أكدت دراسة إسرائيلية جديدة وفريدة من نوعها، قارنت بين وضع الفلسطينيين في ظل وجود الاحتلال الإسرائيلي ووضع العبيد السود في أمريكا خلال القرن الـ19 أن وضع السكان الفلسطينيين الذين يرزحون تحت نير الاحتلال يشبه كثيرا وضع العبيد السود في أمريكا في القرن الٜـ19، وأن الإسرائيليين المأسورين في نظرية التوسع الاستيطاني ليسوا على استعداد للاعتراف بذلك،
وقالت معدة الدراسة عالمة الاجتماع الإسرائيلية "إيفا إيلوز"، ونشرتها في ملحق صحيفة "هآرتس" العبرية "إن الإسرائيليين يتعاملون مع الفلسطينيين من منطلقات عسكرية فقط: "إنهم جنود، هم أعداء ويجب هزيمتهم، ليسوا مواطنين عاديين، إنهم يشكلون خطرا على الإسرائيليين ويملكون الوسائل لذلك، يجب استعبادهم بالقوة، ويجب الانتصار عليهم بالضربة القاضية، لأن غير ذلك، سيكون بمثابة هزيمة للإسرائيليين".
وجاء أيضا أن النزاع الذي بدأ بصبغة عسكرية، يخفي حقيقة مهمة جدا "أن النزاع تحول بسبب الاحتلال إلى شكل من أشكال السيطرة على الفلسطينيين، السيطرة التي تقترب اليوم كثيرا إلى ظروف العبودية.
وأوردت الدراسة معطيات مفزعة عن الاعتقالات التي ينفذها جيش الاحتلال، مشددة على أن الفلسطيني الذي لم يعتقل منذ الاحتلال في العام 1948 يعيش في حالة خوف دائم وتحت تهديد الاعتقال، مشيرة إلى أن أساليب التحقيق التي تمارسها المخابرات الإسرائيلية مع المعتقلين تتناقض جوهريا مع جميع القوانين والمواثيق الدولية، علاوة على عنف الجيش، قالت الدراسة، "فإن الفلسطينيين يتعرضون بشكل دائم لعنف من قبل المستوطنين، الذين لا يقدمون للمحاكمة، إلا في حالات نادرة جدا". وأكدت الباحثة الإسرائيلية على أن الجيش يحاكم الفلسطنيين بقسوة شديدة في حين يتساهل مع عنف المستوطنين بشكل جلي وواضح. وقالت أيضا "إن الحواجز التي يضعها الاحتلال هدفها ليس فقط إعاقة تحرك الفلسطينيين، إنما لإفهامهم من هو السيد ومن هو العبد، لافتة إلى أن خطة الانفصال أحادي الجانب التي نفذها رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، "أرئيل شارون"، كان هدفيا الرئيسي تقطيع الأوصال بين قطاع غزة والضفة الغربية".
وتضيف الباحثة أنه "بالإضافة إلى ذلك، فإن سلطات الاحتلال تقوم بفرض أوامر وتعليمات لمنع الفلسطينيين من تطوير الاقتصاد"، موضحة أن القسم المفصلي في السيطرة الإسرائيلية يتم عن طريق إيجاد تعلق فلسطيني بإسرائيل من أجل لقمة العيش ومن أجل التنقل في الضفة، وهذان الأمران يوجدان لدى الفلسطيني ارتباط خوف نفساني من الاحتلال، كما أن الاحتلال يجبر الفلسطينيين على العمل في المستوطنات بهدف رفع منسوب إهانتهم وسلبهم".
وقالت الباحثة الإسرائيلية: "كم أن الاحتلال يستخدم قانون لم الشمل للإمعان في احتقار الفلسطينيين ومنع الزوج من لقاء زوجته، بسبب القانون الذي يحظر على الفلسطينيين الزواج من فلسطينيين يعيشون في "إسرائيل" أو بالعكس، وهذا الأمر ينسحب على أزواج يعيشون في الضفة والقطاع أيضا.
وبحسب الدراسة فإن "أكثر من 70% من الفلسطينيين يعيشون في ظروف احتقار وازدراء، وخوف مستمر من ممارسات الجيش القمعية ومن إرهاب المستوطنين، وعليه، فإنه إذا جمعنا العوامل المذكورة بعضها البعض فإنه، بحسب الدراسة، لا يمكن الهرب من استخدام مصطلح ظروف العبودية لتوصيف حالة الفلسطينيين تحت الاحتلال"، على حد تعبيرها.
وقالت أيضا "إن الاحتلال سلب من الفلسطيني كل مقومات الإنسان، وتحول إلى سيطرة كاملة على حياته، والإسرائيليون باتوا أصحاب أكبر مشروع للسيطرة العسكرية بالقوة على شعب آخر، بكلمات أخرى، "تحول الإسرائيليون إلى أسياد وحولوا الفلسطينيين إلى عبيد، ويعود السبب في ذلك إلى أنه في دوائر صنع القرار في الدولة العبرية توجد مجموعات ضاغطة تؤيد هذا الوضع، وهذه المجموعات السياسية هي التي تقوم بتحديد السياسة الإسرائيلية مع الفلسطينيين، معتمدا على أن هذا الثمن هو مقبول من أجل الحفاظ على أمن "إسرائيل وإنشاء الأمة اليهودية".
ونوهت الدراسة إلى أن الاعتقاد السائد لدى اليهود بأنهم يتفقون على العرب الدونيين ينتشر في جميع روافد المجتمع في "إسرائيل"، ولكن هذا الاعتقاد يصبح أكثر فجورا في التعامل مع الفلسطينيين بالضفة الغربية، فالإسرائيليون يرون أنفسيم الأكثر أخلاقية، مثقفون، ومتطورون أكثر من الناحية الاقتصادية والتكنولوجية مقارنة بالعرب الدونيين، وهي نفس النظرة التي كان يتبناها البيض في أمريكا في زمن عبودية السود، تماما كما كان يعتقد الرجل الأبيض في أمريكا أن الرجل الأسود هو دوني ويشبهون الحيوانات".
وخلصت الدراسة إلى القول "إن إسرائيل توقفت منذ زمن طويل عن انتهاج الخطاب الأخلاقي كباقي الدول المتنورة، وبرفضها هذا، فإنها، أيْ "إسرائيل"، أصدرت الحكم على نفسها بأنْ تكون دولة معزولة عالميا، ذلك أنها لا تستطيع مواصلة الرقص في حلبة الديمقراطية على ألحان رقصة الاحتلال"، على حد تعبير الباحثة.