قال المفكر العربي عزمي بشارة في لقاء لقناة الجزيرة هذا المساء حول التطورات الأخيرة المتعلقة بالعدوان الاسرائيلي على قطاع غزة أن "اسرائيل" في ورطة حقيقية، وأن المقاومة الفلسطينية بكافة فصائلها تخوض معركة شرسة من أجل رفع الحصار الاسرائيلي على القطاع المفروض منذ عام 2006. كما قال أن الضفة الغربية على شفى انتفاضة، وأن على السلطة الفلسطينية تحويل شعار الانتفاضة المدنية ضد الاحتلال الى شعار فعلي على الأرض.
واعتبر بشارة أن من عليه أن يخشى هذه الحرب هي "إسرائيل" معتبرًا أن الحملة البرية والاقتحامات الاسرائيلية ليست إلا جس نبض لجاهزية المقاومة وهي عمليات فاشلة لم تجلب لهم أي انجاز، لذلك يقومون بالقصف العشوائي وارتكاب المجازر بهدف ضرب الحاضنة الاجتماعية للمقاومة وممارسة الضغط النفسي على الفلسطينيين انتقاما لخياراتهم السياسية في دعم المقاومة.
وقال بشارة أن أول من صرخ وطالب بوقف اطلاق النار هي اسرائيل، وكل الدعوات لوقف اطلاق النار دون تحقيق مطالب الشعب الفلسطيني عبارة عن نصر اسرائيلي، لذلك يجب رفض وقف اطلاق النار دون تحقيق مطالب الفلسطينيين كون غزة أكبر سجن مكتظ في العالم، وهي جزء من قضية آخر شعب يعاني من حالة استعمارية في العالم اسمها اسرائيل التي تروج نفسها كواحة الديمقراطية في الشرق الأوسط في ظل ما يحصل في الوطن العربي.
مقاومة اسطورية تقلب الموازين
وأكد أن وقف اطلاق النار بدون شروط يعني تجدد العدوان الاسرائيلي على غزة في كل مرة تحصل فيها تجاذبان داخل الخارطة السياسية الاسرائيلية، مشددًا على أن اسرائيل يجب أن تدفع ثمن دخول هذه الحرب غير المحسوبة التي لم يخترها الفلسطينيون، فلا يجوز كلما احتاج الوضع الاسرائيلي الداخلي "إستعراض العضلات" أن يكون على حساب الشعب الفلسطيني بزيادة وتيرة الاستيطان وتهويد القدس وشن العدوان على غزة.
وتحدث بشارة عن الفشل الاسرائيلي في فرض الحصار وتغلب المقاومة على كسره عسكريًا معتبرًا أنه بالرغم من أن الحرب غير متكافئة القوى العسكرية، إلا أن عدم تمكن العدو من النيل من المقاومة فهو فشل للعدو وليس لنا على حد قوله، متطرقًا إلى الفشل المخابراتي الاسرائيلي في عدم القدرة على ضرب المقاومة التي سطرت دروسًا في الصمود والقتال الاسطوري ونقل المعركة خارج حدود غزة والاحتكاك مباشرة مع العدو.
كما تطرق بشارة إلى ضرب الصواريخ من غزة على "إسرائيل" كأسلوب جديد في الصراع استعملته سابقًا المقاومة اللبنانية، مع أن الصواريخ هذه لا تلحق خسائر عسكرية، إلا أنها تشل الحياة اليومية للإسرائيليين واستطاعت وقف عمل مطار اللد، الامر الذي يترك الأثر المعنوي السلبي في نفسية المجتمع الاسرائيلي، مؤكدا أن المقاومة متفوقة أخلاقيا على "إسرائيل" في إدارة المعركة.
انتفاضة جديدة
وأشار بشارة إلى أن كل الظروف الآن تشبه ظروف عشية اندلاع الانتفاضة الثانية، مع فارق وحيد هو وجود سلطة فلسطينية مع أجهزة أمنية تحمل عقيدة جديدة تختلف عن السابق، محذرًا من اندلاع مواجهات فلسطينية داخلية في الضفة الغربية تصطدم مع السلطة الفلسطينية، داعيًا السلطة إلى الذهاب بانتفاضة مدينة مدروسة في الضفة الغربية، وتحويل الشعار الذي تنادي فيه السلطة إلى أمر فعلي على الأرض.
وتطرق بشارة إلى التحول الجاري في خطاب السلطة الفلسطينية خلال العدوان معتبره أمرًا ايجابيًا وأن هذه هي لغة الشارع الفلسطيني، محذرًا أن يكون خطاب للاحتواء. كما دعا السلطة إلى الانضمام إلى المنظمات الدولية وملاحقة مجرمي الحرب الاسرائيليين، الأمر الذي يقلق اسرائيل بشكل حقيقي، وهي ورقة قوة في أيدي الفلسطينيين.
كيري أصبح نكتة
وحول آخر التحركات الدبلوماسية، وصف بشارة أن أسلوب وزير الخارجية الامركية في المفاوضات الجارية بالمنافق وأصبح نكتة، لأنه يأتي ويبدي استعداد أولي على تلبية شروط الفصائل الفلسطينية ثم يغيب ويرفضها او يقدم شروط جديدة مثل نزع سلاح المقاومة، عازيًا الأمر إلى وجود ضغوط من دول عربية على كيري بالإضافة الى اسرائيل، مشيرًا إلى أن العائق الأساسي الآن هو النظام المصري بسبب تعنته على ما أطلق عليه مبادرة مصرية لم يستشر بها أحد ولا تلبي مطالب الفلسطينيين. وأشار بشارة أنه جرت محاولات ضغط على دول صديقة لحماس كي تضغط على حماس لقبول التهدئة بدون أي ضمانات.
وأكد أن الفصائل تريد وقف اطلاق نار من منطلق أن لا يستمر الحصار، أي ليس وقف اطلاق نار آني، بل يمنع أي اعتداء اسرائيلي مستقبلي، مشددًا على ضرورة وقف الحصار من كافة الاتجاهات وليس فقط من جهة اسرائيل، وهذا يجب أن يكون له ضمانات.
المقاومة كسبت ود كل الشعوب
وسخر بشارة من بعض الاعلاميين العرب الذين يهاجمون حماس والفلسطينيين ويدافعون عن اسرائيل وعدوانها معتبرا أنه نتاج المرحلة العربية الخطرة التي نمر بها، وان دل على شيء فيدل على انحطاط لدى البعض، الذين يُخرجون نزعات عنصرية ضد العرب لتبرير التآمر على العرب. لكن في نفس الوقت أشار إلى أن غزة كسبت ود الشعوب العربية وأعطت أملا لها في الوقت الذي تمر فيه بمرحلة حرجة في ظل صعود الثورات المضادة وقوى التطرف مثل داعش، وقدمت نموذجا للوحدة الوطنية متطرقا الى تهجير المسيحيين في العراق وعكسه في غزة حيث تفتح الكنائس ابوابها للنازحين.
الانتصار قادم
وخلص بشارة إلى القول بثقتة بأن هذه المعركة ستفضي الى رفع الحصار حتى تتحول حياة مليون ونصف فلسطيني الى طبيعية، فالشعب الفلسطيني قدم تضحية ومقاومة اسطورية ويستحق أن يكون لديه ميناء وحياة حرة وكريمة بعد سنوات الحصار هذه مؤكدا في ختام المقابلة أن الانتصار الكبير قادم.