شبكة قدس الإخبارية

أن تكون لاجئا للمرة الثالثة: فلسطينيو سوريا

طارق خميس
أن تكون لاجئا للمرة الثالثة، هاربا من حرب خسرتها في (1948) أو (1967) إلى حرب لا ناقة لك بها (احداث ايلول 1970)، أو ذهبت بك قدميك بعد الخسارات إلى خسارة أخرى حرب العراق (2003)، اللاجئ الفلسطيني في سوريا يعاود الهجرة مجددا. رسم سليمان منصور لوحة "جبل المحامل" التي يظهر فيها رجل يحمل القدس على ظهره، ويمكن استبدال القدس ووضع أشياء كثيرة، ليصبح "جبل البهادل" من تحمل الخلافات الداخلية في مصر بعد الثورة، إلى مظاهرة درعا الأولى التي انطلقت من المسجد العمري حيث اتهم النظام على إثرها الفلسطيينين في مخيم درعا بالمسؤولية عنها وهو ما أكدته صحيفة الوطن السورية المقربة من النظام في اليوم التالي، ولم يكن هناك اهتمام بجعل التهمة مقنعة حيث وصل عدد من شاركوا في التظاهرة إلى 15 ألفا فيما لا يزيد سكان المخيم الفلسطيني بنسائه وأطفاله وشيوخه على عشرة آلاف شخص. [caption id="attachment_3650" align="aligncenter" width="221"]جمل المحامل الفلسطيني جمل المحامل الفلسطيني[/caption] بعد مرور عامين على الثورة السورية وبعد آخر مجزرة ارتكبها النظام في حق اللاجئين الفلسطيينن في مخيم السبينه والتي خلفت أكثر من 26 شهيدا . شبكة قدس تحاور مدير مجموعة العمل من اجل فلسطيني سوريا طارق حمود.

لاجئ يستقبل لاجئ

بدأ طارق حمود حديثه لنا منذ بداية الأحداث، حيث شعر الفلسطينيون أنهم في موضع استهداف، خاصة حين اتهمتهم أطراف رسمية من النظام في الأيام الأولى للأزمة بالمسؤولية عن أحداث درعا واللاذقية، ولكن فيما بعد سقوط هذه الرواية عاش الفلسطينيون فترة هدوء نسبي. وقدمت المخيمات جهدها الإنساني لكل المنكوبين بغض النظر عن انتمائهم، ولم يتبنَ الفلسطينيون أي موقف ميداني. وكان لهم موقف إنساني متميز؛ حيث استقبلت المخيمات عشرات آلاف الأسر النازحة من أشقائهم السوريين، إلا أن تطورات خطيرة وقعت في منتصف شهر يوليو الماضي دفعت بالمخيمات إلى آتون الصراع عن غير رغبة منهم، جزء من الأسباب متعلق بجغرافيا المخيمات، والجزء الأكبر متعلق برغبة طرفي النزاع استقطاب الحالة الفلسطيينة إلى جانبها، خاصة مع وصول خطاب النظام والمعارضة إلى درجة صفرية لا تقبل المواقف الرمادية والوسط، ومع ذلك ظل الفلسطينيون خاصة في درعا واليرموك يدفعون فاتورة موقفهم المحايد والإنساني، في ظل قصف لم يتوقف على مخيماتهم سقط خلالها مئات الشهداء، فحتى منتصف يوليو أي خلال سنة وأربعة شهور من عمر الأزمة سقط 83 شهيدا فلسطينياً، بما فيهم شهداء مجزرة "عين التينة" على الحدود مع الجولان المحتل. 243511342536296 لكن منذ بداية شهر أغسطس 2012 إلى الآن، -أي خلال سبعة شهور فقط- وصل عدد الشهداء إلى أكثر من 1100 شهيداً وآلاف الجرحى، بالاضافة إلى ووجود أكثر من 3000 معتقل ومفقود، فيما تهجر 300 ألف من فلسطينيي سورية 50 ألفاً منهم خارج سورية في لبنان والأردن ومصر وليبيا وتركيا وأوروبا، في ظل أوضاع إنسانية تفتقر لأدنى متطلبات الحياة البشرية. ومع تدمير ممنهج لبنية المخميم العمرانية- التي تعاني أصلاً من مشاكل هندسية وعمرانية-، ففي مخيم درعا أحرق النظام 308 منزلاً بالكامل، ودمر عدداً مشابهاً. والمخيم غير صالح للسكن بنسبة 70% فيما اليرموك يتضمن ما لا يقل عن 985 منزلاً مهدماً ومدمراً كلياً وجزئياً، وفي الحسينية والسيدة زينب والسبينة الأمور ليست أفضل، ولا تزال مخيمات مثل اليرموك تقبع تحت حصار خانق منذ أكثر من 3 شهور من قبل الجيش النظامي، فيما تعرضت مبانٍ ومحلات تجارية لانتهاكات واسعة من بعض مجموعات الجيش الحر التي دخلت المخيم بعد قصف الطيران لمسجد عبد القادر الحسيني في 16 ديسمبر الماضي والذي تسبب بمجزرة.

