هدأت البنادق ووضعت الحرب أوزارها بعد واحد وخمسين يوماً من الصمود والمقاومة الشرسة للمحتل، انتهت المعركة الثالثة ولم تنته الحرب بعد، كان فيها أعنف قصف وحشي شهده الشرق الاوسط منذ نشأة الكيان المحتل جواً وبحراً وبراً للمدنيين العزل بحجة وقف صواريخ المقاومة وفشلوا في ايقافها، وبحجة هدم الانفاق وفشلوا في هذها أيضاًز معركة استخدم فيها الاحتلال صواريخاً تزن أطناناً من المتفجرات بالإضافة إلى الأسلحة المحرمة دولياً، على الجانب الآخر شاهدنا المقاومة وهي تبدع في ميادين الوغى، ونحن هنا لا نتكلم عن حرب متكافئة عسكرياً بين رابع أقوى جيوش العالم تسليحاً وبين مقاومة محاصرة في قطاع جغرافي صغير استطاعت أن توجد له درعاً يحميه، "فليس مهماً بماذا تقاتل عدوك بقدر أهمية كيف تقاتل عدوك".
لاشك أن العدو والعالم وحتى بعض الفلسطينين فوجؤوا بقدرات المقاومة العسكرية كالصواريخ والمضادات والأسلحة المحمولة والقاذفات والتكتيكات المتبعة التي تستند بشكل مباشر على تقنية حرب العصابات التي ترهق أي جيش نظامي يخوضها، هذه الأسلحة استطاعت أن تنقل هذه الحرب من حرب مواقع إلى حرب متحركة تعتمد على التوزيع الجغرافي للقوات وشبه فصل بين الألوية فكنا نشاهد قصفاً إسرائيلياً لمنطقة معينة بالتزامن مع اطلاق المقاومة للصواريخ من منطقة أخرى فلو كانت المقاومة تدافع عن مواقع ثابتة أو تمتلك أسلحة ثقيلة لرصدت بسهولة ولتم تدميرها وتدمير القوات البشرية أيضاً.
هذه الأسلحة كان لها دوراً كبيراً في إرباك المنظومة الأمنية الإسرائيلية وإسقاطها أحياناً بالإضافة إلى دورها الفعال في صد الاجتياج البري الذي كلف العدو كثيراً، وساهم في الانهيار على المستوى المادي والمعنوي بشهادة جنودهم الذين نجوا من مقبرة غزة .
في هذا المقال سنتعرف على أهم هذه الأسلحة التي ظهرت في هذه الحرب ..
الصواريخ :
*صواريخ القسام و107 : هو نسخة مطورة من صاروخ غراد الروسي ويصل مداه الى اكثر من 20 كم ويطلق بشكل فردي او على شكل صليات من منصة متعددة السبطانات. صاروخ107 سمي كذلك نسبة الى عياره روسي الصنع ويعتبر من فئة الصواريخ قصيرة المدى وهو من عائلة "الكاتيوشا" يوجد منه نموذجان «تدميري»: ويكون لون الصاروخ بالكامل أخضر وطوله 79 سم. و«حارق»: ويأتي فيه خط أحمر دائري، وطوله 85 سم.
*صاروخ براق 70،100: هو نسخة مطورة من صاروخ غراد الروسي وقد تم تعديله ليصل الى 70 كلم و100 كلم وذلك بتقليل كمية المواد المتفجرة وقصفت به مطار بن غويون وتل ابيب والقدس ويزن رأسه ما بين 50 الى 90كلغ من المتفجرات .
*صاروخ فجر 5 : صاروخ إيراني الصنع ويصل مداه الى اكثر من 75 كلم كانت قد استخدمته المقاومة لأول مرة في قصف القدس عام 2012 واستخدمته في قصف المدن المحتلة في هذه الحرب.
