حذرت صحيفة "هارتس" العبرية من محاولات مجموعات يمينية اسرائيلية تغيير الوضع القائم في المسجد الأقصى ، مذكرة ان تأجيج التوتر في المسجد الأقصى انتهى في المرة السابقة بانتفاضة. الصحيفة اشارت الى ان هذه المحاولات تعاظمت بشكل ملحوظ بتأثير زيادة قوة كتلة البيت اليهودي في الائتلاف الحكومي، لافتة الى مبادرات متنوعة بعضها مغامر وخطير، كما قالت، لا تتم تغطيتها في الاعلام الرسمي الاسرائيلي، في حين يراقب الجانب العربي: الفلسطينيون في الاراضي المحتلة، والحركة الاسلامية في اوساط الفلسطينيين في "إسرائيل"، وحتى الدول العربية المجاورة يراقبون التطورات هناك بقلق كبير.
"وبغض النظر عن أسباب القلق العربي الذي ينبع من منطلقات سياسية بعيدة عن الادعاءات الأيديولوجية أو الدينية، فان ذلك لن يغير شيئا في واقع ان الاشتعال في الحرم الذي قد ينفجر ايضا بنتيجة صدام موضعي من شأنه ان يجر الفلسطينيين والإسرائيليين إلى صدام أوسع ويحبط المفاوضات السياسية بين الطرفين التي تبدو احتمالات نجاحها ضعيفة اصلا، كما تقول "هارتس".
الصحيفة تلفت الى ان الأجهزة الأمنية الإسرائيلية ورغم وعيها لما يجري في المسجد الأقصى، فانها في هذه المرحلة، لا تحرك ساكنا لتهدئة الاوضاع، علما ان القيادة السياسية تسعى لمنع الأحداث التي من شأنها ان تفضي إلى الصدام.
المحللان في "هارتس"عاموس هارئيل ونير حسون ذكرا في تحليلهما، أن المسجد الأقصى سبق وكان الفتيل الذي اشعل صدامات عنيفة في القدس والأراضي المحتلة، فقد حدث ذلك بعد مقتل 20 فلسطينيا بأيدي جندي حرس الحدود علم 1990، حيث ادى الى موجة عمليات في إسرائيل والأراضي المحتلة، وحدث عام 1996 عندما دشن النفق، وكذلك في الانتفاضة الثانية، التي سميت انتفاضة الأقصى، والتي اندلعت مباشرة يعد زيارة شارون، الذي كان رئيس المعارضة في حينه، إلى المسجد الأقصى.
"المسجد الأقصى هو اكثر من القدس نفسها، يشكل بتعبير "هارتس" مغناطيس تطرف ديني، من الطرفين الذين يتصارعان للسيطرة عليه اليوم والقلقين من الاضطرار الى تقاسم السيادة عليه في تسوية سياسية قادمة."
"هارتس" تعدد سلسلة أحداث وقعت، في الأشهر الأخيرة، في الحرم، مشيرة الى انه لايمر يومدون وقوع حدث داخل المسجد، او مرتبط به ولافتة الى وجود عشرات المنظمات اليهودية التي تعمل تحت قيادة مشتركة، هي "قيادة حركات المعبد"، ناهيك عن تحول الحرم الى قلب النشاط السياسي لما يسمى بالصهيونية الدينية واقسام كبيرة من القوس السياسي الاسرائيلي.
ورغم ان تغير علاقة الصهيونية الدينية بالمسجد الأقصى ليست ظاهرة جديدة، حيث ينتقل بشكل بطيئ من الهوامش الى مركز الخارطة السياسية، بين مرتدي "الكيبا" ولكن في الكنيست الحالية وفي الحكومة الحالية هناك لوبي سياسي نشط وجدي، ومن بين اعضاء الكنيست الذين يدفعون باتجاهت غيير الوضع القائم، النائبة عن الليكود ميري ريغف، نائب الوزير الليكودي زئيف الكين، وزير الاسكان اوري ارييل، نائب وزير الامن داني دانون من الليكود، موشيه فايغلين وعضوتي الكنيست شولي معلم واييلت شكيد من البيت اليهودي.
ويتمحور نشاط هذا اللوبي حول تغيير الوضع القائم، بأن المسجد الأقصى هو مكان صلاة للمسلمين فقط، والسماح لليهود بالصلاة فيه، مستندين الى قرار للمحكمة العليا الإسرائيلية يسمح للليهود بالصلاة ويودع الصلاحية بأيدي قائد الشرطة ليقرر السماح بذلك اذا لم يكن هنالك خطر لنشوب اعمال عنف.
وفي محاولة للالتفاف على هذا القرار، لا تكتفي المجموعات اليمينية بكسر هذا القرار واقتحام المسجد بشكل استفزازي، في كثير من الاحيان، بل تضع خططا تمهد لتقاسم الزمان والمكان في الحرم، ابتداء من تخصيص ساعات معينة الى تخصيص مكان لصلاة اليهود، بالقرب من باب الرحمة، وصولا الى تقاسم المسجد فعليا،على غرار ما هو حاصل في المسجد الإبراهيمي في الخليل.
"هارتس" ورغم انها ترجح ان يقوم مكتب رئيس الحكومة، والشرطة و"الشاباك"، بقطع الطريق على هذه المخططات الا انها تلفت الى صعوبة تقدير كيفية تعامل الجانب الاخر مع هذه المبادرات، وتشير الى الاهتمام البالغ الذي يوليه الاعلام الفلسطيني لنشاط المنظمات اليهودية في هذا المجال.