غياب القيادة

يتحدث حمود عن غياب القيادة الفلسطينية في مخيمات سورية، حيث أدى هذا الغياب لبروز دور الشباب الناشط وغير المرتبط بأي جسم تنظيمي وهو من فضح انتهاكات النظام وغيره التي مورست بحق الفلسطينيين، وهو من قدم الشهداء من أجل نقل خبر أو إسعاف جريح، مع عدم إغفال وجود أجسام إغاثية للفصائل داخل المخيمات قامت بجهود ممتازة، إلا أن الدور الحقيقي للفصائل الفلسطينية يكمن في الدور السياسي لا الدور الإغاثي، الفلسطينيون في سورية بحاجة من يمثلهم لا من يطعمهم بحسب حمود. موقف السلطة الفلسطينية والمنظمة موقف تأرجح بين الوقوف على الحياد في بداية الثورة وهو ما انسجم مع الخط العام فلسطينياً، وما بين اتهام النظام من قبل بعض رموز المنظمة،يقول حمود. لكنه بالفترة الأخيرة شهد الموقف تبدلات تشير إلى تحول بالموقف من باتجاه تبني رواية النظام، ظهر ذلك من خلال زيارة وفد من منظمة التحرير في فبراير الماضي لدمشق ولقائه بالسلطات هناك دون أي محاولة للاتصال بالمعارضة التي تسيطر فعلياً على مخيم اليرموك، رافقها تصريح لعضو اللجنة التنفيذية عبد الرحيم ملوح حول تحميل الجيش الحر المسؤولية، ثم منح جواز السفر الفلسطيني لشخيات رمزية أكثر ما عرف عنها في آخر سنتين هو دعمها للنظام، ثم تلتها تصريحات محمود عباس حول وجود اتصالات شخصية مع الرئيس الأسد في إشارة إلى العلاقة الدافئة بينهما، كما أن موقف المنظمة كراعي وممثل للفلسطينيين يكاد يكون معدوماً، بل إن دور أقل إطار أهلي داخل المخيمات بات يلعب دوراً أكبر مما تلعبه المنظمة والسلطة.

هل التحق الفلسطينون بالثورة المسلحة؟

التحق عدد قليل وبشكل فردي مع مجموعات الجيش الحر من الفلسطينيين ولم تكن هذه ظاهرة بالمرة، هذا ما يؤكده حمود. إلى أن بدأ الفلسطينيون يتعرضون لانتهاكات كبيرة، فقرر عدد يقدر بالعشرات وربما المئات الالتحاق بمجموعات الجيش داخل المخيمات حصراً، والأمر كان مرتبطاً بتطور الأحداث في المخيم، فيما عدا حالة استثنائية في مخيم درعا وبحكم تعرض درعا لهجمة عسكرية أكبر من المدن الأخرى، فإن المخيم هناك قام بدور متميز إنسانياً، ثم قررت مجموعات الجيش الحر هناك تشكيل مجموعة مسلحة داخل المخيم، مستغلين وجود بضع عشرات من أبناء المخيم على استعداد لهذا الغرض، ورغم معارضة الفكرة بين أطراف المعارضة نفسها، إلا أن ضغط الحالة الشرسة عليهم حينها جعلهم يميلون لخيار تشكيل المجموعة. yarmouk8407 ثبت فيما بعد أنها كانت خيارا خاطئا حيث خسرت المعارضة أهم ممر إنساني كان موجوداً في المحافظة، بحسب مايرى حمود. وهو الدرس الذي تلقته كافة المخيمات وحافظت على حيادها كي تتمكن من تقديم دور إيجابي إنساني آخر يخدم جميع شرائح الشعب السوري، لكن يبدو أن أطراف النزاع وخاصة النظام كان مصراً على عقاب المخيمات عقاباً جماعياً، وهو ما ظهر بشكل جلي في الانتهاكات الصارخة التي قام بها بحق أبناء القضية الفلسطينية في سورية.

