خاص - شبكة قُدس: تواجه 165 دونمًا من البيوت البلاستيكية في سهل بلدة زيتا، شمال شرقي طولكرم، خطر الإزالة بقرار إسرائيلي، في امتدادٍ جديد لسياسات التضييق على الزراعة الفلسطينية بمحاذاة جدار الفصل العنصري.
القرار، الذي يستهدف أراض زراعية تشكّل مصدر رزقٍ أساسي لعشرات العائلات، يأتي ضمن سلسلة إجراءات متواصلة منذ إقامة الجدار عام 2002، أدّت إلى عزل آلاف الدونمات الخصبة وتحويلها إلى مناطق مصنّفة عسكريًا، ما يهدد اليوم ما تبقّى من سلة غذاء البلدة واقتصادها الزراعي.
ومؤخرًا، أدرجت سلطات الاحتلال سهل بلدة زيتا الزراعي ضمن ما تسميه «المنطقة الحمراء»، وهو تصنيف يُستخدم لفرض قيود مشددة على الزراعة والبناء، مطالبةً بإزالة جميع البيوت البلاستيكية المحاذية للجدار، في خطوة تهدد مصدر الرزق الوحيد للمزارعين، وتضعهم أمام مخاوف حقيقية مع اقتراب انتهاء المهلة.
المزارع مفيد سيد أحمد من بلدة زيتا، والذي يملك نحو 20 دونمًا مزروعة بمحاصيل زراعية متنوعة، وهو أحد المزارعين المهددين بإزالة دفيئاته الزراعية، ويعتمد بشكل كلي على هذه الأراضي في تأمين دخله إلى جانب أبنائه الأربعة؛ يعيش حالة صعبة جراء التهديد بخسارة الدفيئات والمحاصيل المزروعة فيها، مؤكدًا أن حجم خسارته قد يتجاوز المليون شيقل في حال نفذ الاحتلال قرار إزالتها، إلى جانب فقدان مصدر الرزق الوحيد له ولأبنائه.
وأوضح سيد أحمد أن بلدية بلدة زيتا تواصلت مع المزارعين، وطلبت منهم تقديم عدد من الأوراق الثبوتية الخاصة بالأراضي الزراعية، وهي إجراءات تترتب عليها تكاليف مالية لا يملك معظم المزارعين القدرة على تحملها، في ظل الوضع الاقتصادي المتدهور الذي يواجهه الفلاحون منذ نحو عامين، ما منع عددا منهم من إصدار هذه الأوراق، نظرًا للتكلفة المالية لقاء الحصول عليها.
وأكد أن عددًا من المزارعين امتنعوا عن إعادة زراعة أراضيهم بعد انتهاء المحاصيل الخريفية، خوفًا من هدم البيوت البلاستيكية، الأمر الذي أدى إلى توقف مصدر رزقهم منذ نحو شهرين، أي منذ لحظة إبلاغهم بالقرار.
ويطالب سيد أحمد، إلى جانب المزارعين في المنطقة، الجهات الرسمية ووزارة الزراعة بالوقوف إلى جانبهم ودعمهم، مناشدًا الجهات المختصة الاستماع إلى أصواتهم ومساندتهم من أجل وقف القرار الذي يهدد رزقهم ومصدر دخلهم وعائلاتهم.
من جانبه، أوضح نائب رئيس بلدية بلدة زيتا عبد العزيز أبو حمدة، أن مساحة البيوت البلاستيكية المتضررة في البلدة المهددة بالإزالة تتراوح بين 160–165 دونمًا، في حين تُقدّر الأراضي المظللة باللون الأحمر على الخارطة بما بين 650–700 دونم، وهي أراضٍ زراعية تشكّل سلة غذاء أساسية للبلدة والمناطق المجاورة.
وأشار أبو حمدة إلى أن البلدية وأصحاب الأراضي لم يتلقوا إخطارات خطية رسمية بخصوص إزالة الدفيئات الزراعية، وإنما جرى إبلاغهم شفهيًا عبر اتصال من الارتباط الفلسطيني، يفيد بوجود قرار بالإزالة وحدد 24 من الشهر الجاري كآخر موعد. وأضاف أنه بعد ذلك جرى التواصل مجددًا مع الارتباط، الذي أبلغهم بـتجميد القرار مؤقتًا دون تحديد موعد واضح، ما يُبقي المزارعين وعشرات العائلات في حالة القلق وعدم اليقين.
وأوضح أن تفكيك البيوت البلاستيكية سيُلحق ضررًا بالغًا بالاقتصاد المحلي، لكون بلدة زيتا تعتمد على الزراعة كمصدر أساسي للدخل. ولفت إلى أن عددًا كبيرًا من المواطنين اتجهوا إلى الزراعة بعد السابع من أكتوبر، عقب إغلاق الحواجز ومنع العمال من العمل الداخل الفلسطيني المحتل، ما جعل البيوت البلاستيكية مصدر رزق بديلًا لآلاف العائلات.
تأثير ممتد
وبيّن أبو حمدة أن الأثر لن يقتصر على أصحاب الأراضي فقط، بل سيمتد إلى العاملين في الزراعة، وكذلك العاملين في تركيب البيوت البلاستيكية، وحراثة الأراضي، وأصحاب محال بيع المستلزمات الزراعية، وسائقي الشاحنات، وتجار الخضراوات، وأصحاب الآبار التي تزود الأراضي بالمياه، وحتى البلدية نفسها.
وأضاف أن منتجات هذه المزارع تصل إلى الأسواق المحلية الفلسطينية وتغذيها بالخضراوات، وبالتالي فإن الضرر سيتجاوز حدود البلدة ليطال محافظات مجاورة ويساهم في تعميق أزمة السوق.
وفيما يتعلق بالتحركات الرسمية، أكد نائب رئيس البلدية أن بلدية زيتا شرعت بخطوات قانونية ورسمية، شملت التواصل مع المحافظة، وهيئة مقاومة الجدار والاستيطان، ومؤسسات حقوقية، كما عقدت البلدية لقاءات مع أصحاب الأراضي المهددة، وبدأت بعملية مسح للأراضي وجمع الأوراق الثبوتية (إخراج القيد)، تمهيدًا لرفع قضية أمام المحاكم الإسرائيلية بهدف وقف القرار وإلغائه.
وأشار إلى وجود تنسيق متواصل مع مديرية الحكم المحلي في طولكرم، وهيئة مقاومة الجدار، ومؤسسات حقوقية، ومحامين مختصين في قضايا الأراضي، لمتابعة الملف قانونيًا وسياسيًا.
وشدد أبو حمدة، على ضرورة بقاء المزارعين ثابتين في أراضيهم، كضرورة قصوى في هذه المرحلة، محذرًا من أن استهداف البيوت البلاستيكية اليوم قد يتبعه لاحقًا إزالة الأشجار والمزروعات وصولًا إلى المصادرة الكاملة للأراضي بذريعة إقامة مناطق عازلة قرب الجدار.
وقبل شهر؛ أصدرت بلدية زيتا إعلانا للمزارعين قالت فيه إن الارتباط الفلسطيني أبلغها بقرار الاحتلال القاضي بإزالة البيوت البلاستيكية المحاذية لجدار الفصل العنصري، وتخص المزارعين في بلدات عتيل، دير الغصون، زيتا، وباقة الشرقية.





