يسمع فلسطينيا تنظيرا داخليا مهما في الحديث عن مصالحة فلسطينية فلسطينية، كحاجة للخروج من المأزق الحالي الذي تعيشه القضية الفلسطينية. الاحتياج الفلسطيني في هذا الملف استراتيجي لكن المعيقات له كبيرة للغاية تصل إلى حد الجزم أن العام القادم ستشهد الساحة الفلسطينية تجاذبات اكبر من التي عليه الآن لأسباب متعددة، و لنقاش هذا الملف نفتح السؤال المركزي ما هي معيقات الوصول لمصالحة واجبة في هذه المرحلة؟
الإجابة يمكن تلخيصها بالآتي:
أولا: هناك فيتو اسرائيلي كبير على المصالحة يصل إلى حد اعتبارها من أهم الخطوط الحمر الذي يجب على السلطة عدم تجاوزها في هذه المرحلة.
ثانيا: موقف الأوروبي والأمريكي واضح في هذه المسألة يتقاطع جوهريا مع موقف إسرائيل إلى حد التماهي الأمر الذي عبر عنه في جلسات مغلقه خلال الشهور الماضية، خاصة في الاجتماعات التي تمت للحديث عن ترتيبات ما بعد وقف إطلاق النار.
ثالثا: البنية السياسية الحالية في السلطة الفلسطينية ترى أن الذهاب بصيغة المصالحة يعتبر انتحارا على صعيد بقاء السلطة، كما ان هناك تيارا يرى بأن أي مصالحة في هذا التوقيت يشكل مد يد عون لتيار المقا..ومة الذي تمثله حم/س، التي يجب من وجهة نظرهم خروجها من المشهد السياسي بالكامل.
رابعا: لا زالت الحركة وتيارها يرى بأن مقاربة العلاقة مع السلطة، لا يمكن معه في بغية الوصول إليه التسليم بما هو مطلوب على صعيد تحجيم الدور السياسي والمشاركة في المؤسسة الفلسطينية والقرار على صعيد المنظمة والبنى التمثيلية.
خامسا: هناك زهد لدى اصحاب القرار لدى الأطراف الرئيسة في تقييم أهمية المصالحة، في هذه المرحلة، لذلك يتم الان سعي كل طرف لترتيب رؤيته للمرحلة الحالية بعيدا عن الاخر الأمر الذي يدفع خيار العمل المشترك بعيدا خلال العام الجديد.
سادسا: الحالة الشعبية الفلسطينية مستمرة في نظرتها السلبية للمشاركة السياسية، الأمر الذي يبقي خيار نمو تيار ثالثا، يستطيع خلق رؤية تصويبية في المشهد السياسي الداخلي منعدما.
السؤال هل هذا التعقيد خلق وصيغة بديلة داخلية لترتيب حد ادنى من العلاقة واجبة بين الأطراف الفلسطينية؟
حتى كتابة اركان هذا المقال الإجابة لا. ما لدينا من معلومات واضحة بأن التفكير في الساحة الفلسطينية يعيش حالة من الركود في هذا الملف، يصل إلى حد الضمور.
السؤال الاخر: هل سنشهد العام القادم كسر لهذا الركود الإجابة لا للأسف.
الامر الذي معه سنشهد صورة الحالة الفلسطينية على الآتي:
أولا: على صعيد الضفة الغربية لن نشهد اي تطوير على صعيد السلطة الفلسطينية سوى انتخابات بلدية في الضفة كاحتياج تكتيكي لإرضاء الجانب الأوروبي والأمريكي الذي يضغط باتجاه إصلاحات ستمس مفاصل مهمة خلال المرحلة القادمة متعلقة بالسلوك المالي للسلطة، المناهج، ملفات الرعاية للاسرى والشهداء ، الجرحى، عدى عن ترتيب للهيكل في الأجهزة المهمة في السلطة.
ثانيا: القطاع ستشهد ملفاته تجاذبات خطرة داخلية، اذ ستلزم الأطراف بصيغ مفروضه امريكيا، لن تكون في صالح اي من الأطراف، الأمر الذي سيفقد الفلسطيني عوامل تاثير مهمة، في ملفات: قوة الاستقرار، المرجع السياسي، مجلس الحكم، الإعمار وبنيته وشكله والياته.
ثالثا: المعضل التمثيلي وتحقيق اختراقات سياسية، ستظل هذه القضية مناط اشتباك داخلي وسيعمل كل طرف انتزاع شرعيته بخلفيته التي عليها الان ومقارباته الخاصة في ذلك، الأمر الذي يعني ترسيخ الحديث استمرار التموضع في ذات المحاور.
رابعا: الحالة العامة الاقتصادية والاجتماعية على صعيد رؤية عامة للخروج من الصعوبة التي عليها، ستظل في هذه الملفات الرؤية غائبةلغياب فكرة العمل المشترك في هذه المرحلة.
أمام ذلك هل من بدائل يمكن نقاشها على صعيد فكرة العمل المشترك؟
التفضيل استراتيجيا ايجاد فكرة مصالحة عامة وشاملة لكن مع استحالة ذلك يمكن ايجاد صيغة تفاهمات مرحلية على الآتي:
أولا: ملف الانتقال للمرحلة الثانية ومتطلبه الاتفاق على صيغة سياسية ومقاربات في ملفات الهدنة طويلة المدى، السلاح، إدارة القطاع وغيرها من عناصر الاستجابة لهذه المرحلة.
ثانيا: حالة العلاقة الفلسطنية في الضفة الغربية، على صعد مختلفة سياسية و بنيوية تتعلق بالحدود الدنيا من التفاهمات المشتركة في ملفات تتعلق بالمنهجية السياسية وإمكانية طرح مقاربات لشمل الضفة الغربية بمتعلقات الهدنة، حل مفاعيل الحصار المالي وغيرها من ملفات الاحياء الاجتماعي.
ثالثا: الاتقاق على مقاربة سياسية مرحلية تشكل مظلة التحرك السياسي الفلسطيني هذه المرحلة، تضمن مقاربات تتقاطع مع فكرة الحديث عن هدنة طويلة الأمد.
هل هناك إمكانية لذلك؟
حتى الصيغة الممكنة لا توجد اطراف داخلية فلسطينية قادرة على تقديم رؤى يمكن فرضها، كما لا يوجد في الإقليم دولة عربية يمكنها فرض مقاربات تخضع الأطراف عليها، كما لا يوجد مصلحة غربية واسرائيلية في وجود صيغة تقارب فلسطينية.
خلاصة العام القادم سيشهد جمودا في هذا الملف ومعه ستزداد التجاذبات مع دخول المرحلة الثانية، الاهم بان المقاربات الفلسطينية ستكون بحدودها الدنيا في التأثير على توجهات الأطراف المختلفة في القضية الفلسطينية.



