يعول قادة الاحتلال الإسرائيلي الذين لم تعجبهم حالة الوفاق الوطني التي ارتسمت معالمها أخيرا بتوقيع اتفاق مصالحة جديد في قطاع غزة، على فجوات فيه، قد تساعد على "انهياره سريعاً"، كما يتوقع "شاؤول موفاز".
هذا الاتفاق بمجمله لم يعجب الساسة والمسؤولين الإسرائيليين، إذ دعا بعضهم لاحتلال الضفة الغربية ردا عليه، ودعا آخرون لضرب قطاع غزة واجتثاث حركة حماس الحاكمة فيها، والبعض الآخر حاول الترويج لفكرة أن عمق الشرخ الذي يحكم العلاقة بين حركتي فتح وحماس لن يعطي أية فرصة لأي اتفاق يمكن أن يدوم لعدة ايام بين الحركتين.
فبعد كل الأصوات التي كانت ردة فعلها عنيفة على اتفاق المصالحة الفلسطينية، خرجت أصوات أخرى مثل وزير جيش الاحتلال السابق "شاؤول موفاز" ليتحدث بنبرة مختلفة بـ " أن الأصوات العنيفة بالغت في التعبير عن رفضها لهذا الاتفاق، واصفا هذه الحالة بـ “العابرة"."
وقال "موفاز": "إن اتفاق المصالحة بين حركتي فتح وحماس لن يصمد وسينهار بسرعة كبيرة"، مشيرا إلى أنه ليس منفعلا مما جرى كما ظهر ذلك على وجوه بعض الوزراء والمسؤولين في الحكومة الإسرائيلية.
ونقلت وسائل إعلام عبرية، عن موفاز قوله "الفجوات بين فتح وحماس كبيرة وهائلة لذلك سينهار الاتفاق سريعا".
هذه التصريحات من قبل مسؤول عسكري في دولة الاحتلال يجب أخذها على محمل من الجد، ليس من ناحية الوثوق بكلامه، وإنما البحث بما يمكن أن يختبئ خلف هذه التصريحات من كواليس ومحاولات إسرائيلية لتعكير أجواء المصالحة واستغلال بعض الثغرات التي يمكن ان تجد فيها "إسرائيل" مدخلا لتخريبها.
الاحتلال سيجرب كافة الوسائل والأدوات من أجل انهاء اتفاق المصالحة ودفع طرفيه لخلق حالة من التململ وعدم الرضى من تصرفات الطرف الآخر، ليس هذا وحسب، إنما سيعمل الاحتلال الإسرائيلي على استغلال وسائل إعلامه من اجل الترويج للعديد من الأفكار وقد يكشف في القريب العاجل عن بعض القضايا التي يمكن أن تؤدي إلى تعكير الاجواء القائمة بالفعل.
فعلى مدار المرات السابقة التي كانت تشعر فيها "إسرائيل" بقرب التوصل لاتفاق مصالحة بين الحركتين، كانت تخلق الأسباب الكفيلة بتدمير هذا الاتفاق، وخلق حالة من عدم الثقة بين الطرفين، ليؤول الاتفاق إلى الأدراج المغلقة، وتعود العلاقة بين الحركتين لمرحلة الصفر.
ونقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" عن وزير المالية الإسرائيلي "يائير لبيد" تصريحات تهدف في مجملها لخلق مثل هذه الحالة بين الفصيلين المتصالحين حيث قال في سياق مقابلة أجرتها الصحيفة معه: "إنه لا يمانع التفاوض مع حركة حماس".
فقد تم هذا في الماضي "فمنظمة التحرير كانت منظمة خطيرة "ارهابية"، على حد قول "لبيد"، واقتبس جملة قالها رئيس الوزراء الأسبق "يتسحاك رابين": "نحن نجري مفاوضات من اجل السلام وكأنه لا يوجد إرهاب ونحارب الإرهاب وكأنه لا يوجد سلام".
هذه التصريحات أيضا تهدف إلى وضع العصي في دواليب المصالحة، ولو انها تخالف رأي باقي أقطاب الائتلاف الحكومي الإسرائيلي، إلا انها محاولة لا يمكن غض الطرف عنها إذا ما استغلتها بعض الأطراف الداخلية التي تسعدي حركة حماس وتربطها علاقة غير طيبة بحركة فتح.
أمام هذا كله، يجب على الفصائل الفلسطينية التنبه لأي تصرف من الجانب الإسرائيلي، وعدم الاتفات لأي تصريح أو تصرف يمكن ان يخرج من قبله، يقصد منه تدمير الواقع الإيجابي السائد في هذه الأيام، وتشكيل شبكة أمان متبادلة بين الطرفين يحكمها تعهدات يقطعونها على أنفسهم بعدم السماح لمثل هذه التصريحات بالنفاذ داخل أجواء المصالحة.