بطبيعة الحال، فأنا معجبة بصفحة الأكاديمية الإسرائيلية الأولى في مجال التصميم والفن في "إسرائيل" المسماة "بتسلإيل"، والتي هي أكاديميتي التي أدرس بها. وأرى التحديثات التي تنشرها الصفحة دوماً. ولكن ما أثار انتباهي قبل يومين، هو صورة لرئيس بلدية الاحتلال في القدس "نير بركات" أثناء زيارة تفقدية للأكاديمية، خلال عرض طلاب السنة الأخيرة من الخريجين لمشاريعهم النهائية، وهو في حالة تمعّن وانسجام مع أحد المشاريع، وكتب تعليق بجانب الصورة، بأن "روش هعير" أي رئيس البلدية قد أتى وتفحص المشاريع.
و"العير" (أي المدينة باللغة العبرية) هي "يروشلايم" أي القدس. فقلت لنفسي بأني كنت أنوي المشاركة في حفل التخرج، لكني الآن لن أفعل، فقد تخيّلت بركات زائرا متفحصا لمشروعي النهائي الذي سيكون موضوعه ربما مستوى الفقر الذي يعيش فيه الفلسطينيون فيما يسميه هو "القدس الشرقية"، وتخيّلت ردة فعل بركات حين يراني، ويرى مشروعي. وبكل حال. فأنا ما كنت لأرحب به، لا باسم الفن، ولا باسم السلام.
[caption id="attachment_23408" align="aligncenter" width="461"]
ببساطة، هذه حكايتي مع نير بركات حتى الآن، فأنا لست مقدسية حسب التعريف العربي، ولست "يروشلميت" حسب التعريف العبري. وليس هناك حكاية مهمة أخرى سوى بعض الضجر من خوفه الزائد على أمن المدينة، وسكانها خاصة، والدولة عامة، فحواجز التفتيش قد أرهقتني يا بركات، في المشفى وفي الجامعة، وفي محطة الحافلات المركزية، وعند الدخول لمسجدي لأصلي. أثناء ممارستي "حقي في العبادة".
الآن يا صاحب السعادة، سأخبرك بحكايا القدس وأهلها. وسأكون منصفة بحقك. وصدقني بأني سأكون أعدل منك. وسأبدأ بما تحب أنت مستعرضة سيرتك الذاتية، وإنجازاتك التي يُشهد لها، وما قدمته لهذه المدينة خلال فترة رئاستك. وستخبرني أينا أكثر إنصافا.
من هو نير بركات؟
نير بركات (19 تشرين أول 1959)، رئيس بلدية الاحتلال في القدس منذ العام 2008 وحتى اليوم.
نير، هو إبن "شلوميت بركات" مدرسة رقص شعبي، و"زلمن بركات" بروفيسور في الفيزياء في الجامعة العبرية في القدس. خدم في لواء "المظليين" التابع لجيش الاحتلال الإسرائيلي لمدة ست سنوات (1977-1983)، وكذلك خدمة الإحتياط. وقد وصل إلى رتبة رائد. تلقى درجة البكالوريوس من الجامعة العبرية في القدس في علم الحاسوب. متزوج وأب لثلاث بنات. وقد حصل نير بركات على المرتبة ال43 من ضمن 100 شخصية يهودية الأكثر نفوذا للعام 2013.
في العام 1988 بدأ بركات رحلته في الصناعة المتقدمة- الهايتك عبر تأسيسه لشركة المتخصصة في مكافحة الفيروسات. وفي وقت لاحق أصبحت الشركة حاضنة للعديد من الشركات الأخرى. BRM
في العام 2003 دخل بركات غمار السياسة، حيث أسس في كانون الثاني 2003 حزب "أورشليم ستنجح" . وترشح لرئاسة بلدية القدس، وقد حصل على 43% من الأصوات مقابل فوز أوري لوبليانسكي. أصبح زعيما للمعارضة في مجلس المدينة حتى العام 2008. ثم عاد للترشح مرة ثانية في تشرين الثاني من العام 2008 ليفوز بنسبة 52% من الأصوات ليهزم منافسه مئير بوروش. ويوصف بركات كرجل سياسة علماني في مقابل منافسيه السابقين لوبليانسكي وبوروش الموصوفين بالحريديم.
لنير بركات صفحة رسمية على الفيس بوك، فيها أكثر من 55,457 معجب. ولا يمتلك أي صفحة رسمية على تويتر.
