحيطة بها من هذه الظاهرة، وأن عددا من الأزواج (من الاقارب والمعارف) يبدون امتنانهم للفيسبوك، إذ أنه مذ انتشرت هذه المسألة تغير اسلوب زوجاتهم بتحضير الطعام لهم، فأصبحت الوجبات متعددة، والسفرة فاخرة تدفعهم أحيانا للتساؤل إن كانت هنالك دعوة لضيوف على الغداء". cf وبتعليق لذلك الإبن على صورة الحلوى التي صنعتها أمه يقول:" زهقنا الكعك، كل يوم إمي كل ما تشوف وصفة جديدة بتكتبها وبتساويلنا ياها". وفي تعليقات ساخرة على هذه المسألة يتناقل الفيسبوكيون الكاريكاتيرات والصور التي تعكس مدى تعلق بل "ادمان" الفتيات على تصوير الطعام، فهل هو حقًا إدمان؟! أم عادة إجتماعية أخرى تحتلّ حيزا في العالم الإفتراضي والواقعي؟! وهل لإنتشاره علاقة بانتشار الاجهزة الذكية والاتصال المتاح للنت بشكل عام للجميع؟! أم أنه لها أبعاد أعمق وأهم من كل هذا؟! ddpp