شبكة قدس الإخبارية

مجدو: كل ما لاتستطيع احتماله

رشا حرز الله
الحوار الذي دار بينها وبين هايل، قال لها "بعرفش وين نقلوه"، هي لم تقتنع بذلك تحول بكاؤها إلى صراخ ضج أرجاء الساحة، بقيت لأكثر من ساعة ونصف تطرق الحديد إلى أن انزعج هايل وقال لها "وجعتي راسي نقلناه على جلبوع يلا روحي من هون". للمرة الثانية لم تتمكن من رؤيته تحملت مشاق السفر عبر حواجز الذل والإهانه لأكثر من خمس ساعات، وصلت منهكة لتجد ابنها نقل لسجن أخر. للحارس هايل حكاية طويلة مع أمهات الأسرى لكنها ليست بالتأكيد حكاية مسلية ، عند وصول الحافلات تراقب الأمهات من النافذة مداخل السجن، جميعهن يسألن "هون الغضيب" والمقصود به هايل، وتبدأ الشتائم بالتراشق واحدة تلو الأخرى تقول واحدة "الله ينتقم منو شو مجرم وقلبو قاسي" وترد أخرى " هاد البغل بسب علينا ومعاملتو قاسية حسبي الله عليه". يحلو لأمهات الأسرى تسميته شارون، هذا الاسم الذي ستبقى تتناقله الأجيال وتحكي قصصه الإجرامية بحق الفلسطينيين، تجمعه مع هايل النزعة الإجرامية ذاتها كل بطريقته، حدثتني إحدى الأمهات بأنه أراد إجبارها على خلع إسوارة طبية نحاسية كانت ترتديها، وإلا حرمت من الزيارة، ولأن الكرامة لهن عنوان فضلت عدم زيارة ابنها قالت لي "حسيتو بدو يتحداني وأنا بحبش هاد المخلوق يتحداني، حكيتلو طز فيك بديش أزور، يما أطيق العمى ولا أطيقو" داخل السجن لا أحد لا يعرف الأسير زكي الأنيس من نابلس، يتردد إسم زكي كثيرا بين الأسرى وعائلاتهم، زكي الذي يقضي حكما بالسجن 5 سنوات، وكان قبلها قد أمضى 5 سنوات أخرى أي ما مجموعه 10سنوات، تختلف شخصية زكي عن غيره كونه الأكبر في القسم 5 في سجن مجدو، يشرف على الأسرى، يرعى مصالحهم هو بمثابة الأخ والأب لهم. زكي وأثناء الزيارة لا يرى زوجته وأولاده كثيرا، يقضي فترة الزيارة متنقلا بين الأسرى، يستشيره السجانون في كل كبيرة وصغيرة، للوهلة الأولى تخيل لي أنه هو من يسجنهم. أحدهم قال لي، ليله خروجي من السجن اشترى علبه حلويات من الكنتين ووزعها على الأسرى، واحتفل بخروجي حتى ساعات الفجر، وأثناء وداعي له دمعت عيناه، قال لي لولا أن الحرية غالية لما تركتك تذهب.