تحت عنوان "أسطورة الدقائق الثمانية"... بدأت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس، بنشر تفاصيل عملية أسر الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، بمناسبة الذكرى الثامنة للعملية، حيث نشرت اليوم الحلقة الأولى من أصل 5 حلقات قالت إنها ستُنشر تباعًا:
كلف المجلس العسكري لكتائب القسام القيادة الميدانية للكتائب بالبحث عن هدف إسرائيلي لتنفيذ عملية أسر لجنود الاحتلال بهدف تحرير الأسرى والأسيرات في سجون الاحتلال لما يمثلونه من قيمة لدى شعبنا، وبعد الرصد والبحث في جميع المحاور والقطاعات على كامل أرض قطاع غزة، قُدم تقرير إلى المجلس العسكري كانت فحواه ما يلي:
العملية هي اقتحام موقع لجيش الاحتال يتم خلاله الاشتباك المباشر مع جنوده تمويهيا، رغم تجهيزاتهم ومحمولاتهم والتي تعتبر الأفضل في العالم، ولتعيش قيادته من جديد عقدة عجز الجندي الإسرائيلي مقابل الرجل الفلسطيني المقاتل، وتدمير نقاطه الدفاعية وآلياته في عمق نطاق دفاعاته على الشريط المحتل الشرقي، قاطع شرق رفح، قطاع كرم أبو سالم والواقع بالكامل تحت سيطرة قوات العدو وبالقرب من عدد من النقاط العسكرية وأبراج المواقع المدعومة بالمدرعات كإجراء جديدٍ لحمايتها من هجوم المجاهدين.
هذه المعابر دائماً ما كانت تمثل نقاطاً لنفاد القوات في الاجتياحات وتسلل القوات الخاصة، وكان الهدف الرئيس في هذه المرحلة هو أسر جنود الاحتلال دون تهديد حياة فريق الاقتحام ما أمكن حسب تعليمات القيادة.
وقد أرادت قيادة الكتائب أن تؤكد في نفوس مجاهديها أن المواجهة المباشرة مع جنود الاحتلال أمر يسير مع اتخاذ الترتيبات التخطيطية اللازمة، ليصبح أسلوبا متبعا في أعمال المقاومة وهي العمل التعرضي الشديد والجريء، والذي يظهر إمكانات مجاهدينا ويحيّد التكنولوجيا ما أمكن، من كاميرات بأنواعها ورادارات أفراد حرارية، ثم تدريب مجموعاتنا لأعمال قادمة أكبر، إضافة لتعميق العقدة عند قادة الاحتلال بعجز جنود النخبة المجهزين بالتكنولوجيا على مواجهة المجاهدين المزودين بوسائل بسيطة جدا مواجهة مباشرة.
حاز التقرير على موافقة المجلس وصدرت تعليمات بالتحرك إلى أرض الميدان، وتحويل التقرير إلى واقع، كما صدرت التعليمات بتوفير كامل الاحتياجات البشرية والمادية، إضافة للاحتياجات المساندة للقطاعات والمحاور الأخرى، من صواريخ وقذائف.
الإعداد والتحضير
تم اختيار ميدان التدريب وفق شروط محددة مع تعليمات صارمة للاختفاء عن الرصد الجوي، وقد أنجز التدريب جميعه بسلام.
ومن ثم تم تحديد عدد المشاركين (عناصر الاقتحام) بـ 7 عناصر كأقل عدد ممكن، كتحد، تجنبا لوقوع خسائر عالية، حيث أن العملية جريئة وواسعة بين فكي العدو، رغم أن أقل عدد يحتاجه الاقتحام هو 12 عنصرا وهذه مجازفة كبيرة، وقبلت قيادة القسام التحدي.
الأسلحة والمعدات المطلوبة
تم توفير الأسلحة والمعدات المطلوبة من الكتائب بواقع بندقية بحالة ممتازة لكل مجاهد + 6 مخازن + 200 طلقة + 3 قنابل دفاعية (من صناعة القسام) + عبوتين لفتح أبواب الحصون لكل عنصر من فريق الاقتحام (من صناعة القسام) + قاذف الياسين مع قذيفتين (من صناعة القسام) + وحدة للتواصل بين العنصر وقيادته بأسلوب مبتكر يستخدم لأول مرة، إضافة إلى عبوة مشكلة بتصميم خاص لكل درع.
ليتم بعد ذلك توفير ثياب عسكرية إسرائيلية لكل عناصر الفريق، بالإضافة لتفصيل سترة لحمل جميع معدات كل عنصر على الظهر والصدر، مع حذاء رياضي خاص لا يترك أثرا خلال السير، إضافة لتجهيزات مثل مشد للكوع والركبة والكاحل لحماية المفاصل خلال الزحف في النفق والركض خلال التنفيذ.
