في الوقت الذي يتصاعد فيه فقدان سيطرة الولايات المتحدة الأمريكية على السجون ونزلائها وارتفاع معدل اشغالها الى 40 % فوق طاقتها الاستيعابية، تجد السويد نفسها تعاني من نقص متزايد في أعداد السجناء الأمر الذي دعاها مؤخراً الى اغلاق 4 سجون ومراكز للاحتجاز في خطوة غريبة ومثيرة للاهتمام.
اغلاق السجون ليست لنقص في معدل الجرائم أو الحوادث في السويد، بل تظهر الاحصائيات أن عدد الجرائم في معدل ثابت ان لم يكن متصاعداً بعض الأحيان، ولكن تكمن الفكرة في طريقة التعامل مع السجناء من خلال اعادة تأهيلهم وليس احتجازهم وحسب، وكانت أعداد السجناء قد بدأت بالتناقص منذ عام 2004 بنسبة 1% الا أنها سجلت انخفاضاً ملحوظاً بين عامي 2011 و 2012 بنسبة وصلت 6 % مما عزا بالسلطات اغلاق بعض السجون، الأمر الذي من المتوقع أن تكرره في السنوات المقبلة.
وقال نيلس أوبرغ رئيس مصلحة السجون واعادة التأهيل السويدية: " لاحظنا تراجعاً غير عادي أو مسبوق في عدد السجناء، والآن لدينا ألفرصة لاغلاق عدد من منشآتنا نظراً لعدم حاجتنا اليها في هذا الوقت، في الوقت الذي نأمل أن تكون جهودنا قد أثمرت في سبيل اعادة التأهيل والوقاية من الجرائم ".
في الوقت ذاته لا توجد هناك أي أرقام تتحدث عن تزايد أو تناقص أرقام نزلاء السجون في الدول العربية ولا حتى بيانات متوفرة بشكل مفتوح عن السجون الرسمية أوغير الرسمية حيث تعيش هذه الأنواع من الأرقام والمعلومات بعيداً عن الأضواء كما تفضل السلطات العربيّة بمعظمها، في الوقت الذي يتعرض كثير من الناشطون والفاعلون - وخاصة اولئك الذين يمارسون نشاطات معارضة أو غير مقبولة من قبل الطرف الحاكم - الى محاكمات عسكرية أو حتى يقضون فترات قد تصل الى 10 سنوات أو أكثر دون محاكمات أو حق الحصول على محامي أو التواصل مع ذويه، فضلاً عن ممارسات التعذيب التي تمارس بحق السجناء السياسيين التي طالبت منظمة هيومان رايتس ووتش بوقفها أكثر من مرة، أما عن السجناء الجنائيين فمعظم اولئك يعتادون ارتياد السجن منذ أول مرة دخلوه، فهم يكتسبون الخبرة أكثر فأكثر مع قضاء فترة نقاهة مدفوعة الثمن في كل مرة يسمح لهم القدر بالعودة الى السجن.
تجربة أخرى في النرويج حيث استثمرت مبلغ 252 مليون دولار في بناء سجن غير اعتيادي يوفر غرفاً مميزة للنزلاء مجهزة بشاشات LCD وبراداً لحفظ المأكولات والمشروبات وغرفة جلوس ومطبخ مشترك لكل 10 عنابر، اضافة الى دروس لتعلم الطبخ وفرق للموسيقى وساحات للألعاب الرياضية، اضافة الى شكل بنائه ومكانه المميزين وسط احدى الغابات واتقان المعماريين مظهره بما جعله يتناسق ويتناغم مع البيئة المحيطة ليبدو كما لو كان جزءاً منها.
[caption id="attachment_33031" align="aligncenter" width="580"] سجن نرويجي 5 نجوم[/caption]فكرة السجن النرويجي هذا ذو الخمس نجوم ليست كبعض السجون العربية المخصصة للمسؤولين أو أصحاب الأموال الذين بامكانهم دفع مبلغ كبير من المال لقاء دخول هذا النوع من السجون العالية الرفاهية - مثل سجن سلحوب في الأردن -، ولكن الفكرة كما يقول عنها القائمون عن السجن أنها تكمن في عزل النزيل عن ما يشجعه الى العودة الى عالم الجريمة كون كثير من السجناء في سجون العالم المختلفة تبدأ مشكلاتهم الحقيقية وتتطور منذ لحظة دخول السجن وليس منذ ارتكابه للجريمة فأي منّا معرض لارتكاب الجريمة ودخول السجن، ولكن ليس أيّ منّا معرّض لدخول عالم الجريمة وامتهانها، اضافة الى توفير جوّ بديل للسجين بعيداً عن كل ذلك واعادة تأهيله واكسابه مهارات تساعده في حياته العمليّة وتعزز فرص اعادة اندماجه في المجتمع، ومن الجدير ذكره بأن الاحصائية الأمريكية التي تقول بأن 50 - 60 % المجرمين يعودون الى السجن أظهرت فشلاً في النرويج مع تطبيق هذا النوع من السجون والمعاملات اذ تراجعت النسبة في النرويج لتصل الى أن 20 % فقط من السجناء يعودون اليه.
صحيفة نيويورك تايمز أظهرت في تقرير مفصّل أن معدل قضاء السجناء في السجون الاوروبية هي 12 شهر في الوقت الذي يقضي فيه السجين الأمريكي ما معدله 3 سنوات في مراكز الاحتجاز، الأمر ليس متعلقاً في قصر المدة وحسب وانما في طريقة معاملة السجناء ومنحهم المزيد من الخصوصية والحرية واستثمار وقتهم خلف القضبان في اعادة تأهيلهم بما يخدم المجتمع وليس في اكتساب المزيد في الخبرة في عالم الجرائم.
ومقارنة بدول أخرى، فقد سجل المركز الدولي لدراسات السجون الدول الخمسة الأولى في عدد نزلاء السجون والتي جاءت الولايات المتحدة الأمريكية ثم الصين وروسيا والبرازيل والهند، حيث تحوي الولايات المتحدة افي سجونها أكثر من مليونين والربع مليون سجين بما نسبته 716 من كل 100 ألف مواطن، الصين التي حلت الثانية بلغ عدد سجنائها 1.6 مليون سجين بما نسبته 121 من اصل 100 ألف مواطن ، بينما حلت روسيا ثالثاً بعدد 681 ألف سجين بما معدله 475 من كل 100 ألف مواطن، رابعاً جاءت السجون البرازيلية بـ 548 سجيناً بما معدله 274 من كل 100 ألف مواطن، وأخيراً الهند التي تحوي سجونها 385 ألف سجين بما معدله 30 سجيناً من بين كل 100 ألف مواطن.
أما عن البلدان التي تحوي أقل نسبة من أعداد السجناء فكانت مالطا، لوكسمبورغ، وغيانا ألفرنسية وجيبوتي اضافة الى السويد.
المصدر، موقع نون بوست