استنسخت المقاومة منه صاورخ M75 وصاروخ J80 ويختلفان في كمية المتفجرات الموجودة في رأس الصاروخ مابين 70 الى 120 كلغ من المتفجرات .*صاروخR160 : هو نسخة مطورة من الصاروخ السوري M302 ويصل مداه إلى أكثر من 150 كلم، كانت المقاومة قد قصفت به الخضيرة وحيفا في الحرب ويزن رأسه الحربي تقريبا 170 كلغ من المفجرات. وهو لا يختلف عن الصاروخ السوري الا بكمية المتفجرات الموجودة والتي يتم تعديلها في صاروخ R160.
يذكر أن المقاومة تمتلك أيضا صواريخ من نوع سجيل 55 وصواريخ C8K وصواريخ K40 والذي كشفت عنه كتائب شهداء الأقصى مؤخرا دون ذكر تفاصيل.
المضادات والمقذوفات :
* الهاون : وهي قنابل ارتطامية تنفجر بمجرد ارتطامها بالأرض او بالهدف وتمتلك المقاومة هاون من عيار 80و120 استخدم بشكل كبير في هذه الحرب وكان له دور في نزوح المستوطنين من غلاف غزة ويتميز بسهولة الحركة والتواري عن الطائرات. يذكر ان المقاومة اصابت به تجمعا لجنود العدو على حدود غزة.
* الكورنيت: صاروخ روسي الصنع مضاد للمدرعات استخدم في تفجير دبابات الميركافاه على حدود غزة، يتميز بسرعة عالية ويحمل رأس ترادفي شديد الانفجار وبقدرة اختراق تصل الى 1200 ملم.
* الفاجوت : منظومة مضادة للمدرعات استخدمته المقاومة في استهداف مدرعات العدو وهو يشبه كثيرا منظومة الكورنيت ويزن حوالي 25 كلغ وله رأس شديد الانفجار ويوجه عن طريق الكوابل ويصل مداه الى 3 كلم .
* الفونيكس : هو صاروخ مضاد للدروع ويعتقد انه النسخة المطورة من صاروخ Bulsae-2 وهو صاروخ كوري .. الفونيكس يتميز بأنه موجه بالليزر وله قدرة اختراق تصل الى 460 ملم في الدروع .
*صاروخ مالوتكا : صاروخ مضاد للدروع روسي الصنع يوجه بواسطة سلك اثناء الطيران يعرف باسم صاروخ سايغر ويمتاز بخفة وزنه وحجمه ويصل مداه الفعلي الى 300 متر ومداه الاقصى الى 500 وبسرعة انطلاق 27 متر بالثانية ويحوي على رأس شديد الانفجار.*سام 7 : منظومة دفاع جوي محمولة على الكتف من نوع "ستريلا 2" روسية الصنع وهو صاورخ حراري مضاد للطائرات يشكل خطرا على الطائرات المروحية والاستطلاعية بعكس طائرات الاف16 يذكر ان المقاومة أعلنت انها تمتلك صواريخ سام 16 وهي متطورة جدا .
*الأر بي جي : منظومة مضادة للدروع محمولة على الكتف روسي المنشأ يستخدم ضد المدرعات والمنشأت الاسمنتية واستخدمته المقاومة بشكل كبير في قصف جنود العدو الذين تحصنوا داخل البيوت على حدود غزة ..له قدرة اختراقية تصل الى 17سم في الفولاذ والى 27سم في الاسمنت وتزن المادة التفجرة فيه حوالي 240 جم .
*بالإضافة الى الألغام والقنابل اليدوية وقنابل الشواظ حيث فخخت المقاومة اكثر من مكان تواجد به العدو والحقت به خسائرة مادية وبشرية .
الأسلحة المحمولة :
* بندقية القنص صياد : النسخة الإيرانية من بندقية شتاير النمساوية وهي بندقية مضادة للدروع من عيار 12,5 ويصل مداها الى اكثر من 1500 متر . ويعتقد ان ايران طورت نسخة أخرى وتدعى بندقية شاهر، المقاومة في غزة استنسخت من بندقية شاهر بندقية الغول من عيار 14.5 وبمدى يصل الى 2كلم.* بندقية القنص دراغانوف : بندقية قنص روسية الصنع تتميز بوزنها الخفيف بعكس بنادق القنص الأخرى ,تعمل بدفع الغاز وتصل سرعة الطلقة فيها الى 830 متر في الثانية وبمدى يصل الى 1200 متر .
