صفاء خطيب
"صفحة الأندلس ليست ترفاً ثقافياً إنما هوية وإيمان ورسالة وفكرة ومبحث كبير لا يمكن اختصاره بسطور". بهذه الجملة بدأت حديثها منى حوى، الفلسطينية اللاجئة من مدينة صفد، والمقيمة في الخرطوم، وهي مؤسسة صفحة "الأندلس" على موقع التواصل الإجتماعي "فيس بوك"، والتي بلغ عدد متابعينها ما يقارب المئة ألف متابع، انطلقت الصفحة في الثالث من شباط 2010 في فضاء الإنترنت. تتحدث حوى عن المشروع فتقول: "المشروع معني بـ إحياء الأندلس على الشبكات الاجتماعية وبين الشباب، ليس الأندلس فحسب بل التاريخ الاسلامي ككل. وما دفعني لانشاء هذه الصفحة أو هذا المشروع ببساطة هو إنتمائي للأمة الإسلامية والتي أحمل أنا كفتاة فيها على عاتقي تذكير الأمة بفضل الحضارة الإسلامية على الأمم". تعمل الصفحة على تبني فعالية سنوية في اليوم الثاني من يناير كانون الثاني من كل عام، وهذه الفعالية ينضم فيها تجمع كبير من صفحات الفيسبوك من أجل ذكرى إحياء سقوط الأندلس، والذي يوافق ذكرى تسليم غرناطة آخر معاقل المسلمين في الأندلس، وهو الوقت الذي تقوم فيه اسبانيا بإحتفالية رسمية بسقوط آخر قلاع الأندلس.
مصير الحكايات التي لانكتبها
أخذت حوى تعدد ل"شبكة قدس" أهداف المشروع قائلة: "الهدف الرئيسي هو إحياء الأندلس من جديد.ودفع الشباب للإهتمام والتدقيق والبحث في التاريخ الإسلامي بأخطائه ومحاسنه بصورة اكاديمية وموضوعية بعيداً عن التقديس، بالاضافة لتغيير الصور النمطية " الف ليلة وليلة ومصباح علاء الدين " من أذهان المتلقيّن إلى واقع حقيقي وهوية.كما ونلقي الضوء على بعض المطالبات والممارسات المشينة بما يخص "الهوية الأندلسية" داخل اسبانيا والبرتغال وبلاد اللجوء الأندلسيّ . إن الكثير من المؤرخين والكتاب يجعلون تاريخ الأندلس منتهياً عند سقوط غرناطة عام 1492 م، متجاهلين حقبة طويلة جداً للصراع الأندلسي الموريسكي بعد السقوط والمستمر حتى عامنا هذا.
كما يهمنا من خلال الصفحة تغيير الكثير من الأفكار السلبية المرتبطة بالتاريخ والأندلس مثل : الفكرة العالقة والتي يروّج لها الكثير من المؤرخين للأسف والتي مفاداها أن الأندلس عادت لأهلها متجاهلين الحرب الصليبية التي اسقطت الأندلس وطرد أهل الأندلس الأصليين ومتجاهلين كذلك الحرب البشعة التي استنزفت الروح واكل الأخضر واليابس من أجل محاربة العقائد فقط فالمشكلة لم تكن بعربي أو امازيغي إنما بأيدولوجيات. وأمور أخرى متعلقة بهوية الأندلسين وعقيدتهم قبل دخول المسلمين وقبل سقوط الأندلس بيد الكاثوليك المتعصبين. في الوقت الذي يتهم تاريخنا ويزور بالبطش والإرهاب، تأتي محاكم التفتيش معرية كل الحقائق وفاضحة لكل الجرم وهذا ما تقف عنده الصفحة طويلاً من أهداف المشروع أيضاً البحث والتدقيق في معلومات عن أصول الأشياء لا من أجل التغنيّ بالماضي إنما شحذاً للهمم من أجل المستقبل حيث كانت الإختراعات و الابتكارات و سواها مزدهرة في حضارة الأندلس.
وعن علاقة مشروع إحياء الاندلس بالقضية الفلسطينية تحدثت حوى: "فلسطين هي أندلسنا السليبة السؤال هو: كيف نحميها من السقوط والضياع؟! الإجابة دائماً الأندلس، النقطة الأهم يلخصها الروائي إبراهيم نصر الله بقوله:"هل تعرف مامصير الحكايات التي لانكتبها؟ إنها تصبح ملكا لأعدائنا " إلى أين تمضي صفحة الأندلس؟
"أرغب بتأسيس مركز دراسات كبير معني بالشأن الأندلسي الحديث والقديم"، هذا هو حلم حوى الذي بدأ بصفحة على الفيس بوك. وتضيف: كما أرجو أن تستطيع هذه الصفحة ولو بعد حين مع شبابها وبعد جهد طويل إنتزاع حقّ الإعتذار من الفاتيكان وملك اسبانيا للموريسكين أهل الأندلس على الجرائم التي ارتكبت بحقهم وطردهم من بلادهم عام 1609، اعتذار لا يقلّ اهمية عن الاعتذار الذي قدم للسفارديم اليهود الأندلسيين الذين طردوا عام 1492، وقد قدم لهم الإعتذار عام 1992 مع مرور 500 عام على طردهم، والإعتذار يخصهم فقط ولم يذكر فيه المسلمين أهل الارض الذين عذبوا وطردوا من ديارهم . " لأنه حيطتنا واطية" وجاء اعتذار سطحي من البرلمان فقط وليس من الفاتيكان أو من ملك اسبانيا.