رام الله - شبكة قُدس: رغم تسجيل الاقتصاد الفلسطيني ارتفاعاً حسابياً بنسبة 4% في عام 2025 مقارنة بعام 2024، إلا أن الناتج المحلي الإجمالي لا يزال يُظهر ركوداً ممتداً، حيث انخفض بمعدل 24% عن مستواه في عام 2023، ويعكس هذا التراجع حجم الضرر التراكمي الذي لحق بالاقتصاد منذ بدء حرب الإبادة، وهو ما أدى إلى تضرر القدرة الإنتاجية واستمرار الاختناقات في الأنشطة الاقتصادية، وفق ما جاء في تقرير مشترك للجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني وسلطة النقد الفلسطينية.
وسجل الناتج المحلي الإجمالي خلال عام 2025 انخفاضاً حاداً في قطاع غزة بلغت نسبته 84% مقارنة بعام 2023، في حين تراجع في الضفة الغربية بنسبة 13% خلال الفترة ذاتها.
ويقول التقرير الصادر عن الإحصاء وسلطة النقد، إنه رغم تسجيل الضفة الغربية ارتفاعاً محدوداً بنسبة 4.4% في عام 2025 مقارنة بعام 2024، إلا أن الناتج المحلي في قطاع غزة واصل الانكماش ليسجل تراجعاً إضافياً بنسبة 8.7% خلال نفس الفترة.
ويُعزى النمو المسجل في 2025 إلى تحسن نسبي في بعض القطاعات الإنتاجية وعودة النشاط التجاري بشكل محدود مقارنة بعام 2024، إلا أن مستوى الناتج المحلي الإجمالي في فلسطين لا يزال أدنى بكثير من مستوياته ما قبل العدوان، ما يؤكد أن الاقتصاد الفلسطيني لم يستعد بعد قدرته الإنتاجية، وأن مسار التعافي لا يزال هشّاً ومقيداً بتداعيات الحرب واستمرار القيود المفروضة، وانهيار لكافة الأنشطة الاقتصادية في قطاع غزة خلال عام 2025 مقارنة بعام 2023 وانكماش حاد في معظم الأنشطة الاقتصادية في الضفة الغربية، رغم من ارتفاعها مقارنة بعام 2024.
ووفق التقرير؛ يُعتبر الاقتصاد الفلسطيني اقتصادا خدميا، أي أن حوالي 60% من الاقتصاد الفلسطيني هو خدمات مقابل أن القطاعات الإنتاجية الداعمة للنمو الاقتصادي تشكل حوالي 19% فقط من مجمل هذا الاقتصاد، وهو ما يجعل الاقتصاد الفلسطيني اقتصادا متغيرا، يتأثر بالصدمات بشكل كبير، وخلال عام 2025 تراجعت معظم الأنشطة الاقتصادية في فلسطين مقارنة بالعام 2023.
وسجل نشاط الإنشاءات أعلى تراجع بنسبة بلغت 41% بواقع (29% في الضفة الغربية، و99% في قطاع غزة) لتبلغ قيمته 296 مليون دولار أمريكي، تلاه نشاط الصناعة بنسبة تراجع 25% (21% في الضفة الغربية، و94% في قطاع غزة) ليصل إلى 1,155 مليون دولار أمريكي، ثم نشاط الخدمات بنسبة تراجع 25% (12% في الضفة الغربية، و82% في قطاع غزة) وبقيمة وصلت إلى 6,794 مليون دولار أمريكي، كما تراجع نشاط الزراعة بنسبة 18% (ثبات في الضفة الغربية، وتراجع 92% في قطاع غزة) ليصل إلى 686 مليون دولار أمريكي.
وفي عام 2025 أظهرت معظم الأنشطة الاقتصادية ارتفاعاً هامشياً لا يعكس بدء التعافي لقطاعات الاقتصاد الفلسطيني مقارنة بعام 2024 حيث ما زالت الأنشطة الاقتصادية أقل من مستواها السابق ما قبل العدوان بحوالي الثلث في معظمها.
كما شهد حجم التبادل التجاري مع العالم الخارجي انخفاضاً نسبته 12%، حيث سجلت الواردات انخفاضاً بنسبة 17% لتبلغ 7,881 مليون دولار أمريكي خلال عام 2025 مقارنة بعام 2023، وتشكل الواردات الفلسطينية حوالي ثلاثة أضعاف قيمة الصادرات الفلسطينية، بينما شهدت قيمة صادرات السلع والخدمات في فلسطين ارتفاعاً بنسبة 5% لتصل إلى 2,856 مليون دولار أمريكي.