* بندقية "FN2000 " : ظهرت في عروض المقاومة العسكرية وهي بندقية اقتحام بلجيكية الصنع مميزة في المواجهات القريبة ويصل مداها الى 500 متر ويحوي مخزنها على 30 طلقة .
* بالإضافة الى بنادق الكلاشينكوف بمختلف انواعه و M16 وبنادق "الاف ان فال" .
بهذه الأسلحة بالإضافة الى الانفاق والتجهيزات العسكرية البدائية استطاعت المقاومة في غزة ان تفرض على العدو معركة لا يعرف كيف وأين يقاتل فيها بعكس الحروب السابقة التي كان الاحتلال يفرض فيها منطقه ونظرياته العسكرية، فلا شك أن الحرب المتحركة التي فرضتها المقاومة في ساحة الميدان أفقدت العدو صوابه.
ولذلك كان يشتد القصف الجنوني في محاولة للانتقام من عمليات المقاومة التي لم تتوقف صواريخها حتى اللحظة الأخيرة من اعلان وقف اطلاق النار حيث اطلقت في ذلك اليوم ما يزيد على 160 صاروخاً وقذيفة تجاه أرضنا المحتلة وهو خير دليل على فشل العدو في وقف الصواريخ، ونعيد ونقول لو أن المقاومة كانت تدافع عن مواقع ثابتة أو تمتلك أسلحة ثقيلة لخسرت من اليوم الأول، من اهم استراتجيات حرب العصابات هو إعطاء مجال للعدو بأن يدخل مناطق المقاومة وهو ما حدث بالفعل وأوقعت المقاومة بالعدو خسائر كبيرة عن طريق الكمائن المنصوبة، هم خسروا هذه الحرب لانهم أرادوا حربا كما تعلموا في كلياتهم العسكرية لذلك عجزوا عن مواجهة حرب العصابات التي تأتي كل يوم بجديد لا تعرفه الجيوش النظامية .
وفي النهاية تبقى الجدلية حول اذا ما انتصرت المقاومة أم هزمت كما يروج لها البعض، وهنا اقتبس واختم المقال بما قاله المدون باسل الاعرج حول الموضوع :"من المستحيل ان تقنع من لا يؤمن بالعنف الثوري طريق للتحرر بأن ما شهدناه هو نصر , ومن المستحيل ايضا ان تقنع من يؤمن باللاعنف كأيديولوجيا بهذا ايضا ، ومن المستحيل ان تقنع من لا يرى الصراع مع العدو صراع وجودي بأن غزة انتصرت ، ومن المستحيل ان تقنع من يرى بأن للعدو حق في الوجود بهذا ايضا ، من المستحيل ان يفقه هذا النصر من لا يرى كرامته فوق حياته. هؤلاء هزمت مشاريعهم بهزيمة العدو فيصعب عليهم الاقرار بهذا. لكن هذا يجب ان لا يتم استعماله لقمع الحريصين على المقاومة ونقدهم للاخطاء ، هناك اخطاء كبيرة يجب دراستها والوقوف عليها , وطرحت المعركة اسئلة ضخمة تتعلق بمفاهيم كثيرة ، اذا لم تتم هذه الحوارات والنقاشات والاستنتاجات والمحاسبة والمساءلة سنكون ضيعنا جزء من نتائج النصر. والحرب لم تتوقف بوقف ازيز الرصاص، بل انتقلت الى مساحات اخرى وبضجيج اقل، حربنا لن تنتهي حتى يتم انهاء اسرائيل وانهيار الرأسمالية العالمية".
يتبع في الجزء الثاني ....