زكي محفوض
تناقلت شبكات التواصل الاجتماعي ووسائل إعلامية خبر رحيل الفنان السوري نضال سَيْجَري بعد معاناة طويلة مع السرطان.
مات نضال السوري. لا تتسابقوا في نعيه. لا تتقاسموه فيما بينكم. احزنوا... الحزن كالموت لا يفرّق أحداً على امتداد الوطن. مات نضال. مات أيضاً أسعد القاطن في "ضيعة ضايعة". وماتت كل الشخصيات المرحة اللطيفة الدبقة الطيبة... مات نموذج الإنسان الإيجابي. مات أيضاً حميد زبون "حمّام بغدادي" (مسرحية لجواد الأسدي مع فايز قزق)... مات ذلك الفرد البسيط الضعيف أسير الخوف والرعب من ذاكرة أحداث دموية، مات رازحاً تحت عقدة الذنب. عاند نضال السرطان طويلاً لكنه في النهاية سقط. لعلّه لم يتحمّل سرطانين، أولهما ضرب حنجرته أفقده صوته ومنعه من التعبير عن آلامه. ثانيهما يضرب موطنه. والأمل في ألاّ ينجح هذا الثاني في قتل البلد. توفي الفنان نضال سيجري "بعد معاناة طويلة مع المرض". وكان الفنان (48 عاما) يعاني من ورم سرطاني في الحنجرة ما اضطره الى استئصالها. ... وأما إنجازاته ومواقفه (أ ف ب، خدمة دنيا) أنجز الفنان الشاب عددا من الاعمال التلفزيونية والمسرحية ابرزها المسلسل الكوميدي الناقد "ضيعة ضايعة" من تأليف ممدوح حمادة وإخراج الليث حجو. ونعى الروائي خالد خليفة الفنان، معتبرا "موته خسارة". واضاف خليفة ان "وفاته جاءت بينما بدا نجمه يلمع وبخاصة بعد دوره في مسلسل ضيعة ضايعة الذي كان نقلة نوعية في الكوميديا السورية" مشيرا الى ان الفنان "كان قريبا من الناس". أخرج نضال سيجري فيلم "طعم الليمون" الذي تناول فيه يوميات عائلات لاجئين فلسطينيين ونازحين سوريين من الجولان السوري، بالإضافة إلى مهجرين عراقيين اجتمعوا في منزل واحد، في حي فقير. وكرّم في اطار الدورة الخامسة عشرة لمهرجان دمشق المسرحي في 2010. وحاول سيجري خلال فترة النزاع القائم في سورية منذ اكثر من سنتين اعتماد مواقف معتدلة وتوافقية. وقال في لقاء اخيرا مع شبكة "سي ان ان" العربية أورد مقتطفات منها على صفحته على "فيسبوك"، "الفنانون السوريون كانوا أول من اهتزت صورتهم في أذهان الناس بفعل تصريحاتهم المتضاربة، سواء احتسبت مواقفهم على السلطة أو المعارضة". وكتب ايضا على صفحته" "أيها الموت... حتى أنت لم تكن عادلا... لم تأتِ إلاّ على الفقراء في وطني. (...) الذين استشهدوا في بلدي من عسكريين ومدنيين هم فقط من الفقراء.... الفقراء يقتلون في بلدي... والأغنياء يتشاطرون بالعدّ والاحصاء والتحريض". ومن اقواله ايضا :"لو صار السلاح في كل الأيدي... فأنا لن أحمله ولن أوجهه نحو أي سوري... لا للسلاح... ولا للموت... نعم للتعايش والاختلاف... نريد عقولاً مفتوحة على العقول... نريد أرواحاً تتسع للأرواح... سوريا أمنا العظيمه تتسع للكل وبحاجة للكل". وأطلق نضال سيجري مبادرات عدة تدعو الى المصالحة الشعبية بين الأطراف، مؤكدا أن الناس البسطاء "هم وحدهم من يدفعون الثمن."