لا يقف العيد عند حدود عالمنا البعيد عن قضبان السجن، ولا يتلخص بكعكة العيد وزيارة الأقارب وفرحة الصغار التي قد نراها عادية وتكون في نظر الأسير أقصى أمنياته، فمن داخل سجون الاحتلال تبدأ مراسم عيد الفطر ولكن بالكثير من النقصان والحسرة والاشتياق لأبسط التفاصيل التي نمارسها في حياتنا العادية.
ولأن العيد ما هو إلا فرحة المؤمن التي منحها الله لعباده كان لا بد لمركز أسرى فلسطين للدراسات من أن يكون مع هؤلاء الأبطال في غيابهم لمعرفة تفاصيل هذا اليوم بينهم في سجون الاحتلال.
طقوس خالية من الفرح
يبدأ التحضير للعيد في سجون الإحتلال بعد صلاة الفجر مباشرة. يقول الأسير المحرر وائل العامودي من مدينة نابلس بأن الأسرى لا ينامون بعد صلاة الفجر حيث يسلمون على بعضهم البعض ويخرجون للساحة، يطوفون بها وكأنهم ويكبرون تكبيرات العيد وكل ذلك يكون قبل صلاة العيد، وقسم من الأسرى يأخذون على عاتقهم تحضير التمر والعصير وبعض الحلويات حتى تكون جاهزة عند الانتهاء من صلاة العيد.
يضيف العامودي:" عندما يصلي الأسرى صلاة العيد يجلسون بحلقة دائرية في الساحة ويسلمون على بعضهم البعض مرة أخرى وينشدون أناشيد للمقاومة بصوت عالي، وعندما ينتهون يحضرون أنفسهم لإفطار جماعي داخل الساحة".
ويتابع:" لا يخلو الأمر من مضايقات الإحتلال، فعندما يسمعون الأسرى ينشدون تصدر منهم بعض الأفعال في محاولة لإسكاتهم، كما أنهم يتعمدون قطع الماء الساخن في يوم العيد".
ساعات وينتهي العيد
أحد أفراد الحركة الأسيرة في سجون الاحتلال صرح لمركز أسرى فلسطين للدراسات بالمشاعر التي يصحو عليها الأسير عند أول بزوغ لفجر العيد، فتلك الغصة التي ترافقهم عند كل موعد للإفطار في شهر رمضان المبارك بسبب عدم وجودهم بين عائلاتهم تتجمع لتكتمل معالمها وألمها في يوم العيد.
يقول المصدر:" في يوم العيد يختبئ الأسير وراء اشتياقه وأحزانه ويحاول جاهدا أن يبتسم ويصنع أجواءً من الفرحة لكن ملامحه تفضح آلام روحه وأمنياته في أن يكون حيث يحب، حيث الأهل والأصدقاء والأحباب والحرية".
ويضيف:" لا نحتاج لاختبار كمية الفرح فينا في هذا اليوم، فكلنا نعلم جيدا أن لا معنى للفرحة داخل السجون وبعيدا عن الأهل، سلامنا لبعضنا البعض يكون من باب المجاملة فتجدونه باردا لا روح فيه".
ويتابع:" بعد انتهاء طقوس العيد التي نصنعها نحن والتي لا تتجاوز الساعتين يعود كل أسير إلى برشه – سريره – ويغرق في أحلامه وتساؤلاته فيفكر في أجواء عائلته وماذا تراهم يفعلون وكيف يقضون العيد في غيابه، يفكر أيضا بأن العائلة والزوجة والحبيبة والصديق ترافقهم نفس الغصة في غيابهم، مِنا من يلتهي بالقراءة أو العبادة أو مشاهدة التلفاز والأخبار والبعض ينام فيما يستغرق الأغلبية في التفكير الذي لا حدود له داخل السجن".
250 طفلا أسيرا محرمون فرحة العيد
لا يفرح كل طفل فلسطيني بقدوم العيد، فهناك 250 طفلا أسيرا لا يعيشون أجواءه كنظرائهم خارج سجون الإحتلال حسب بيان صحفي صدر عن مركز الأسرى للدراسات، ففرحة العيد لن تدخل قلوب 5000 آلاف أسير وأسيرة في سجون الاحتلال، ولا قلوب أمهاتهم وأبنائهم وزوجاتهم وذويهم، ولسان حالهم يقول: "عيدٌ بأيّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ ... بمَا مَضَى أمْ بأمْرٍ فيكَ تجْديدُ".
عيد لا لون له ولا طعم ولا رائحة، ويوم يشبه ظاهريا كل الأيام ويختبئ خلفه أحزان كبيرة.
الناظر للأسرى يجد في ملامحهم آفاقا لا مدى لها من التحدي ولكن داخلهم يظل هشا بأحلام الحرية التي طال موعدها، في مثل هذه المناسبات يزداد شعور الأسير بالوحدة ويعرف المعنى الحقيقي للسجن والتضحية.
مركز أسرى فلسطين للدراسات - تقرير: مجدولين حسونة