كما تم تجهيز حقيبة خفيفة الوزن خاصة بكل عنصر لسحب ونقل محمولاته داخل النفق كي يصل الجميع إلى نهاية النفق في نشاط، ومنعا من إجهاد الفريق قبل ساعة الصفر، وللمحافظة على الثياب والأسلحة من التلوث بالأتربة حرصا على عدم تعطل الأسلحة خلال العملية، ومن أجل ألا يعرف الاحتلال بأن العملية تمت من خلال نفق، كما أضيف للتجهيزات قيود بلاستيكية لتقييد الأسرى، وكذلك لتقييد أيدي القتلى لتضليل العدو.
وكان التخطيط يتضمن إغلاق عين النفق بطريقة معينة فور خروج الفريق؛ لإعطاء الفرصة لاستخدامه لاحقاً فيما لو لم يكتشفه الاحتلال، وكانت التعليمات هي سرعة خروج الفريق بعد تأمين عين النفق من الخارج كاحتياط لمواجهة أي كمين قريب في المنطقة، وفي نفس الوقت كان الرأي الراجح أن العدو سوف يكتشف النفق لاحقا بتتبع الأثر، وسوف يقوم بتدميره من أعلى، أو نسفه ونسف بئر النفق، وبالتالي لا فائدة من تلغيم النفق أو وجود أي مجاهد بالقرب من مدخله استقاء للعبرة من إجراءات الاحتلال في الحالات السابقة وهو ما حدث تماما لاحقا.
خطة التدريب
تم وضع خطة التدريب على جميع مكونات الهدف وعلى جميع المجالات التي يمكن أن يواجهها فريق الاقتحام، وتم التأكيد على المهارات الأساسية بشكل فردي وجماعي (تفجير ناقلة – دبابة - باب حصن - بعبوات خاصة لكل منها "من صناعة القسام").
وبذلك اعتقد الاحتلال لاحقاً أن تدمير الدبابة تم بقذيفة RPG متطورة، حيث أن العبوة أحدثت فتحة بالقرب من حافة البرج الخلفية عرضها نصف متر واخترقت داخل الدبابة، كما أن النفث الحارق وصل إلى ماكينة الدبابة في الأمام ودمر غرفة القيادة تقريبا كما أدت إلى قتل معاون قائد الدبابة في الجانب الأيمن فورا وهو برتبة عريف.
الإسناد الصاروخي
كما تم وضع خطة لتوظيف سلاح الصواريخ والهاون كسلاح إسنادٍ وتمهيدٍ وتضليل ٍوتعميةٍ على النوايا أمام القيادة الميدانية للاحتلال، حيث تم قصف جميع مواقعه ونقاطه على كامل الشريط المحتل وكذلك المستوطنات المحاذية ولمدة يومين قبل التنفيذ.
ظن الاحتلال أن هدف المقاومين هو القصف الصاروخي وفقط كالحالات السابقة، فقام بسحب (المنطاد) من فوق معبر كرم أبو سالم وتحويله إلى منطقة معبر بيت حانون المسمى "إيرز" لوجود مطلقي الصواريخ في تلك المنطقة، مما أتاح لفريق الهجوم بحمد الله الحركة باحتراف خلال الهجوم وعند الانسحاب في الأرض المكشوفة وهذا من آيات الله.
تثبيت ساعة الصفر
تم عمل زيارات متتالية للنفق الذي نفذت منه العملية، وتم إكماله وتدعيمه من الداخل، كما تم رصد مواقع العدو المقرر الهجوم عليها ولعدة أيام متتالية نهارا وليلا مع التصوير، وبالتالي تم تحليل الصور ودراسة سلوك جنود الاحتلال في المواقع وما حولها خلال اليوم كله، وكذلك الدوريات التي تقوم بتمشيط المنطقة المحاذية للسياج الإلكتروني.
عادت القيادة الميدانية وقدمت للمجلس العسكري تقريرا عن الإجراءات جميعها، كما قدمت شرحا مفصلا مع رسم كروكي توضيحي شامل لخطوات ومراحل الهجوم ومقتربات المجاميع نحو أهدافها، مع إبداء الملاحظات من أركان المجلس وأخذها بعين الاعتبار.
وهنا اتفق المجلس العسكري على اللمسات الأخيرة للعملية، وصلى الجميع صلاة الحاجة، وتم تثبيت ساعة الصفر وهي ما بعد صلاة الفجر من يوم 25/6/2006م كموعد للتنفيذ الحاسم.
الحلقة الثانية: http://www.qudsn.ps/article/44044