ووفق التقرير؛ ما زال يواجه سوق العمل الفلسطيني تحديات جسيمة في ظل استمرار الآثار الاقتصادية والاجتماعية لحرب الإبادة على قطاع غزة؛ حيث إن الأرقام ما تزال تعكس حالة من الركود والتفاوت الحاد بين الضفة الغربية وقطاع غزة.
وتعطل حوالي نصف القوى العاملة في فلسطين حيث بلغ معدل البطالة 46% خلال عام 2025، بواقع 28% في الضفة الغربية و78% في قطاع غزة، حيث بلغ عدد العاطلين عن العمل أكثر من 650 ألف متعطل عن العمل.
وشهدت نسبة المشاركة في القوى العاملة ارتفاعاً خلال عام 2025 لتصل إلى 43.7%، وقد بلغت نسبة المشاركة في القوى العاملة في الضفة الغربية 43%، بينما سجلت في قطاع غزة 38%، ولا تزال نسب المشاركة أقل من مستوياتها ما قبل الحرب.
وأوضح، أنه بعد العدوان المستمر على قطاع غزة فإنه تم تجاوز مفهوم الفقر، ووصل مستويات مختلفة من المجاعة وانعدام الأمن الغذائي، حيث تراجع إجمالي الاستهلاك خلال عام 2025 بنسبة 24% (12% في الضفة الغربية، و81% في قطاع غزة) مقارنة بعام 2023.
وعلى مستوى الأسعار في فلسطين خلال عام 2025، فقد ارتفعت حوالي 11% مقارنة بعام 2024، نتيجة للارتفاع الحاد في قطاع غزة بحوالي 22% بالرغم من تراجعها الطفيف في الضفة الغربية بحوالي 0.13%، حيث استمر الحصار الخانق شبه الكامل على قطاع غزة والذي أدى الى النقص الحاد في السلع التي تدخل إلى قطاع غزة، إضافةً لتأثر فلسطين بالوضع الإقليمي.
وعن التنبؤات الاقتصادية للعام المقبل 2026؛ فإنه يُتوقع أن ينعكس تأثيرها على أداء القطاعات المختلفة، ولا سيما القطاع الحقيقي، والقطاع المالي، والقطاع الخارجي. وتشير الافتراضات الأساسية إلى استمرار الأوضاع الاقتصادية والسياسية القائمة دون حدوث تغيّرات جوهرية وبقاء القيود المشددة المفروضة على حركة الأفراد والبضائع والمعابر، مع استمرار محدودية النشاط الاقتصادي في قطاع غزة نتيجة الدمار الواسع الذي طال البنية الإنتاجية، واقتصار النشاط على نطاق ضيق مرتبط بالمساعدات الإنسانية وعمليات الإغاثة. كما يفترض السيناريو استمرار تعطل جزء كبير من العمالة الفلسطينية عن الوصول إلى سوق العمل داخل إسرائيل، بما ينعكس سلباً على مستويات الدخل والطلب المحلي.
وعلى صعيد المالية العامة، من المتوقع استمرار الضغوط على الموازنة العامة للحكومة الفلسطينية، في ظل عدم انتظام تحويل إيرادات المقاصة واستمرار الاقتطاعات الإسرائيلية، إلى جانب تراجع الإيرادات المحلية بفعل ضعف النشاط الاقتصادي.
وفي ضوء هذه الافتراضات، تُقدّر التنبؤات أن يسجل الاقتصاد الفلسطيني ارتفاعاً ما بين (4.1% - 4.5%) خلال عام 2026. ويعكس هذا الارتفاع استمرار مسار التعافي التدريجي الذي بدأ بعد الانكماش الحاد المسجل في عام 2024، دون أن يشير إلى تعافٍ واسع أو استعادة فعلية للقدرة الإنتاجية. ويُعزى هذا النمو بالأساس إلى تحسن محدود في مكونات الطلب الكلي، ولا سيما الاستهلاك النهائي، المدعوم باستمرار تدفقات المساعدات الإنسانية والتحويلات الخاصة، إضافة إلى مساهمة إيجابية جزئية للإنفاق الاستثماري.
ونظراً لكون البيئة التي يعمل فيها الاقتصاد الفلسطيني تنطوي على قدر كبير من المخاطر وعدم اليقين، فقد تم تضمين هذه التنبؤات تحليلاً لمخاطر محتملة الحدوث بدرجات متفاوتة (السيناريو المتفائل، والسيناريو المتشائم)، والتي من المتوقع، في حال حدوثها، أن يكون لها تداعياتها الإيجابية أو السلبية على الأداء الاقتصادي في المدى القريب



