"ماذا لو كان رئيس حكومة الاحتلال شخص غير بنيامين نتنياهو؟، هل كان سيقف الموقف نفسه من مبادرة الرئيس محمود عباس أمس والذي حاول فيها مخاطبة الرأي العام الإسرائيلي وكسبه لصفه بوصفه "المحرقة النازية" بالجريمة البشعة؟.
صحيفة "الاندبندنت" البريطانية اعتبرت تصريحات الرئيس عباس هذه بأنها "تعبير عن حسن نية الجانب الفلسطيني، الذي لم يحسن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، استقبالها". وتقول الصحيفة "إن كل طرف منهما وجد على مر سنين طويلة في معاناته وآلامه مبررات لما يلحقه بالطرف الآخر من أذى، فإسرائيل تبرر بناء دولة محصنة والاحتلال غير القانوني للضفة الغربية لمدة تقارب نصف قرن بضرورة الوقاية من مجزرة أخرى، الفلسطينيون يبررون العنف ضد المدنيين الإسرائيليين باحتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية".وتضيف الصحيفة أن "نتنياهو تلقف اتفاق عباس مع حركة حماس على تشكيل حكومة وحدة وطنية، وجعلها سببا لإلغاء جميع الخطوات التي تحققت على طريق المفاوضات".
وكان سؤاله لعباس هل "يريد السلام مع حماس أم مع إسرائيل"، مضيفا أن الرئيس الفلسطيني "لا يمكنه أن يحصل على هذا وذاك معا".
وتربط الصحيفة بين موقفي الرجلين والوضع الاقتصادي، "إذ أن إسرائيل تشهد نموا اقتصاديا مذهلا، بينما يعيش الفلسطينيون على المساعدات، فضلا عن الضربة الموجعة التي تلقتها حماس بسبب ملاحقة جماعة الإخوان المسلمين في مصر".
وتقول الصحيفة "إن نتنياهو أدار ظهره لفرصة ذهبية وكرم يعرضه عليه الفلسطينيون، فحالة الضعف التي تمر بها حماس، وتصريح عباس بكلام لم يكن مقبولا في السابق يصنعان فرصة ذهبية، كان سيستغلها أي مسؤول إسرائيلي آخر غير نتنياهو. ولكنه ركلها بدلا من أن يستغلها".
رسالة عباس فد تبدو موجهة الى العالم، لكنها، بالأحرى، موجهة الى حكومة الاحتلال، وهنا تكمن اشكالية كبيرة، فاستخدام "اسرائيل" للهولوكوست لابتزاز الفلسطينيين وتوظيفه ضدهم واحتكارها له يجب ان ينتهي، ومحاولة عباس الأخير قد تدخل في نطاق الابتزاز، لكن هل كان الرئيس عباس يقصد من وراء إطلاق هذه التصريحات الرد على هذا الابتزاز؟، وهل سيصمد عباس طويلا في وجه الضغوط التي تمارس عليه، وبالتالي إطلاق تصريحات مشابهة في مناسبة مشابهة.