وفقا لأرقام رسمية، تراجعت الهجرة اليهودية لفلسطين التاريخية خلال العقد الأخير، لكن إسرائيل تسعى لتعويض هذا النقص من خلال تهويد الغرباء من دول مختلفة، في حين تواصل اجتثاث الفلسطينيين من عمقهم ودفعهم لمغادرة وطنهم عبر ممارسات القمع والاستيطان.
حسب معطيات دائرة الإحصاء المركزية، فإن هناك تراجعا في أعداد المهاجرين اليهود من وإلى إسرائيل في العقد الأخير، لكنها تكرس مساعيها لتغيير ميزان الهجرة لصالحها وسط تزايد ضغوط التهجير الصامت للفلسطينيين.
ومنذ 2002 انخفضت أعداد المهاجرين الجدد القادمين إلى فلسطين التاريخية مقارنة بالفترات السابقة.
ووفق معطيات وزارة الاستيعاب، يصل إلى دولة الاحتلال كل عام من العقد الأخير نحو 18 ألف مهاجر جديد، بينما بلغ عددهم خلال العقد قبل الأخير نحو أربعين ألف مهاجر كل سنة.
يأتي ذلك بعدما بلغت الهجرة اليهودية لفلسطين ذروتها في 1990 بعد انهيار الاتحاد السوفياتي الذي رافقه هجرة نحو مليون يهودي من بلدان المعسكر الاشتراكي خاصة من روسيا.
وفي عام 2013 وصل إلى فلسطين 16 ألفا و558 مهاجرا من عدة بلدان وفق الترتيب من الأكثر إلى الأقل: روسيا، إثيوبيا، الولايات المتحدة، أوكرانيا، فرنسا، بريطانيا، روسيا البيضاء، أوزبكستان، جورجيا وكندا.
وتم إسكان 2663 منهم في القدس، و4760 في حيفا والجليل، و2226 في تل أبيب و3338 في النقب و666 في مستوطنات الضفة الغربية.
وبحسب مركز أبحاث الكنيست، وصل إلى فلسطين منذ احتلالها عام 1948 نحو 3.2 ملايين مهاجر جديد 41% منهم قدموا بعد انهيار الاتحاد السوفياتي في 1990.
هجرة سلبية
بالمقابل، تفيد معطيات رسمية في إسرائيل بأن هناك نحو نصف مليون يهودي قد غادروها إلى عدة دول ويقيم نصفهم في الولايات المتحدة، بينما يعود بضعة آلاف منهم بعد سنة أو عدة سنوات.
ووفق دائرة الإحصاء المركزية، بلغ عدد اليهود الذين غادروا إسرائيل منذ 1948 نحو 684 ألف نسمة، منهم 120 ألفا توفوا خارج البلاد. ويقيم اليوم نحو 570 ألف إسرائيلي في دول العالم، وهذا لا يشمل أبناءهم الذين ولدوا بعد الهجرة.
وفي 2013 بلغ عدد المهاجرين من إسرائيل 15 ألفا وستمائة شخص مقابل 15 ألفا وتسعمائة شخص في 2012 منهم 6% من فلسطينيي الداخل و55% من هؤلاء المهاجرين رجال و42% منهم غير متزوجين.
ويلفت الباحث في شؤون المجتمع والإحصاءات بمركز الجليل أحمد الشيخ محمد إلى أن عدد المهاجرين من إسرائيل تراجع بالسنوات الأخيرة.
ويوضح الشيخ محمد للجزيرة نت أن ذلك مرده تزايد حالة الركود الاقتصادي والبطالة المرتفعة في أوروبا والولايات المتحدة، كونهما وجهتي الهجرة التقليدية للإسرائيليين.
ويقول إن الإسرائيليين توقفوا عن تعليق آمالهم على أميركا ولم يعودوا يعتقدون أنها بلد الإمكانيات غير المحدودة نتيجة الأزمة الاقتصادية العالمية. هواجس ديمغرافية
كما يشير للجهود الكبيرة التي تبذلها تل أبيب لاستعادة الإسرائيليين المقيمين في الخارج واجتذاب المزيد من يهود العالم في إطار هواجسها الديمغرافية ومخططات "الدولة اليهودية" المتزامنة مع التهجير الصامت للفلسطينيين.
بالمقابل، يشكك الخبير بالشؤون اليهودية والإسرائيلية الحاخام إلياهو كاوفمان في مصداقية المعطيات الرسمية، ويرجح أن عدد المهاجرين من إسرائيل بسبب غلاء المعيشة والبحث عن الحياة المريحة في العقد الأخير يفوق عدد المهاجرين إليها.
ويؤكد للجزيرة نت أن هناك تراجعا نسبيا بعدد المهاجرين من يهود العالم لفلسطين ويدلل على ذلك بالإشارة إلى استماتة إسرائيل في تهويد الغرباء من خلال فتح مراكز خاصة لهذه الغاية في إيطاليا وألمانيا ودول الاتحاد السوفياتي سابقا ورومانيا وبولندا وسائر شرق أوروبا.
ويتهم كاوفمان اليسار الإسرائيلي بالمشاركة في عملية التضليل والمساعدة على استكمال المشروع الاستعماري الصهيوني في البلاد المتمثل بتضييق الخناق على الفلسطينيين السكان الأصليين وتهويد الغرباء واستقدامهم لفلسطين.
المصدر: الجزيرة