القيادة العامة عنصر توتير

لم تكن هناك أية علاقة غير طبيعية بين النظام والفلسطينين قبل الثورة، على الأقل في السنوات الأخيرة حيث احتضن النظام فصائل المقاومة الفلسطينية وتبنى بعضها كما حدث مع الجبهة الشعبية القيادة العامة "كانت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة أكبر عنصر توتير في الأحداث" يقول حمود ويضيف: "وعملياً تعتبر مسؤولة عن توريط المخيم بشكل واضح، خاصة حين قررت تشكيل لجان مسلحة بحجة حماية المخيم الذي لم يسقط فيه شهداء وجرحى ومعتقلين بأي فترة سابقة كما حصل في فترة وجود لجان القيادة العامة، التي خالفت فيه الإجماع الفلسطيني الذي رفض هذه الخطوة باعتبارها خطوة متهورة ووصفة حقيقية لتوريط المخيم، لكن يبدو أن ارتباط القيادة العامة بأجندات الحدث السوري أكبر من أن تبقى في الإطار الفلسطيني".

كيف اشتعل مخيم اليرموك؟

في صباح يوم 11/7/2012 استيقظت المخيمات الفلسطينية على رائحة دم أبنائها حيث عثر على 16 جثّة ملقاة في إحدى قرى إدلب تعود إلى مجندين من جيش التحرير الفلسطيني كانوا قد اختطفوا على طريق حلب – حماة الدولية أثناء عودتهم إلى منازلهم من مركز تدريبهم الذي يؤدون فيه الخدمة الإلزامية. دام إختطافهم أسبوعين ولم يتم التعرف على الفاعل الحقيقيّ فيما تبادل النظام والمعارضة اتّهامات الجريمة. 168327 تظاهر فلسطينيو اليرموك بعد الحادث بيومين بعد صلاة الجمعة، لكنهم قوبلوا بالرصاص الحي في شارع فلسطين وهو ما استدعى تدخل مجموعات للجيش الحر من التضامن ودارت اشتباكات عنيفة قضى بموجبها عشر مدنيين فلسطينيين، ثم تصاعدت الأحداث في التضامن والحجر الأسود وهو ما أدى لنزوح عشرات الاف العائلات السورية باتجاه المخيم باعتباره منطقة آمنة نسبياً، وحينها بدأ الدور الإنساني والإغاثي الفعلي لمخيم اليرموك.

أن تكون حياديا على خط النار

بعد انتهاء المقابلة يأخذك التفكير في 494819 لاجئ فلسطيني في سوريا، إلى وقت كانت فلسطين جنوب سوريا الكبرى، فتح شعب سوريا أبوابه للاجئين الفلسطيين واحتضن الانسان والفكرة أي المقاومة، ولمّا خرجت طائرات النظام لتحمي عرش الأسد لم يكن ثمة شقاق حدث بين المقاومة والشعب، ولكن حربا تطول أكثر من اللازم تدمر المنتصرين أيضا، وتترك البلد ساحة خلفية لحروب تخاض بالوكالة، لو فكر الأسد بذلك قبل نفسه لما انتصر الاخرون على حسابنا ولما كان هذا التقرير. 4db08a76b44d3339d3c5ad73bbdb1120