شبكة قدس الإخبارية

الجهاد الإسلامي، عنوان الحل الأخير لليرموك

أنس حسونة

منذ أكثر من مائتي يوم، يستمر الحصار الخانق على مخيَّم اليرموك. ويقوم النظام السوري بتقطير المساعدات، التي بدأ يقوم بإدخالها عبر أنبوب ضيِّق من الرحمة، ومن الشعور بالإنسانيَّة لأهلنا في مخيَّم اليرموك.

ربَّما وجب علينا الآن كفلسطينيِّين النظر مليَّا في الساحة السياسيَّة، وبما أنَّ الفلسطينيين قد زجُّوا في أتون النار في سوريا. إذن، فعلينا أن ندرك من هو الطرف الذي قد يكون الأكثر تأثيراً في الساحة السورية من بين الأطراف الفلسطينيَّة أولاً. ومن ثمَّ، فعلى كافة الأطراف العمل على تحييد المخيَّم وجعله منطقة حياد عسكريَّة وإخلائه من المسلحين وضمان عودة المهجرين، وإدخال المساعدات.

لم يبقى سوى طرف فلسطيني واحد بعد لم تمسَّه لهيب النار السوريَّة، وهو الحاضر الغائب في أزمة مخيم اليرموك. ونحن لا نريد من هذا الطرف أن يبقى على الحياد، وأيضاً لا نريد له أن يبقى متفرجاً، ونتمنى أن يكون يعمل سراً. ولكن، وجب علينا الآن أن نرفع صوتنا ونطالبه من أجل شهداء الجوع ومن أجل فك الحصار المميت على مخيَّم اليرموك، أن نقوم بمطالبته شعبياً بالعمل على فك الحصار، من خلال علاقاته وارتباطاته بكافة أطراف الأزمة السوريَّة، وعلى رأسها إيران، والنظام السوري وحزب الله.

هذا الطرف الفلسطيني هو حركة الجهاد الإسلامي، وحركة الجهاد الإسلامي هي الحركة التي لا خلاف عليها فلسطينياً، من حيثُ كونها حركة مقاومة، اختارت طريقها منذُ بداية نشوؤها في السبعينات على يد الشهيد المؤسس الدكتور فتحي الشقاقي. ومنذُ ذلك الحين، لم تتخذ طريقاً سوى الكفاح المسلح كطريق لتحرير فلسطين، ورفضت خوض انتخابات مجلس التشريعي لعام 2006، التي قبلتها حماس وها هي " حماس " تحصد أخطاءً متتالية، وتتلوَّث في معارك السياسة وقذارتها.

لدى حركة الجهاد الإسلامي علاقات مميَّزة ووثيقة الصلة بكل من إيران، وسوريا وحزب الله. وذلك منذُ نشأتها، بحكم الظروف الموضوعية التي رافقت نشوؤها. وأيضاً، بحكم كونها حركة مقاومة فلسطينيَّة، وتتلقى الدعم من هذه الجهات الثلاث، ولا أريد أن أخوض هنا في لماذا وكيف تقدِّم كل من إيران وسوريا الدعم لحركات المقاومة، فهذا أمرٌ آخر.

وأيضاً، فإنَّ حركة الجهاد الإسلامي كانت الأكثر حكمة فيما يخص التعامل مع الأزمة السوريَّة، فهي لم تتخذ موقفاً معلناً ولم يعرف عنها موقفاً سريَّاً، فيما يخص أن تكون مع الثورة السورية أو مع النظام السوري.

إذن، وبحكم العلاقات المميزة للجهاد الإسلامي والتي تربطها بأطراف الأزمة في سوريا، وأيضاً بحكم الحكمة التي رافقت تعامل الحركة مع الأزمة في سوريا. تستطيع حركة الجهاد الإسلامي، أن تقوم بلعب دور مهم وفعَّال في فك الحصار عن مخيَّم اليرموك. من خلال علاقاتها بكافة المستويات السياسية والعسكريَّة، لدى الثلاثة أطراف السابق ذكرهم.

أعتقد أنَّ الحركة تلعب دوراً في هذا السياق. وإن لم تكن تلعبه بفعاليَّة حتى اللحظة بالنظر إلى واقع حال المخيَّم والظروف المأساويَّة التي يعيشها. ولأنَّ شعرة تفصل بين السياسة والواجب الوطني والديني. واستطاعت حركة الجهاد الإسلامي أن تحافظ على هذه الشعرة.

ولكن، على الجهاد الإسلامي أن تتحرك الآن، وبقوَّة وبفعالية أكبر إن كان في السر أو في العلن، من أجل فك الحصار عن مخيَّم اليرموك.

في معظم أجزاء هذا المقال، قمت بالحديث في السياق السياسي، وبينت موقف الحركة الجيد، وقد أكدت أنَّني لا أقصد بهذا المقال أن تزج الحركة وهي آخر ما تبقى من الفصائل الفلسطينيَّة لم يدخل المعترك السوري، وربما تكون الأمل المتبقي لأبناء المخيَّم في عودة حياتهم إلى نصف ما كانت عليه على الأقل. ولكن، أؤكد أيضاً، أن الواجب الوطني والديني يحتَّم على الحركة وقيادتها وعناصرها، أن تعمل ليل نهار مستغلة علاقاتها الممتازة مع كافة أطراف الأزمة، ولن أذهب أبعد من التأكيد على أنه واجب وطني وديني حتى اللحظة.

في النهاية، لقد وجهت حديثي في هذا المقال لحركة الجهاد الإسلامي، وذلك لاعتقادي أنَّها الطرف الفلسطيني الذي قد يكون أكثر فعالية من غيره. فأي حديث نقدي أو غير نقدي لما تبقى من فصائل أو منظمة التحرير أو حركة فتح أو حماس، هو حديث لأموات، وإن لم يكن لأموات، فهو حديث لفاعلين غير قادرين على فعل شيء.