في ظل استمرار الحملة التي تشنها قوات الاحتلال الإسرائيلي ضد عناصر وقادة حركة حماس في مناطق الضفة الغربية_ كما أعلن جيش الاحتلال_ يعترف المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس" العبرية "عاموس هرئيل" لأول مرة بأن ما يقوم به الاحتلال ضد حماس لا علاقة له بالجنود الأسرى.
ولفت "هرئيل" إلى أن حكومة الاحتلال قد انتهزت الفرصة لبلورة المشهد السياسي والعمل على ضرب حماس وتشويه صورتها بهدف فض المصالحة الفلسطينية، محذرا من أن الخطوات التي تتخذها "إسرائيل" ضد حماس قد تعود بنتائج عكسية على نفسها.
ونقلت الصحيفة عن "هرئيل" الذي يعتبر كبير المحللين الإسرائيليين قوله: "إذا كان اعتقال 300 ناشط حماس يفسر بأنه يأتي في إطار الجهود للعثور على الجنود الثلاثة، فإن المنطق في نية إبعاد القيادة لغزة ومعاقبة أسرى حماس، لا يتفق مع ذلك"، مشيرا إلى أنه "وفي ظل غياب دليل قاطع على أن حماس مسؤولة عن الأسر- ما عدا تصريحات رئيس الحكومة "بنيامين نتنياهو"، وبوجود ثلاثة تنظيمات لا علاقة لها بحماس أعلنت المسؤولية عن العملية، يبدو أن الحكومة تحاول للمرة الثالثة تسلق صخرة "القضاء على البنية التحتية للإرهاب"، على حد تعبيره.
وأضاف "هرئيل" "هذه الجهود فشلت في عملية الرصاص المصبوب، وكذلك في عملية عامود السحاب، ولم تحقق النتائج المرجوة بعد سلسلة الاغتيالات لقادة حماس خلال الانتفاضة الثانية، وهذه المرة أيضا يبدو أن إبعاد قيادات بمستويات متوسطة ورفيعة من حركة حماس في الضفة لن يحقق المرجو، لأن التنظيم أثبت كل مرة من جديد بأنه قادر ليس فقط على البقاء بل أيضا بناء خزان طاقات بشرية جديدة".
وتابع "ثمة شك أيضا في أن هناك منطقا استخباريا في الإبعاد إلى غزة، فطالما هم في الضفة فهم يخضعون للمراقبة من الشاباك الذي ادعى أنه نجح بلمح البصر في تحديد أماكنهم واعتقالهم، ومن قوات الأمن التابعة للسلطة".
ويشير "هرئيل" إلى أن تشديد ظروف حبس أسرى حماس، قد يعود بنتائج عكسية أيضاً على المستويين الأمني والدولي السياسي، فالتضامن بين الأسرى السياسيين والذي انعكس في انضمام الأسرى المحكومين إلى إضراب المعتقلين الإداريين، قد يؤدي إلى إشعال تمرد داخل السجون، ويستدعي تدخلا دوليا.
ويتابع "هرئيل" في تحليله للوضع القائم في مناطق الضفة الغربية "يبدو أن الهدف الرئيسي من العقوبات ليس المعاقبة فحسب بل هي جزء من رزمة تهدف إلى رسم صورة حماس كتنظيم إرهابيي لا يمكن للمصالحة مع فتح أن تغير طبيعته"، على حد تعبيره، "إضافة إلى التسبب في تفكيك الشراكة بين فتح وحماس، وإقناع مصر بأن تمتنع عن فتح معبر رفح كبادرة حسنة اتجاه حكومة الوحدة، ووقف تهافت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي باتجاه حكومة الوحدة".
ولفت إلى أن كل تلك الأهداف لا علاقة لها بالعثور على الجنود الأسرى أو منفذي عملية الأسر، فهي فرصة وقعت في حضن الحكومة الإسرائيلية في أعقاب الاختطاف، لكن هذه الفرصة تجد صعوبة في الوقوف على قدمين صلبتين.
ويختتم هرئيل مقالته بالقول، "السؤال الآن هو كيف سترد الأذرع العسكرية لحماس والجهاد الإسلامي وفتح على ما يعتبرونه "عدوان إسرائيلي جديد"، التهدئة بين غزة و"إسرائيل" لا زالت سارية، ومحفوظة بشكل عام، لكن انهيارها بأيديهم إذا ما قدروا بأن القيادة السياسية، والمصالحة، يوفران لإسرائيل حرية العمل ضدهم.