ثمة خطر شديد من حدوث تدهور أمني بين الاحتلال الإسرائيلي وحركة حماس في قطاع غزة، هذا في إطار خطوات انتقامية "إسرائيلية" قد تقدم عليها حكومة الاحتلال بعد العثور على جثث الجنود الثلاثة، أمس الاثنين، والذين اختفت آثارهم قبل 18 يوما في منطقة الخليل، وتتهم قوات الاحتلال حركة حماس بالوقوف خلف العملية.
فنتنياهو من جانبه، يريد أن يفعل شيئا لإرضاء الإسرائيليين، وهذا حاصل لا محالة، لأن نتنياهو لا يريد أن يدفع أثمانا سياسية أخرى غير ما خسره بعد العدوان الأخير على قطاع غزة واضطراره لوقف العملية والإقرار بالهزيمة، وبعد الثمن العسكري والأمني الذي دفعه ليلة الإعلان عن العثور على جثث الجنود لا بد من ثمن جديد على نتنياهو دفعه إن لم يحرك ساكنا.
هذا من جهة، من جهة أخرى نتنياهو لديه حسابات أخرى تتلخص في أن الدخول في مواجهة مع قطاع غزة وحماس يخضع لحسابات الفشل المخابراتي الذي سجلته مؤخرا والذي تسجله في جهلها لقدرة حماس اليوم، كما يخضع لمدى تحمل الدخول في مواجهة مع فصائل المقاومة على صعيد جبهته الداخلية.
يبدو أن تصريحات القيادي في حماس محمود الزهار والتي أعلن فيها عن قدرة صواريخ المقاومة ضرب أي منطقة في الداخل المحتل، أخذت على محمل الجد لدى "الكابنيت" الإسرائيلي الذي يكتفي حتى اللحظة بممارسات لا تعدو كونها مناورات تشبع غضب الإسرائيليين وتبقي على مسافة ثابتة في المواجهة مع حماس.
المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس" العبرية " عاموس هارئيل" حذر من أن "الأزمة الأمنية التي خلقتها عملية الأسر ما زالت في أوجها"، مضيفا أن "حكومة بنيامين نتنياهو ملزمة الآن بالمناورة ما بين غضب "الإسرائيليين" بسبب مقتل الجنود، والضغوط السياسية من داخل الجناح اليميني في الائتلاف من أجل رد فعل "إسرائيلي" شديد، وبين تدهور الوضع إلى مواجهة عنيفة وواسعة مع حماس، في قطاع غزة بالأساس قد لا تحمد عقباها".
"في نهاية الأمر سيضطر نتنياهو إلى بلورة سلسلة ردود فعل تثبت للرأي العام أنه ما زال قويا مقابل حماس، لكن دون الانجرار إلى ورطة عسكرية متواصلة"، يقول "هرئيل".
"الهدف المعلن للعمليات العسكرية "الإسرائيلية" في الضفة الغربية وقطاع غزة هو ردع الفلسطينيين، لكن الهدف العملي أكثر هو تهدئة الإسرائيليين، ومن شأن عملية حازمة أن تكبح جماح الغضب الداخلي في إسرائيل، لكن ذلك لا يمكن أن يحصل دون دفع أثمان أخرى"، يضيف "هرئيل".
واستبعد هارئيل، ومعظم المحللين العسكريين الإسرائيليين شن عملية عسكرية برية ضد قطاع غزة، لكن رغم ذلك فإن "الإغراء السياسي لتنفيذ خطوات إسرائيلية ضد حماس في القطاع كبير".
ولذلك رأى المحلل أن "ثمة أرضا خصبة للتصعيد. وتكفي عملية اغتيال "إسرائيلية" واحدة ضد قيادي في حماس من أجل إشعال نار كبيرة، وسيحظى نتنياهو بسبب خطوة كهذه بتأييد اليمين لكنها تنطوي على مخاطر وحماس الأمس ليست حماس اليوم ولا حتى حماس اليوم هي نفسها حماس الغد".
وحسب تقديرات شعبة الاستخبارات العسكرية "الإسرائيلية" فإن تمتلك اليوم مئات الصواريخ ذات مدى يصل إلى "غوش دان" وسط "تل أبيب"، فيما تقول حماس أن بحوزتها صواريخ أبعد من ذلك، بإمكانها الوصول إلى شمال فلسطين المحتلة.
ويقول "هرئيل" إنه "من يريد الدخول في عملية واسعة ضد حماس في القطاع عليه أن يأخذ بالحسبان مواجهة متواصلة نسبيا وتشمل تعرض الجبهة الداخلية الإسرائيلية لضربات (صاروخية) أكبر، وينبغي أن يكون لعملية كهذه هدف أوضح من مجرد إرضاء غريزة الانتقام لدى الجمهور".
المحلل العسكري في موقع "يديعوت أحرونوت" العبرية، "رون بن يشاي"، حذر من جانبه من السماح باحتكاك بين الفلسطينيين والمستوطنين، وكتب في مقالة له صباح اليوم أنه "قبل تحطيم البنى التحتية لحماس في الضفة، هناك مهمة طارئة أكثر، وهي منع احتكاك بين السكان الفلسطينيين وبين المستوطنين اليهود الذين يتوقون للانتقام، لأن احتكاكا كهذا من شأنه أن يشعل نارا كبيرة، وليس في الضفة فقط، وإنما في الأردن ومصر وربما في دول عربية أخرى".
ودعا بن يشاي حكومة "إسرائيل" إلى "تحطيم البنى التحتية لحماس في الضفة الغربية لكن لا ينبغي جعل حكم حماس في القطاع ينهار، وحذر من أن عملية برية ضد القطاع ستضع منطقة "تل أبيب" والمدن الساحلية في مرمى الصواريخ الفلسطينية.