"إنجازات بالشقلوب"
من الصعب إنكار جهود رئيس بلدية الاحتلال نير بركات في تطوير مدينة القدس في عدة نواحي، أهمها تعزيز الهوية "اليروشلميت" للإسرائيليين الذي يسكنون في مدينة القدس من اليهود. ويأتي هذا التعزيز ضمن العديد من المبادرات، والميزات التي يمنحها لهم، منها تطوير الأحياء والمناطق التي يسكنون بها، وتسهيل نمط الحياة عليهم كمشروع "القطار الخفيف" الذي يسعى لتسهيل حركة التنقل للسكان. ومشاريع دمج الشباب الإسرائيليين في أعمال داخل المدينة لمنع ظاهرة الهجرة إلى مدن أخرى.
عدا عن إنجازات بركات في الجانب السياحي، فهو يسعى لتطوير مجال السياحة في المدينة عبر عدة خطوات منها مهرجان "أنوار القدس" لتشجيع السياحة في البلدة القديمة. "وسباقات الماراثون" التي يستضيفها كل عام ويكون أحد المشاركين فيها. عدا عن إنجازاته المتعلقة بمسلمي المدينة، فقد قام نير بركات مطلع شهر رمضان الجاري بإطلاق مدفع رمضان إيذانا بانتهاء اليوم الأول من الصوم بصحبة الحاج رجائي صندوقة، الموجود في شارع صلاح الدين. والذي تشرف عليه عائلة صندوقة منذ الفترة العثمانية ما قبل 200 عام.
كما ومن الصعب التغاضي عن إنجازات بركات، الذي ربما سنكون مجحفين بحقه إن قلنا أنه الوحيد المسؤول عنها، فهو بشراكة الحكومة الإسرائيلية كلها يقوم بهذه الإنجازات التي تعود على المقدسيين العرب. منها ازدهار النشاطات الدينية لمرحلة لم تسبق لها مثيل في تاريخ الدولة اليهودية، فاقتحامات المستوطنين صارت نشاطا يوميا لليهود المتدينيين للمسجد الأقصى وأداء شعائرهم التلمودية فيه. بالإضافة إلى جولات المئات من المجندين والمجندات، وضباط المخابرات في المسجد الأقصى بشكل أسبوعي. عدا عن الأعداد الهائلة للسواح التي تدخل بالمئات يوميا، دون مراعاة لحرمة المسجد الأقصى ومشاعر المسلمين. بالإضافة إلى سير خطة تقسيم المسجد الأقصى بشكل سريع وواضح أمام الإعلام. ليكون المسجد الأقصى نصفه لليهود ونصفه للمسلمين.
وفيما يخص المسلمين أيضا، فمشروع متحف التسامح، وإنشاء حديقة عامة ومجمعات تجارية يجري على قدم وساق فوق أرض مقبرة مأمن الله التاريخية الإسلامية في المدينة.
بالإضافة إلى محاولة مصادرة أراضي في حي البستان في سلوان، الحي الأقرب لسور البلدة القديمة. ثم تهجير أهالي الحي. وجرف ملعب كر القدم الوحيد لبلدة فيها 50 ألف مقدسي، لتحويله فيما بعد وفق المخطط لكراج ومنشأة للمستوطنين.
والآن .. هل منصفة أنا بهذه المقارنة؟
لن أنتظر جوابك. فأنا أعلم مسبقا رأيك فيما يتعلق بالمقدسيين. وكل أهدافك واضحة. ألست أنت من رفضت فكرة إقامة حكم فلسطيني في جزء من المدينة؟ واعتبرت الضغوط على دولة إسرائيل لتجميد البناء الإستيطاني في القدس الشرقية بأنها غير قانونية في مقابلة أجريت معك في صحيفة "ذي تايمز اوف اسرائيل" الإلكترونية؟ ألست من قلت بأنه" في حال أراد الفلسطينيون إقامة عاصمتهم في القدس فعليهم إعادة تسمية رام الله بالقدس"؟ ألست من دعمت للسماح لليهود بالصلاة في المسجد الأقصى المبارك؟ وقلت: "بأنه على المسلمين أن لا يشعروا بوجود مشكلة من خلال السماح لليهود بالصلاة في أماكنهم الدينية "؟
نعم أنت. وبعد هذا كله لن أطلب منك الإنصاف.. ولا ربعه.