عارية، في مهب الريح كانت حيطان طولكرم، وبرتقال يافا لم يسمع عنه أبناء هذا الجيل كثيرا. وحافظ عمر، ووليد ابن العم خالد لم يكونا أبناء حارة واحدة، أو مخيم واحد. لكن همها واحد. وسلاحهما هو نفس السلاح. لتتجمع الملصقات كلها، على حوائط هذه البلد.. الكبير من غير حدود. والواسع من غير قيود، المليء بالحارات، والمخيمات، والمدن والقرى. تجتمع كلها معلنة أن الفن والألوان هي إحدى الطرق.. لنعلي صوتا، ونحكي هما، وننشر قضية، ترفض الإحتلال.
ولقد وددت لو أن أرفع اعتراضا لاستاذ الفن العصري الذي يعلمني في الجامعة، على تدريسنا للوحة . “الحرية تقود الشعوب” لدكروئا- 1830، ولوحة “إعصار الميدوزا” لثيودور جيركوا 1819. هاتان اللوحتان اللتان تدخلان في سياق الفن الذي استخدم كوسيلة لانتزاع حق، أو نبذ احتلال عبر الريشة والألوان، سواء كانت زيتية أو مائية. ولكنه لم يعلمنا عن فن هذه الأيام، ولم يعلمنا أن فوتوشوب اليوم كريشة الأمس، وشاشات آبل هي بديل عصري لأدوات الزمن الغابر كالجريد Grid التي كان يستخدمها الرسامين الأوائل لتقسيم لوحاتهم قبل البدء بتلوينها.
على أي حال، لن ننتظر الجامعات لتعلمنا عن شباب الوطن ممن استطاعوا تسخير الفن لصالح قضيتهم، وانتزاع حرية “فكرية” عبر ملصق رقمي يعيد نشره الموافق له، عن صاحب الملصق في أروقة فيس بوك. ولن ننتظر أحدا ليعطي شبابنا شهادة بكفاءة فنونهم. فصدقهم، وأعمالهم المبنية على اقتباسات أعلامنا أكبر شهادة.
[caption id="attachment_4802" align="aligncenter" width="504"]

ملصقات وليد في معرض نظمه الطلاب الفلسطينيون في الجامعة العبرية في القدس المحتلة[/caption]
وليد إدريس، الفنان الفلسطيني الشاب، إبن مدينة رام الله،
صاحب فكرة “ملصقات فلسطين” التي يصممها ويقوم بنشرها في شبكات التواصل الإجتماعي عبر الشبكة، بالتزامن مع مناسبات وفعاليات، وقضايا فلسطينية حصرية.
[caption id="attachment_4798" align="aligncenter" width="384"]

إحدى الملصقات من تصميم وليد إدريس[/caption]
حافظ عمر، المصمم الجرافيكي إبن مدينة طولكرم، صاحب
صفحة “حيطان” الذي استطاع نشر قضية الأسرى الفلسطينيين داخل سجون الإحتلال في بداية انطلاق معركة الأمعاء الخاوية، عبر تصميمه الشهير للباس السجين الفلسطيني، القميص البني في سجون الإحتلال. والذي بفضله انتشرت قضيتهم، لتصبح قضية عالمية بامتياز، تحرك الصوت النضالي الساعي للحرية عالميا.
[caption id="attachment_4795" align="aligncenter" width="346"]

تصميم حافظ عمر الشهير عن اضراب الاسرى[/caption]
وإن تسأل عن شبابنا الآخرين، فتراهم في جبهات مختلفة، منهم من يحمل بندقية، ومنهم من يحمل كومة حجارة، ومنهم من يختفي أياما حتى يظهر حاملا صندوقا من العبوات الناسفة. ووسط هؤلاء.. يطل أصحاب العدسات، يوثقين جهاد إخوانهم، ونضالهم، ومقاومتهم.. هذه التي تؤتى بكل الطرق.. المهم أن يؤمن أصحابها بها.. فتصل قوية حارة لمن يريد لوطنه تحريراً!
[caption id="attachment_4800" align="aligncenter" width="518"]

حافظ عمر في معرض له في لبنان[/caption]